الدول العربية, أخبار تحليلية, التقارير, لبنان

من الإسناد إلى حصر السلاح.. تحولات لبنان إثر الإبادة بغزة (تحليل)

- وفق مراقبين، فإن التأثير الكبير كان على "حزب الله" الذي تكبد خسائر جراء حرب إسناد غزة

Stephanie Rady  | 08.10.2025 - محدث : 08.10.2025
من الإسناد إلى حصر السلاح.. تحولات لبنان إثر الإبادة بغزة (تحليل) أرشيفية

Istanbul

بيروت / ستيفاني راضي / الأناضول

- وفق مراقبين، فإن التأثير الكبير كان على "حزب الله" الذي تكبد خسائر جراء حرب إسناد غزة
- المحلل السياسي توفيق شومان: العدوان الإسرائيلي على لبنان كان محضَّرًا له مسبقًا
- المحلّل طوني عيسى: ما جرى أدى لتحوّلات كبيرة بالشرق الأوسط وقلب المعادلات داخل لبنان

تحولات عميقة وغير متوقعة تلك التي شهدتها الساحة اللبنانية على مدار عامين، وذلك تأثرا بالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووفق مراقبين، فإن التأثير الكبير لحرب الإبادة في غزة كان على "حزب الله" الذي تكبد خسائر كبيرة خلال "حرب الإسناد" التي أطلقها ضد إسرائيل وما تبعها من رد تل أبيب، وتداعيات متعلقة بمحاولات نزع سلاح الحزب اللبناني.

** حرب الإسناد

وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 8 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و173 قتيلا، و169 ألفا و780 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.

ومع بدء الإبادة الإسرائيلية في غزة، بادر "حزب الله" بفتح جبهة إسناد للقطاع، مطلقا صواريخ من داخل لبنان نحو مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية.

إسرائيل شنت في أكتوبر 2023 عدوانا على لبنان حولته في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة قتلت خلالها أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين.

وقامت إسرائيل بتصفية عدد من قيادات "حزب الله" أبرزهم أمينه العام حسن نصرالله في 27 سبتمبر/أيلول 2024.

** وقف إطلاق النار

وعقب 66 يوماً من معارك شرسة بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي، أدت جهود دولية قادتها واشنطن إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الحزب وتل أبيب.

وبموجب الاتفاق، يكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح جنوب البلاد، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها.

لكن إسرائيل خرقت وقف إطلاق النار الساري منذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أكثر من 4 آلاف و500 مرة، ما أسفر عن مئات القتلى والجرحى.

تلك الخروقات رد عليها "حزب الله" مرة واحدة في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بقصف صاروخي استهدف موقع "رويسات العلم" العسكري في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة.

وإلى جانب استمرار القصف الإسرائيلي على مناطق جنوب وشرق لبنان، لا يزال الجيش الإسرائيلي يحتل 5 تلال سيطر عليها في الحرب الأخيرة، إضافة لمناطق لبنانية أخرى يحتلها منذ عقود.

ورغم ربط البعض للعدوان الإسرائيلي على لبنان بحرب الإسناد التي نفذها "حزب الله"، إلا أن المحلل السياسي توفيق شومان اعتبر في حديثه للأناضول أنّ ما جرى من عدوان إسرائيلي على لبنان كان محضَّرًا له مسبقًا.

شومان أشار إلى أنّ وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت كان قد "تحدّث سابقًا عن التخطيط لاستهداف قيادات المقاومة (حزب الله) منذ عام 2006".

** ملف السلاح

تداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية على الساحة اللبنانية لم تكن فقط ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي، واحتلال أراضي لبنانية جديدة.

ولكن أبرز التغيرات، هو إقرار مجلس الوزراء في 5 أغسطس/ آب الماضي حصر السلاح بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة لإتمام ذلك وتنفيذها قبل نهاية عام 2025، وسط ضغوط دولية.

إلا أن القرار لاقى اعتراضات من "حزب الله" و"حركة أمل" ودفع بأنصارهما للاحتجاج على مدى أيام متتالية.

وأكد الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، أن الحزب لن يسلم سلاحه إلا في حال انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية وإيقاف عدوانها على البلاد والإفراج عن الأسرى وبدء إعادة الإعمار.

المحلّل السياسي طوني عيسى قال للأناضول إن "ما جرى في السابع من أكتوبر أدى إلى تحوّلات كبيرة على مستوى الشرق الأوسط بأكمله، وهي تحوّلات ما كانت لتحدث لولا تلك العملية".

وتابع: "في لبنان برزت متغيّرات ومطالبات بنزع سلاح حزب الله، وهي مطالب لم تكن مطروحة سابقًا بهذا الشكل، فقبل السابع من أكتوبر، كان الحديث عن سلاح الحزب من المحرّمات سياسياً، أما اليوم لم يعد كذلك".

هذه التحوّلات، وفق عيسى، "قلبت المعادلات في الداخل اللبناني، إذ باتت هناك قوى سياسية وسلطة سواء على مستوى رئاسة الجمهورية أو الحكومة تتبنّى هذا التوجّه الداعي إلى معالجة ملف السلاح".

وفي نيسان/ أبريل الماضي، أكد وزير خارجية لبنان يوسف رجي أن مسألة إعادة عمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية وتلقي لبنان المساعدات مرهونة بحصر السلاح بيد الدولة شمال نهر الليطاني وجنوبه.

بينما ذكر شومان أنّ "حزب الله" استطاع إعادة بناء بنيته العسكرية من جديد، لافتًا إلى أنّ مسألة حصر السلاح لا تزال عقبة أمام أيّ تطبيق عملي، وذلك لسببين أساسيين هما، غياب الضمانات بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، واستمرار الاحتلال على أراضٍ لبنانية.

وأوضح شومان أنّ المقاومة في لبنان تلقّت ضربة قاسية، غير أنّ ذلك لم يؤثّر على الدور السياسي للحزب، إذ ما يزال الطرف السياسي الأقوى.

وتابع أن الدليل هو نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة، حيث فاز الحزب بمعظم المجالس في المناطق المحسوبة على بيئته، معتبراً ذلك بمثابة مبايعة أو استفتاء سياسي على حضوره الشعبي.

وبعيدا عن سلاح "حزب الله"، تسلم الجيش اللبناني على 4 مراحل، منذ 21 أغسطس/ آب الماضي، السلاح الفلسطيني من مخيمات عدة في بيروت والجنوب والشمال.

** مصير غامض

وبينما تترقب الأنظار مدى السير بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة، يترقب لبنان تأثير ذلك عليه وسط الخروقات الإسرائيلية اليومية.

وفي 29 سبتمبر الماضي، أعلن ترامب خطة بشأن غزة تتألف من 20 بندا، بينها: الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في القطاع، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح "حماس".

ومنذ الاثنين، تُجرى مفاوضات غبر مباشرة بين إسرائيل و"حماس" بشأن هذه الخطة بمدينة شرم الشيخ المصرية، بوساطة القاهرة والدوحة.

ورأى عيسى أن لبنان مقبل على تحوّلات، خصوصاً في الجنوب، حيث لن يبقى الوضع على حاله أو في المنطقة الرمادية التي عاشها طوال السنوات الماضية.

أما في الداخل، فلبنان يعيش مرحلة انتقالية دقيقة يحاول فيها تجاوز مرحلة كانت فيها الكلمة العليا لـ"حزب الله"، نحو مرحلة جديدة لم تتّضح معالمها بعد، وفق عيسى.

وعلى المدى الطويل، قال عيسى إن "هناك خشية حقيقية من أن تستغل إسرائيل هذا الغموض لتفرض واقعاً جديداً على الأرض، وربما حزاماً أمنياً فعلياً جنوب الليطاني، ما يشكّل تهديداً لسيادة الدولة اللبنانية على تلك المنطقة".

وهذا ما توافق مع كلام شومان، الذي قال إنّ لبنان يعيش حاليًا مرحلة من اللا- يقين، وفق تعبيره.

ورجح شومان أنّه في حال التوصّل إلى وقف لإطلاق النار بغزة وتنفيذ خطة ترامب، فقد يكون الوضع في لبنان أكثر تعقيدًا، لكن ذلك احتمال غير محسوم، إذ قد تسهم المواقف الإقليمية في تهدئة الجبهات المشتعلة.

وتحتل إسرائيل منذ عقود فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın