archive, الدول العربية

"القرار".. أول صحيفة سودانية يمتلكها صحفيون

رئيس قسم الأخبار بالصحيفة قال إن أغلب الناشرين ليس لهم علاقة بالمهنة وأنهم اقتحموها من مهن ذات صلة مثل تجارة الورق والأحبار وملكية المطابع

17.10.2012 - محدث : 17.10.2012
"القرار".. أول صحيفة سودانية يمتلكها صحفيون

محمد الخاتم

الخرطوم – الأناضول

عندما انتصف ليل الاثنين- الثلاثاء بإحدى مطابع الخرطوم كان أزيز محركاتها يعلن صدور أول صحيفة، تعود ملكيتها بالكامل لصحفيين شباب، في تاريخ الصحافة السودانية الممتد لأكثر من مائة عام وسط ابتهاج وتصفيق حار من صحفييها وهم يعانقون بعضهم البعض وعمال المطبعة.

قبل سبعة عشر شهرا كان ثلاث من الصحفيين الشباب درجوا على اللقاء في مقهى بوسط العاصمة يتناقشون بطريقة فاترة الأوضاع "المزرية" لمهنة الصحافة في كل جوانبها وبالأخص الجانب المتعلق بسوء إدارة الناشرين لصحفهم دون ترتيب لسلم الأولويات أو مراعاة لحقوق الصحفيين المادية والأدبية على حد سواء.

وانتهى النقاش إلى قرار كان أقرب للمغامرة من أي شيء آخر عندما اتفق ثلاثتهم على الشروع الفوري في إعداد دراسة جدوى لتأسيس صحيفة تعود ملكيتها للصحفيين ووقع اختيارهم على سبعة صحفيين آخرين ليشكلوا بذلك لجنة مبادرة من عشرة أشخاص تولوا إعداد الدراسة والطرق المتاحة وحتى المستحيلة لتأسيس الصحيفة.

في المطبعة عندما كان الصحفي ياسر جبارة يحتضن النسخة الأولى من صحيفة "القرار" وكأنه يمسك بها إلى الأبد كان يسترجع ذكريات ومخاض التأسيس مع مراسل وكالة الأناضول قائلا : "فجر الثلاثاء هو فجر استثنائي في تاريخ الصحافة السودانية لأن المهنة تعود لأصحابها بعد أن اختطفت ردحا من الزمن".

قال جبارة وهو رئيس قسم الأخبار في الصحيفة إن أغلب الناشرين المالكين للصحف ليس لهم علاقة بالمهنة وأنهم اقتحموها من مهن ذات صلة بها مثل تجارة الورق والأحبار وملكية المطابع لذا كانت نظرتهم للصحف نظرة ربحية بحتة دون أي اعتبار للشروط الخاصة بالمهنة.

واستشهد جبارة (35 عاما) بما سماه الاضطراب في ترتيب أولويات صرف إيرادات الصحيفة للدرجة التي تجعل من راتب الصحفي في مؤخرة أولويات الناشر وأن عملية تدريبه وتأهيله مجرد ترف وإهدار للمال العام ناهيك عن إرهاقه بدوام عمل يتجاوز 16 ساعة في اليوم وبأجر ضئل للغاية.

وأضاف أن هناك بعض الذين يروا في التجربة تهديدا لمصالحهم حاولوا على استحياء عرقلتها أو التقليل منها الأمر الذي هزمته إرادة الشباب.

بينما قال رئيس قسم التحقيقات في الصحيفة، يوسف حمد، إن "المحرك الأساسي للسياسة التحريرية للصحيفة هي ثقتنا في القارئ السوداني واحترامنا لعقله الذي جعله يعزف عن قراءة الصحف في العشرين سنة الأخيرة".

وأوضح أن البلاد بها 52 صحيفة ومتوسط توزيعها لا يتجاوز 400 ألف نسخة وهو رغم ضعيف للغاية مقارنة بما كانت توزعه الصحف قبل عقدين حيث كانت هناك صحيفة واحدة فقط يتجاوز توزيعها 100 ألف نسخة.

ونبه إلي عزمهم تفادي الأزمة التحريرية التي قال إن "الصحف تعاني منها وذلك لبعدها عن هموم المواطنين بكل ولايات السودان وحصر تغطياتها على أنشطة وأحداث العاصمة ووصف ذلك بالكسل الذهني والبدني المخجل الذي لا يتماشى مع مؤسسة رسالتها بث الوعي والاستنارة".

وأشار حمد (33 عاما) إلى أن تجربتهم تمثل عملية جراحية ملحة لفصل ما وصفه بـ"التوأم السياسي الصحفي" حيث أن كثير من الصحفيين عملوا على تسييس المهنة بابتذال أخل بمصداقيتها، ورأى أن الأمر أضر بالصحافة والسياسة على حد سواء وأن على الصحف تبني قضايا شعبها وتحتكم  إليه وليس للسلطة أو معارضيها.

من جانبه، شرح رئيس القسم السياسي عادل عبد الرحيم الكيفية التي تم بها تمويل الصحيفة حيث تم تجميع مبالغ محدودة من بعض الصحفيين الذين يعانون أوضاع معيشية قاسية ومن ثم تم التفاوض مع مؤسسة تمول مشاريع الشباب عبر برنامج التمويل الأصغر والتي أقرضتهم مبلغ يتم سداده على فترات متفق عليها.

وقال عبد الرحيم إنه في كل خطوة كانت هناك عقبات وبالأخص في الجانب المالي إلا أنها على الدوام كانت تزلزل بإرادة المجموعة وإيمانها بقضية مهنتها .

وأضاف ساخرا: "لاكتشاف عظمة الشباب وإرادتهم عليك أن تعرف أن أعضاء لجنة المبادرة عندما أنهوا الاجتماع الخاص بإجازة دراسة الجدوى لتأسيس صحيفة يتطلب مئات الآلاف من الجنيهات لم يكونوا يملكون جنيها واحدا يصلون به إلى منازلهم والآن هم قد وصولوا نقطة اللاعودة لكتابة التاريخ المشرق للصحافة السودانية".

وشغلت الصحيفة الرأي العام السوداني وحظيت بمتابعة كثيفة خصوصا في الأوساط السياسية والإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت منذ الإعلان عنها قبل شهرين.

وأصدر اتحاد الصحفيين السودانيين بيانا أشاد فيه بفكرة الصحيفة التي يملكها ويحررها 25 من الصحفيين والصحفيات الشباب، مؤكدا مساندته لها.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın