"سينلوي".. تاريخ موريتاني وواقع سنغالي
ظلّت محطة شهيرة للبواخر الأوروبية لتجارة الرقيق والذهب والعاج والصمغ العربي، وكانت عاصمة الاستعمار الفرنسي في الغرب الأفريقي بالكامل.

سيدي ولد عبد المالك
سينلوي (السنغال) - الأناضول
جاء احتفال موريتانيا بالذكري الثانية والخمسين لاستقلالها يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري ليلقي الضوء على مدينة "سينلوى" السنغالية باعتبارها المنطقة الأهم للموريتانيين إبان الاستعمار الفرنسي.
وخلال الاحتفالات، بدت مدينة "سينلوي" السنغالية (شمال غرب البلاد) بعيدة عن الحدث، باستثناء باخرة تحمل العلم الموريتاني لأغراض سياحية ترسو على ضفاف النهر، على بعد أمتار قليلة من مراكز الإدارة الاستعمارية الفرنسية بالمدينة.
غير أن "سينلوي" أو "اندر"، باللهجة المحلية "الولفية"، كانت مدينة ذات شأن بالنسبة للموريتانيين، فهي عاصمة بلاد المرابطين قبل استقلالها عن فرنسا سنة 1960، بل وكانت عاصمة لمستعمرات فرنسا في الغرب الأفريقي بالكامل.
وكانت المدينة محطة شهيرة للبواخر الأوروبية لتجارة الرقيق والذهب والعاج والصمغ العربي، كما تحسب في طليعة المدن التي بناها الفرنسيون في غرب أفريقيا، وكان سكانها يتمتعون بحق المواطنة الفرنسية.
ويقول الباحث الموريتاني "سيد أعمر ولد شيخن"، لمراسل وكالة الأناضول للأنباء، إن علاقة الموريتانيين بسينلوي سبقت وجود المستعمر الفرنسي بالمنطقة، مشيرًا إلى أن المدينة كانت في السابق منطقة جغرافية تابعة لإمارة اترارزة، إحدي أهم الإمارات الحسانية في موريتانيا.
ويضيف أن هناك عوامل أخري كانت تربط الموريتانيين بهذه المدينة منها زواج أمير اترارزة محمد لحبيب بالأميرة جمبت سليلة أحد ملوك منطقة النهر، بالإضافة إلى العلاقات القوية التي كانت تربط أمراء "الماميين الزنوج" بالمنطقة مع الحركات الإصلاحية بموريتانيا.
ويلفت إلى أن الأهمية الاستعمارية لمدينة "سينلوي" ظهرت مع انتكاسة مشروع الحاكم الفرنسي بموريتانيا اكزافي كبلاني، الذي قتل العام 1905، فقد كان هذا الحاكم يخطط لاستراتيجية تقوم على تواصل إقليمي لموريتانيا مع عمقها الشمالي العربي، على حساب عمقها الجنوبي الأفريقي، حيث ظهر تيار فرنسي "بعد موت كبلاني علي يد المجاهد سيدي ولد مولاي الزين سنة 1905"، يفضل أن تكون إدارة موريتانيا من سينلوي، لعدة اعتبارات منها كون الزحف الاستعماري جاء من ناحية الجنوب، كما أن أمراء ووجهاء المنطقة الجنوبية من موريتانيا كانوا في العموم يحتفظون بعلاقات ليست سيئة مع الاستعمار، بحسب ولد شيخن.
ولا ينسي الباحث الموريتاني الدور السياسي للمدينة، حيث يعتبر أن كل العمليات السياسية كانت تنضج في سينلوي قبل أن تصدر إلى موريتانيا، كانتخابات ممثل موريتانيا في البرلمان الفرنسي عام 1946، ثم قانون الإطار لسنة 1957 الممهّد لاستقلال موريتانيا عن فرنسا.
من جهته، يقول "ادوارد جوب"، أحد مسني المدينة، لمراسل الأناضول، إن التواصل بين الموريتانيين والسنغاليين قبل الاستقلال كان قويًّا للغاية في المجالات الإدارية والتجارية.
وأشار إلى أنه كانت هناك أحياء خاصة بالتجار الموريتانيين والوافدين لأغراض إدارية أو سياسية، ويتحسر "جوب" على الواقع الحالي للمدينة فهو يعتبر أن نقل العاصمة إلى داكار "كان خطأ كبيرًا، أدي إلى أن تفقد المدينة حضورها التجاري والسياسي القوي".
ولاتزال الآثار القديمة للمدينة تحتفظ بمسحة استعمارية واضحة كبعض المباني الإدارية والسكنية والمخازن التجارية والطرق والجسور، ويعد جسر "فيدرب"، الرابط بين طرفي المدينة، من أقدم جسور غرب القارة الأفريقية، وتم إنشاؤه العام 1865.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.