الدول العربية, لبنان

إضراب اتحاد الشغل بتونس.. قطيعة مع السلطة أم ضغط للحوار؟ (تقرير)

** المحلل السياسي هشام الحاجي: - أستبعد أي حوار بين السلطة والاتحاد حاليا وتناقض الطرفين سيد الموقف - نجاح الإضراب مشكوك فيه لا سيما مع خلافات الاتحاد والجو السياسي العام

Adel Bin Ibrahim Bin Elhady Elthabti  | 17.12.2025 - محدث : 17.12.2025
إضراب اتحاد الشغل بتونس.. قطيعة مع السلطة أم ضغط للحوار؟ (تقرير) المصدر: FB:/ugtt.page.officielle

Tunisia

تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول

** المحلل السياسي هشام الحاجي:
- أستبعد أي حوار بين السلطة والاتحاد حاليا وتناقض الطرفين سيد الموقف
- نجاح الإضراب مشكوك فيه لا سيما مع خلافات الاتحاد والجو السياسي العام
** الأكاديمي سفيان العلوي:
- التوتر بين الطرفين لا يرقى إلى القطيعة وقد يؤدي إلى تفاوضهما
- لن يجابه الاتحاد مسار الرئيس قيس سعيد لكنه قادر على التعبئة العامة
** متحدث اتحاد الشغل سامي الطاهري:
- الإضراب لإجبار السلطة على استئناف الحوار ومطالبنا نقابية واجتماعية
- نحذر من أن تؤدي القطيعة إلى توتر المشهد العام وإلغاء الحوار في البلاد

بعد إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل قبل أيام إضرابا عاما في 21 يناير/ كانون الثاني المقبل، للمطالبة بحقوق نقابية وزيادة الأجور، باتت علاقة الاتحاد بالسلطة على المحك مجددا، وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى قطيعة بين الطرفين، أو انفراجا يقود إلى طاولة التفاوض.

والجمعة، أقر اتحاد الشغل (أكبر نقابة بالبلاد) إضرابا عاما الأربعاء المقبل "دفاعا عن الحقوق والحريات وفي مقدمتها الحق النقابي والحق في التفاوض من أجل الزيادات ومكسب الحوار الاجتماعي".

وتشهد البلاد أزمة سياسية منذ أن بدأ الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/ تموز 2021 فرض إجراءات استثنائية شملت حل مجلس النواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وفي البداية، ساند اتحاد الشغل إجراءات سعيد الاستثنائية قبل أن يبدي تحفظات عليها، بعد رفض الأخير دعوات لحوار وطني أطلقها الاتحاد في ديسمبر/ كانون الأول 2022.

وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلابا على الدستور وترسيخا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011).

بينما يقول سعيد إن إجراءاته هي "تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم"، مشددا على عدم المساس بالحريات والحقوق.

وفي الأشهر الأخيرة، تشهد تونس توترا متزايدا بين اتحاد الشغل والسلطات، وسط اتهامات متبادلة بالتحريض والتصعيد، ومظاهرات احتجاجية وإضرابات مهنية ذات مطالب متعددة؛ بينها زيادة أجور العمال وتوسيع الحريات العامة ومعالجة مشاكل التلوث الصناعي.

ومقابل المطالب النقابية، تشدد السلطات مرارا على التزامها باحترام الدستور والمعايير الدولية ذات الصلة بالحريات العامة، وانفتاحها على التفاوض مع النقابات ضمن ما تسمح به إمكانات الدولة.

** رؤى متناقضة

قبل التعليق على الإضراب المرتقب، يرى المحلل السياسي التونسي هشام الحاجي أن "رؤية الرئيس سعيد تتناقض تماما مع رؤية اتحاد الشغل، حتى وإن كان الاتحاد ساند إجراءات 25 يوليو".

وخلال حديثه مع الأناضول، يستبعد الحاجي حدوث حوار حاليا بين السلطة والاتحاد، قائلا إن "التناقض يكمن في أن الاتحاد يؤمن بالحوار ويعتبر نفسه مكونا أساسيا في المشهد السياسي والاجتماعي، في حين رؤية الرئيس سعيد لا تقر بدور للهياكل والأجسام الوسيطة (أحزاب ومنظمات) وهذا عائق هيكلي في بناء علاقة طبيعية بين الطرفين".

ويشير إلى أن التناقض بين الطرفين "بدأ تدريجيا يتحول إلى جدار بين قرطاج (الرئاسة) وساحة محمد علي (مقر اتحاد الشغل)".

وهذا ما أدى بوضوح، وفق الحاجي، إلى "انهاء العمل بآلية الحوار الاجتماعي في زيادة الأجور وكانت معتمدة منذ سبعينات القرن الماضي، مع اتفاق على جدواها والحفاظ عليها رغم أنها في فترات كانت محل انتقادات وربما تدخل العامل السياسي في توجيهها والتأثير على مضامينها".

وفي تحليل أسباب لجوء الاتحاد إلى خيار الإضراب، يقول: "اتحاد الشغل يعتبر نفسه معنيا بالشأن السياسي وقضايا حريات الفكر والتنظيم ويراها ليست في أفضل حالاتها الآن وربما هذا ما دفعه لإعلان الإضراب".

معطى آخر مهم برأي الحاجي أدى إلى إعلان الإضراب وهو أن "الوضع الداخلي للاتحاد يشجع على ذلك، لأن الانشغال بالإضراب سيقلص من الخلافات الداخلية ويوجه الضغط خارج الأسوار".

لكنه يتساءل: "هل يستطيع الاتحاد بوضعيته الحالية أن يعمل على إنجاح إضرابه؟" ويجيب قائلا: "الإضراب المرتقب لن ينجح ولن يكون له تأثير سياسي لسببين".

يقول الحاجي إن السبب الأول هو أن "الاتحاد ليس على أفضل حال لأنه لم يحترم الديمقراطية داخله وكذلك مبدأ التداول على السلطة ولم يدرك أن كل تمديد هو تهديد للهياكل الداخلية".

أما الثاني فهو أن "تجربة الإضرابات العامة السابقة كانت فاشلة، وبعضها تم التراجع عنه، فضلا عن حالة اللامبالاة والنفور العامة عند الناس وسط الأجواء السياسية المشحونة".

ويجزم الحاجي بصعوبة إجراء حوار بين السلطة والاتحاد بقيادته الحالية، مضيفا: "الرئيس سعيد حين يطرق منهجا لن يتراجع عنه مهما كان الثمن، وأعتقد أن القطيعة بين الطرفين نهائية".

** توتر عابر

على عكس الحاجي، يرى الأكاديمي التونسي سفيان العلوي أن ما يحدث بين اتحاد الشغل والسلطة هو "مجرد توتر لا يرقى إلى القطيعة، وهو توتر لتحديد مواقف جديدة للتفاوض حولها".

وخلال حديثه للأناضول، يقول العلوي إن "الاتحاد معني باختبار الشارع مثل الأحزاب، وهو الذي فقد صفته كملاذ عند طبقة كاملة من المجتمع السياسي، لكنه رغم ذلك لا يزال قادرا على تحريك الشارع في الحد الأدنى".

ومحللا تنقل الاتحاد من مساندة الرئيس سعيد إلى إعلان الإضراب، يوضح أن عبارة "خذها ولا تخف" التي أطلقها متحدث اتحاد الشغل سامي الطاهري بعد إجراءات سعيد في يوليو "لم تكن زلة لسان بل كانت تفويضا صريحا، وحتى دعوة الحوار لم تكن سوى رفعا للحرج".

ويتابع العلوي: "لن يذهب الاتحاد بعيدا في مجابهة مسار 25 يوليو إلا في ظل قيادة مختلفة تقرأ الأمور على نحو مختلف، ولن تذهب السلطة بعيدا في استهداف الاتحاد إلى حد حله أو محاكمة قيادته وستراهن أكثر على جلبه إلى بيت الطاعة عبر هياكله ومن داخله".

ورغم ذلك، يشير العلوي إلى أن "للاتحاد خبرة طويلة في التعامل مع السلطة، ولا يزال يحتفظ بسند واسع من النخب والرأي العام ولا يزال قادرا على التعبئة".​​​​​​​

** استعداد للحوار

في المقابل، يؤكد متحدث اتحاد الشغل سامي الطاهري صعوبة التواصل حاليا بين الاتحاد والسلطة، معتبرا أن "للسلطة خيار سياسي هو التفرد بالحكم والقرار ورفض الحوار".

وخلال حديثه للأناضول، يعتبر الطاهري أن "السلطة تريد محو أي جسم وسيط بما في ذلك الاتحاد والمجتمعين المدني والسياسي، لتبقى برأسها هي التي تحكم" وفق تعبيره.

ويضيف: "نحن نعتبر هذا الاتجاه انحرافا عن الديمقراطية وإرساء لمنظومة استبداد لن تحقق أي استقرار اجتماعي أو سياسي في البلاد".

وبشأن اتهامات سعيد عن تحول العمل النقابي إلى غطاء لممارسات سياسية، يقول الطاهري إن "إنكار الدور السياسي الآن هو محاولة للضغط على الاتحاد".

ومنذ إجراءات 25 يوليو 2021، يعتبر الرئيس سعيد أن لاتحاد الشغل دورا نقابيا فقط، وسبق أن صرح عام 2023 بأن "الحق النقابي مضمون بالدستور، لكن لا يمكن أن يتحوّل إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على أحد".

ويدافع الطاهري عن مواقف الاتحاد قائلا: "مطالبنا اجتماعية وخاصة زيادة الأجور وحقوق العمال وهي مكفولة بالدستور والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها تونس".

وعن مآلات القطيعة الحالية بين اتحاد الشغل والسلطة، يحذر الطاهري من أن تؤدي إلى "توتير المشهد العام وإلغاء الحوار في البلاد، لا سيما أننا في وضع إقليمي ودولي صعب لا يحتمل التوتر".

وبسؤاله عن جاهزية الاتحاد للحوار مع السلطة قبل الإضراب المعلن، يقول إن "الإضراب هو من أجل إجبار السلطة على استئناف الحوار الاجتماعي والتفاوض وتطبيق الاتفاقات والاعتراف بالحق النقابي وهي مطالب اجتماعية ولم ننازعه السلطة".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.