موسيقى "كناوة" المقدسة إفريقياً... رحلة من بلاد "تمبكتو" إلى المغرب الأقصى
"الأناضول" في رحلة ثقافية في المغرب تستكشف ملامح الارتباط بالعمق الإفريقي، عبر موسيقى "كناوة " المقدسة لدى الإنسان الأسمر وترتبط بالتصوف الإسلامي

الصويرة – الأناضول
على شواطئ المحيط الأطلسي جنوب المغرب، يحج إلى مدينة "الصويرة – موكادور" (450 كلم عن الرباط) في مثل هذه الأيام من كل سنة آلاف المغاربة والأجانب لمتابعة مهرجان المدينة السنوي ''مهرجان كناوة... موسيقى العالم"، الحدث حسب مهتمين يتجاوز البعد الاحتفالي الفولكلوري إلى الكشف عن وجه آخر لطبيعة العلاقة بين المغرب ومعه بلدان المغرب العربي بعمقها الإفريقي وامتداداته الثقافية والحضارية.
وعلى إيقاع الأهازيج الإفريقية تستضيف مدينة الصويرة بالساحل الجنوبي للمغرب فرقًا موسيقية "للفن الكناوي" من كل مدن المغرب وأخرى قادمة من بعض البلدان الإفريقية، فموسيقى كناوة تعد عند المهاجر الإفريقي الذي استوطن المغرب الأقصى بعد دخوله الإسلام، موسيقى مقدسة ربطها بالتصوف الإسلامي ووسيلة لربطه بالوطن الأم وثقافته .
أما قدسيتها فتعود لدى العديد من القبائل الإفريقية إلى أساطير قديمة حملها المهاجر من بلاد تومبكتو قديمًا والسودان وغانا إلى المغرب في رحلات هجرة قسرية حينًا وطوعية حينًا آخر.
"استطعنا بواسطة الموسيقى أن نحفظ خصوصيتنا الثقافية... موسيقى كناوة هي إرث لأجدادنا الذين استقدمهم سلاطين المغرب من كينيا وغانا ومالي من أجل الخدمة... هي تروي قصة معاناة الرق ولكنها موسيقى دينية كذلك ترتبط بالإسلام واعتناق أجدادنا له'' بقول "المعلم محجوب" رئيس إحدى الفرق الموسيقية لفن كناوة بمدينة الصويرة في تصريح للأناضول.
أما مدينة الصويرة بالساحل الجنوبي للمغرب فكانت إحدى المدن الرئيسية التي استوطنها الزنوج الأفارقة القادمون إلى المغرب، وشكل مرفأ المدينة نقطة اتصال تجارية وثقافية مهمة بين "تمبكتو" عاصمة البلاد الإفريقية المسلمة والغرب الإسلامي.
"الصويرة كان يقطنها إلى جانب سكانها المسلمين أغلبية عبرانية يهودية... عند قدوم أجدادنا إلى المغرب استطاعوا أن يتأقلموا مع أجواء الشمال الإفريقي بفضل الإسلام.. ومدينة الصويرة تضم مزار ولي صالح "بلال" يعد شيخ الطريقة الصوفية الكناوية جاء إلى المغرب منذ مئات السنين" يضيف محجوب.
لكن موسيقى "كناوة" في المغرب تأثرت كذلك بالرافد الثقافي العربي والأمازيغي، فنظم الشعراء "الكناويون" أشعارًا لأغانيهم امتزجت فيها الكلمات الإفريقية القديمة بأخرى عربية وأمازيغية. وسرعان ما أخذت هذا اللون الموسيقي بعدًا عالميًا فأدخلت إليه بعض الأنواع الموسيقية الأخرى كــ"الجاز".
"موسيقى كناوة بألحانها الإفريقية التي تعود إلى آلاف السنين تحمل رسالة للتعريف بالإنسان الإفريقي وثقافته... تروي كل أغاني كناوة قصة ذلك اللقاء التاريخي بين إفريقيا السوداء والإسلام... هذه الموسيقى منتشرة في السودان ومالي وكينيا والسنغال ومرتبطة بالطرق الصوفية المنتشرة بشكل واسع هناك وهذا الثراث الموسيقي نقل إلى المغرب والجزائر وتونس كذلك" يقول المعلم عبد السلام رئيس فرقة لموسيقى كناوة محلية بالصويرة.
وأصبحت مدينة الصويرة، التي يعود تاريخها لتواجد الفينيقي في المغرب، بفضل المهرجان العالمي الذي يقام كل سنة بالمدينة قطبًا سياحيًا مهمًا في المغرب، حيث يستضيف المهرجان فرقًا موسيقية ثراثية من مختلف بلدان العالم خاصة البلدان الإفريقية وفرق الجاز "موسيقى السود الأمريكية".
"هذا الخليط الثقافي المتنوع الذي يقدمه المهرجان، وهذا الحوار الافتراضي عبر الموسيقى بين مختلف هذه الثقافات على اختلاف روافدها يؤكد أنه لا وجود لفكرة صراع الحضارات في ذهن البعض، فأنا أتعرف إفريقيا هذه المرة مباشرة عبر ثراتها الموسيقي" بقول "سعد 26 سنة " أحد زوار المهرجان للأناضول.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.