
حازم بدر
القاهرة – الأناضول
ذهب محصل الكهرباء "وليد حسن" كعادته كل شهر لتحصيل فاتورة شهر يوليو/ تموز، لكن بدلاً من أن يعود بقيمة الفواتير، تلقى "علقة ساخنة" من مواطن نهره اعتراضًا على الانقطاع المتكرر للكهرباء في مدينة "ملوي" بمحافظة المنيا بصعيد مصر.
ما حدث لوليد تكرر مع محصل آخر في مدينة طنطا بمحافظة الغربية "شمال القاهرة"، حيث تعرض المحصل إبراهيم حمدي للاعتداء وسُرقت حقيبته من قبل ثلاثة أشخاص.
هذه عينة من حوادث نشرتها صحف مصرية – مؤخرًا – كان أبطالها محصلي الكهرباء، الذين يواجهون هذه الأيام أثناء تحصيل فاتورة الاستهلاك الشهري اعتراضات المواطنين على الانقطاع المتكرر للكهرباء، وهو الأمر الذي يتطور مع البعض إلى حد الاعتداء البدني على محصلي قيمة الفواتير، أو قطع الطرق، بما يضع هيبة الدولة المصرية على المحك، ويعرض اقتصاديات شركات الكهرباء للخطورة، حيث تسببت هذه الحوادث في عجز موارد إحدى شركات الكهرباء بنسبة 71 بالمائة.
وتعاني محافظات مصر المختلفة منذ بدايات شهر رمضان الحالي، الذي حل في منتصف الصيف الذي يشهد عادة زيادة في استهلاك الكهرباء لانقطاع متكرر للكهرباء والمياه، ما دفع شبابًا مصريين إلى تدشين حملات على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تدعو لعدم تسديد قيمة فواتير الكهرباء للمحصل، كما اضطر الرئيس المصري محمد مرسي إلى تقديم الاعتذار للشعب المصري عن حدوث هذه المشكلة، واعدًا بحلها قريبًا في كلمة قصيرة ألقاها أثناء أدائه لصلاة الجمعة الماضية بمسجد "سيدي عبد الرحيم القنائي" بمحافظة قنا بصعيد مصر.
وقال سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، في تصريحات خاصة لمراسل الأناضول: "تكرار ظاهرة قطع الطرق والتعدي على المحصلين يجعلنا أمام حالة من العصيان الاحتجاجي، أخشى أن تتطور إلى حالة من العصيان العام".
وعن أسباب اللجوء لهذه الأشكال الاحتجاجية، التي تبدو غريبة على المجتمع المصري، أضاف: "الثورة كسرت حاجز الخوف عند المصريين، وجعلتهم أكثر حرية، لكن هناك خيطًا بين الحرية والفوضى، يجب على الحكومة أن تحرص على ألا يتخطاه المواطنون".
ويرى صادق في ظاهرة الاعتداء على المحصلين تعديًا لهذا الخط، مشيرًا إلى أن علاج هذه المشكلة يكمن في استعادة الثقة بين الحكومة والمواطنين، وهذه مسألة تحتاج لجهد كبير ووقت طويل.
ويختلف فتحي الشرقاوي، أستاذ علم النفس السياسي بجامعة عين شمس، مع الرأي السابق، ورجح أن يكون الانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه فصلاً ضمن مخطط هدفه إسقاط هيبة الدولة.
وتوقف الشرقاوي أمام توقيت الظاهرة، وقال في تصريحات لمراسل الأناضول: "اختيار التوقيت خلال شهر رمضان، يكشف عن خبث هذا المخطط".
من جانبه، لم يعتبر المحلل السياسي أيمن الصياد الاعتداء على المحصلين بسبب انقطاع التيار الكهربائي انتقاصًا من هيبة الدولة، لكنه وصف قطع الطرق الذي يتم لنفس السبب، بأنه يدخل في هذا الإطار.
وقال لمراسل الأناضول: "الاعتداء على المحصل هو اعتراض على أداء الجهة التي يمثلها، أما قطع الطريق فهو انتقاص من هيبة الدولة".
ودعا الصياد الحكومة إلى ضبط النفس وتحمل هذه السلوكيات لبعض الوقت، مع العمل على تحسين الخدمات. وأضاف: "ما لم تتحسن الخدمات، فلن تتوقف الاحتجاجات".
وفي جولة لمراسل الأناضول قالت سيدة تقيم في منطقة شارع "المبتديان" بوسط القاهرة إنها ستشارك في "الثورة الثانية" يوم 24 أغسطس/ آب من الشهر الجاري، والتي تمت الدعوة إليها عبر موقع فيس بوك، احتجاجًا على قطع الكهرباء.
وقالت السيدة: "هذه ظاهرة لم نعرفها منذ عشر سنوات".. وتابعت: "ابنتي تبلغ من العمر 7 سنوات، وهذه أول مرة تعرف فيها قطع الكهرباء".
ورجح مواطن آخر يقيم في شبرا أن يكون هذا الانقطاع المتكرر للكهرباء مقصودًا، ولم يستطع الجزم بالجهة المسؤولة عن ذلك، لكنه قال: "كل ما أعرفه أن ما يحدث غير طبيعي".
مواطن ثالث بدا شديد الانفعال وهو يقول: "أنا أفطر وأتسحر يوميًا في الظلام"، وطالب بمحاسبة وزير الكهرباء في الحكومة السابقة حسن يونس.
وأضاف: "هو كان يعلم أن مشكلة الكهرباء ستتفاقم من عام لآخر، ووقف مكتوف اليدين".
وكان محمد عوض، رئيس الشركة القابضة للكهرباء، قد اشتكى من أن شركات توزيع الكهرباء لم ترسل منذ شهر يونيو/ حزيران الحصة المالية المقررة على كل شركة، وهى الحصة التي توجه لتسديد أقساط القروض والديون للبنوك العالمية والمحلية..
وقال عوض في تصريحات صحفية إن العجز بين المصروفات والإيرادات المتزايد سيعرض الشركة لخطر كبير جدًا إذا لم يساهم جميع المواطنين في تسديد ما عليهم من فواتير.
وأشار محمد مصطفى، رئيس شركة مصر الوسطى لتوزيع الكهرباء إلى عجز شركته عن دفع حصتها المالية المقررة للشركة القابضة بسبب تراجع التحصيل إلى ٧١ بالمائة.
وقال مصطفى في تصريحات صحفية إن هذا الأمر قد يتسبب في عدم تدبير الرواتب، وعدم استكمال قيمة الاستثمارات البالغة ١٤٥ مليون جنيه الموجهة لمشاريع إحلال وتجديد وصيانة الشبكة لضمان استمرار الخدمة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.