مصريون لا يعرفون أسماء المرشحين لرئاسة بلدهم
يظهر جهل مصريين بمرشحيهم للرئاسة في المناطق التي تعاني من تدنٍ في مستوى المعيشة، وارتفاع نسبة الأمية؛ ما دفع محاميًا لرفع دعوى قضائية لمنع الأميين من التصويت

القاهرة- الأناضول
حازم بدر
قبل يوم واحد تقريبا من انطلاق سباق الإعادة في الانتخابات الرئاسية، هناك في مصر من لا يعرف اسمي المرشحين المتنافسين، محمد مرسي وأحمد شفيق، ولو عرف أسماءهم فلا يملك معلومات تذكر عنهما، بحسب ما كشفت عنه جولة قام بها مراسل وكالة أنباء "الأناضول" في حي بولاق أبو العلا الشعبي بوسط القاهرة.
المصريون في هذه المنطقة، المعروفة بتدني المستوى المعيشي، لا يعنيهم من يخوض سباق الانتخابات، ولا من يفوز، كل ما يهمهم هو "لقمة العيش"، وكيف يتحصلون عليها، وهو ما عبّر عنه أحدهم بقوله: "سأنتخب لقمة العيش".
البداية كانت مع ميمي حسن يونس "عربجي"، سائق لعربة يجرها حمار، والذي لم تكن لديه فكرة أن هناك شيئًا في مصر يسمى انتخابات.
يقول لمراسل وكالة أنباء الأناضول: "أنا سمعت الناس بتقول إن في انتخابات بعد كم يوم".
زميله سامي كمال الذي كان يجلس بجواره أظهر معرفته باسمي المرشحين، وقال إنه سينتخب أحمد شفيق، المحسوب على نظام الرئيس السابق حسني مبارك، لكن عندما سألته عن الأسباب التي دفعته لذلك اكتفى بقوله: "راجل شكله كويس(جيد)".
والطريف أنه لا يعرف أي معلومات عن المرشح، فشفيق الذي كان طيارا بالجيش، ولم تكن له أدنى علاقة بمهنة التدريس، لم يجد سامي مشكلة في أن يقول"أكيد هيقدر يفدنا بخبرته في تطوير التعليم"!
وبينما كان سامي يتحدث معي، جاء لزيارته صديقه صلاح الذي رفض الحديث في الموضوع، وقال بلهجة حادة:"متكلمنيش عن انتخابات، كلمني عن لقمة العيش، أنا هنتخب لقمة عيشي".
ما قاله الحاج صلاح عبّرت عنه أنيسة السيد التي كانت تجلس أمام بيتها المتواضع، وتضع منضدة عليها بعض الألعاب النارية لتبيعها للأطفال.
أنيسة قالت: "يابني انتخابات إيه.. أنا لما أروح أنتخب، مين هيأكل العيال في اليوم ده؟".
ولم تبدِ معرفة بأي من المرشحين، بل إنها قالت: "بيقولوا في واحد معقول اسمه صباحي، هقول لابني ينتخبه".
وحمدين صباحي كان من المتنافسين على لقب الرئيس في الجولة الأولى، ولكنه خرج من السباق بعد حصوله على المركز الثالث، فيما يتنافس في الجولة الثانية المقررة السبت والأحد القادمين كل من أحمد شفيق، ومرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي.
في نفس الشارع الذي تقيم فيه أنيسة، وعلى بعد خطوات، كانت تجلس سيدة محمد إبراهيم وزوجها عبده بدر، يجلسان أمام محلهما التجاري البسيط..الزوج يعرف أسماء المرشحين، لكن زوجته لا تعرف سوى أنها ستنتخب "الرجل السني(المتدين) بتاع ربنا"، في إشارة إلى محمد مرسي.
في الشارع المقابل لسيدة وزوجها عبده بدر، كانت المعلومات عن الانتخابات أكثر ضآلة، حتى إن كريمة محمود، التي كانت تجلس بجوار منزلها واضعة يدها على خدها لم تكن تعرف أن هناك انتخابات ستجرى في مصر.. وقالت: "انتخابات إيه.. أنا ست تعبانة".
وفي محاولة للخروج من المأزق استغلت مرور جارها كمال عوض من أمامها، ونادت عليه قائلة "كمال الأستاذ بيسألني عن الانتخابات".
نظرات واثقة ارتسمت على وجه كمال، وكأنه يريد أن يقول: "لماذا لم تأت لتسألني أنا"، لكن هذه الثقة لم تكن على أساس من المعرفة، حيث قال : "انتخابات الرئاسة الشهر الجاي (شهر يوليو/تموز) يا حاجة كريمة"، رغم أن الانتخابات ستجري في 16 و17 الشهر الجاري.
مشكلة الجهل بالمرشحين الناجمة عن الأمية – التي تقدر رسميا بحوالي 27% من إجمالي عدد السكان - هي التي دفعت أحد المحامين إلى رفع دعوى مؤخرا أمام القضاء الإداري لمنع الأميين من التصويت في الانتخابات؛ لما قد يكون لأصواتهم من تأثير على مستقبل الوطن، غير أن محكمة القضاء الإدارى أحالت الدعوى إلى هيئة المفوضين لإعداد تقرير قانوني.
وكان المحامي هشام خليل صاحب الدعوى أكد في دعواه أن الشريعة الإسلامية والدستور يحثان على التعليم، والدستور يلزم المواطنين بالتعليم باعتباره واجبًا وطنيًا، واعتبر أن مشاركة الأميين في التصويت مخالفة لمبادئ الدستور، حيث إن أداء الواجب الوطني شرط أصيل في المطالبة بالحقوق السياسية والدستورية.
وأكد المحامي في دعواه أن إدارات المرور التابعة لوزارة الداخلية لا تعطى لأي شخص الحق في استخراج رخصة قيادة إلا بعد حصوله على شهادة محو أمية أو التعليم الأساسي؛ خوفًا من أن يصيب أحدًا بالخطأ لعجزه عن قراءة اللافتات المرورية.
وتابع: "فما بالنا فيمن يصيب أمة بأكملها إذا قام بالإدلاء بصوته في الانتخابات، وهو لا يستطيع أن يقرأ برنامج المرشح؟".
ومن ناحيتها، رفضت د.عزة كريم، الخبيرة بمركز البحوث الاجتماعية، هذه الدعوة واصفة إياها بالفئوية، وتكشف عن "تعالٍ"من المتعلمين تجاه الأميين.
وقالت لـ"وكالة الأناضول للأنباء": "ما ذنب الأمي أن المجتمع حرمه من حقه في التعليم، هل يحرم من حقه – أيضًا – في الانتخابات؟".
وأكدت عزة أن ما كشفت عنه جولة مراسل وكالة "الأناضول" من غياب الوعي لدى قطاع من المصريين، يرجع في الأساس ليس للأمية، ولكن للظروف الاقتصادية الصعبة.
وقالت: "هم لا يفرق معهم إن كان شفيق أو مرسي؛ لأنهم يعيشون في دولة هم خارج اهتماماتها"، محذرة من استغلال الحاجة الاقتصادية لهذه الفئة لصالح مرشح بعينه، في إشارة إلى الرشاوى الانتخابية.
ونصحت بأنه: "علينا أن نتحمل هؤلاء؛ فمع تعود المجتمع على الممارسة الديمقراطية سيصبحون أكثر إدراكًا لقيمة الصوت الانتخابي".
حب/إب/حم
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.