أبرز 4 حركات إسرائيلية مسؤولة عن جرائم الاستيطان بالضفة (إطار)
في إسرائيل تتعدد حركات وجمعيات الاستيطان، فهي أدوات متقدمة لتكريسه وتوسيعه ومحاولة تهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة.
Quds
خالد يوسف / الأناضول
- الحركات هي "غوش إيمونيم" و"أمانا" و"ناحالا" و"إلعاد"- الجيش الإسرائيلي يواصل عدوانا على الضفة الغربية المحتلة يهدف بالأساس إلى تكريس وتوسيع البناء الاستيطاني
- الاستيطان بدأ في الضفة الغربية إثر احتلالها عام 1967
- الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أسست مئات المستوطنات على أراض محتلة ويقيم فيها أكثر من 700 ألف مستوطن
- إسرائيل تتجاهل منذ عقود دعوات الأمم المتحدة لوقف الاستيطان لكونه "غير قانوني" ويقوض إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين
في إسرائيل تتعدد حركات وجمعيات الاستيطان، فهي أدوات متقدمة لتكريسه وتوسيعه ومحاولة تهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومنذ احتلال إسرائيل الضفة الغربية عام 1967، أسست الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مئات المستوطنات ويقيم فيها أكثر من 700 ألف مستوطن.
وتؤكد الأمم المتحدة أن هذا الاستيطان "غير قانوني"، ويقوض فرص تنفيذ مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) المنصوص عليه في قرارات دولية، وتدعو إلى وقفه منذ عقود بلا جدوى.
وفي ظل عدوان عسكري إسرائيلي متواصل بالضفة الغربية ويمهد عادة لتوسع استيطاني، ترصد الأناضول في هذا الإطار نشأة الاستيطان وأبشع حركاته وجمعياته.
** بداية الاستيطان
بعد حرب يونيو/ حزيران 1967، وضع حزب العمل الحاكم في إسرائيل آنذاك حجر الأساس للمشروع الاستيطاني بالضفة الغربية، وفقا لموقع "ميدا" الإخباري العبري في 17 مايو/ أيار 2023.
وأضاف أن هذا المشروع أُطلق عليه اسم "مشروع آلون"، في إشارة إلى العسكري والسياسي إيغال آلون الذي كان نائبا بالكنيست وعضوا بالحكومة.
هذا المشروع ركز على "الاستيلاء" على الأراضي الفلسطينية تحت مسمى "الأغراض العسكرية والأمنية".
وكان هدفه الرئيس هو الاستيطان وتوطين اليهود بالضفة الغربية لأغراض دينية وزراعية وصناعية ومصادرة المياه الجوفية الفلسطينية.
وأوصى آلون باتخاذ خطوات استيطانية بدعوى ضمان وجود إسرائيل، بينها إنشاء حدود آمنة ملائمة في حالة الدفاع، من حيث طبيعتها الطبوغرافية وعمقها الاستراتيجي.
ومن بين هذه الحدود نهر الأردن ووادي الأردن والجولان (السوري) وأجزاء واسعة من الضفة الغربية، مع توسيع بناء المستوطنات، وفقا لـ"ميدا".
وفي 1948 أُقيمت إسرائيل على أراضٍ فلسطينية محتلة، بعد مجازر ارتكبتها عصابات صهيونية مسلحة هجرّت مئات آلاف الفلسطينيين من منازلهم.
** حركات الاستيطان
1- "غوش إيمونيم"
تعني "غوش أمونيم" بالعبرية "كتلة المؤمنين"، وهي أبشع الحركات التي تقود الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
وأُسست عام 1974، وزاد نفوذها بقوة في 1977، إثر وصول حزب "الليكود" (يمين)، الذي يتزعمه حاليا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى الحكم خلفا لحزب "العمل".
الحركة استغلت انتشار ثقافة عدم التفريط فيما يُزعم أنها "أرض إسرائيل الكبرى" وتكريس السيادة اليهودية عليها، بحسب موقع "كوتار" العبري في 9 فبراير/شباط الماضي.
واستهدفت بناء أكبر عدد من المستوطنات والكتل والبؤر الاستيطانية بمناطق سكنية مأهولة ومتفرقة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية لتوطين مليون يهودي بالضفة.
وجذبت الحركة الكثير من اليهود المتشددين لصفوفها، وواجهت بشراسة جنود الجيش حين حاولوا أحيانا تفكيك بؤرة استيطانية، وركزت على مد الطرق لربط البؤر والكتل الاستيطانية ببعضها بعضا.
وكانت أولى المستوطنات التي بنتها في منطقتي نابلس (شمال) ورام الله (وسط).
ففي عام 1977 أسست ثلاث مستوطنات في المنطقتين، هي "عوفرا" و"كيدوميم" و"معاليه أدوميم"، وبعدها عشرات المستوطنات في أنحاء الضفة الغربية.
وتوظف الحركة المتطرفة العامل الديني وتردد أفكارا متشددة من التوراة، في محالة للربط بين ما تزعم أنها مصادر دينية وأرض "إسرائيل"، بزعم تنفيذ وعد إلهي بإقامة مملكة "إسرائيل الكبرى".
2- "أمانا"
أُسست حركة "أمانا" عام 1978 كجسم تنظيمي داعم لحركة "غوش إيمونيم"، وتعمل على إقامة مستوطنات جديدة وتطوير القائمة.
وبحسب الموقع الإلكتروني للمجلس الإقليمي لمستوطنات الضفة الغربية، تعمل "أمانا" على استيطان مناطق جديدة بمناطق مختلفة، سواء بالجولان السوري المحتل أو الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتركز على استيطان المناطق الجبلية، بزعم أنها "الاحتياطي الأرضي الوحيد للشعب اليهودي، جراء الزيادة المتوقعة في عدد السكان والكثافة السكانية في الأراضي المنخفضة والسهل الساحلي"، على حد تعبيرها.
ولم تكتف الحركة بالبناء الاستيطاني فحسب، بل تضع أيضا خططا لاستيعاب المهاجرين وتوطينهم وضمان تنفيذها وفقا للظروف السياسية.
3- "نحالا"
دُشنت حركة "نحالا" في 2005، دعما أيضا لحركة "غوش إيمونيم"، وركزت على توسيع دائرة نفوذ المستوطنات القائمة ونشر البؤر الاستيطانية على أوسع مساحة ممكنة في الضفة الغربية.
وبحسب قناتها على منصة "يوتيوب"، أُسست "نحالا" على يد موشيه ليفنجر ودانييلا فايس، وهما من أهم داعمي الاستيطان.
تتبنى الحركة نهج وأفكار "غوش إيمونيم"، وتستند في إقامة ودعم وتأييد الاستيطان بالضفة الغربية على زعم "أرض إسرائيل الكبرى" ومعارضة الحلول السياسية ووجود الشعب الفلسطيني على أراضه.
وساهمت "نحالا" في إقامة أكثر من 60 بؤرة استيطانية حتى عام 2022، بحسب قناتها على "يوتيوب".
وتحظى الحركة بدعم وتأييد أحزاب دينية متطرفة، مثل "الصهيونية الدينية" بزعامة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، و"القوة اليهودية" بقيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وبعد وفاة ليفنجر، تقدم فايس دعما ماديا ومعنويا بكل حركات المستوطنين الإرهابية، التي ترتكب جرائم يومية بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم ومصادر أرزاقهم.
ومن بين هذه الحركات: "حبد" و"تدفيع الثمن" وشبيبة التلال"، و"عوري تسافون".
4- "إلعاد"
أُسست جمعية "إلعاد" الاستيطانية في سبتمبر/ أيلول 1986 على يد المستوطن ديفيد باري، وفقا لصحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية في 31 ديسمبر/كانون الأول 2020.
الصحيفة أفادت بأن هدف الجمعية هو تطوير مدينة القدس القديمة، وتعميق ارتباط شعب إسرائيل والعالم أجمع بالقدس، واستمرار بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويتسمك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل المدينة عام 1967 ولا بضمها إليها في 1980.
و"إلعاد" هي اختصار للجملة العبرية "إلى عير دافيد"، وتعني "نحو مدينة داود".
وهذه الجملة مستمدة من نصوص توراتية، وتستهدف فرض مزاعم بأن القدس المحتلة كانت "عاصمة دينية وروحانية للشعب اليهودي" قبل 3 آلاف عام.
وبحسب "يسرائيل هيوم"، تركز الجمعية على دعم الاستيطان في مناطق واسعة بالضفة الغربية، بما فيها القدس، لتهويدها وتغيير هويتها الفلسطينية.
وتعمل "إلعاد" على سلب حقوق أصحاب الأرض الأصليين ومصادرة أرضهم ومنع الامتداد الجغرافي الفلسطيني في مدينة سلوان، الخاصرة الجنوبية للمسجد الأقصى بالقدس الشرقية.
وتوفر مؤسسات إسرائيلية عديدة دعما للجمعية في هذا المشروع الاستيطاني، من بينها البلدية وسلطة الطبيعة ووزارات الدفاع والتعليم والزراعة والقضاء وشؤون القدس والتراث.
و"إلعاد" من أغنى الجمعيات غير الحكومية في إسرائيل، وتشرف على نحو 70 بؤرة استيطانية بمدينة سلوان وحدها، وتمول الحفريات الإسرائيلية بالمنطقة.
ويضم مجلس إدارة "إلعاد" في عضويته شخصيات عامة ومثقفين وجنرالات سابقين من إسرائيل ومختلف أنحاء العالم، وفقا للصحيفة
ونظرا لنجاح ديفيد باري في تغيير معالم المدينة القديمة بالقدس المحتلة وزيادة رقعة المستوطنات، منحه نتنياهو في 2017 جائزة "الإنجاز مدى الحياة".
وتفيد معطيات منظمة "بتسيلم"، في تقرير صادر في مايو/أيار 2025، بأن عدد المستوطنين بالضفة تجاوز 730 ألفا، بزيادة 8 بالمئة عن العام الماضي، ما يؤكد أن إسرائيل تسير نحو تكريس الضم، لا التجميد أو التفاوض.
** ضم الضفة
وعلى مدار عامين، بموازاة حرب الإبادة بقطاع غزة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كثفت إسرائيل عبر الجيش والمستوطنين من ارتكاب جرائمها في الضفة الغربية، لاسيما تهجير الفلسطينيين وتوسيع الاستيطان.
وتمهد هذه الجرائم، وفقا لتحذير الفلسطينيين، لضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، ما يعني نهاية إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين، الذي تنص عليه قرارات صدرت عن الأمم المتحدة.
وخلال عامي الإبادة، قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة الغربية، بما فيها القدس، ما لا يقل عن 1076 فلسطينيا، وأصابوا نحو 10 آلاف و700، إضافة لاعتقال أكثر من 20 ألفا و500 آخرين.
وتحديدا، ارتكب المستوطنون 7 آلاف و154 اعتداء بالضفة خلال عامي الإبادة، فقتلوا 33 فلسطينيا وهجرّوا 33 تجمعا سكانيا، وفقا لمعطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية) حتى 5 أكتوبر الماضي.
بينما خلّفت الإبادة الإسرائيلية في غزة أكثر من 69 ألف قتيل و170 ألف جريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى دمار هائل مع كلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
