الدول العربية, لبنان

لبنان وإسرائيل.. عام على اتفاق لم يوقف نيران تل أبيب (إطار)

- على مدار عام وبوتيرة شبه يومية قصف الجيش الإسرائيلي مناطق لبنانية عديدة مئات المرات بداعي استهداف مواقع لـ"حزب الله" وعناصره وقيادته

Wassim Samih Seifeddine  | 26.11.2025 - محدث : 26.11.2025
لبنان وإسرائيل.. عام على اتفاق لم يوقف نيران تل أبيب (إطار)

Lebanon

بيروت/ وسيم سيف الدين/ الأناضول

- على مدار عام وبوتيرة شبه يومية قصف الجيش الإسرائيلي مناطق لبنانية عديدة مئات المرات بداعي استهداف مواقع لـ"حزب الله" وعناصره وقيادته
- إسرائيل خرقت الاتفاق ما لا يقل عن 10 آلاف مرة بحسب "اليونيفيل" ما أدى لمقتل 331 شخصا وإصابة 945 وفقا لوزارة الصحة اللبنانية
- تل أبيب تواصل احتلال 5 تلال لبنانية استولت عليها في الحرب الأخيرة تضاف إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود
- إسرائيل تتجاهل رغبة لبنان في التفاوض والتسوية وبيروت تأمل أن تطلق الولايات المتحدة مسارا تفاوضيا
- بعد أيام من اغتيالها القيادي بـ"حزب الله "هيثم الطبطبائي يتصاعد احتمال توسيع إسرائيل استهدافها للبنان

على مدار عام، وبوتيرة شبه يومية، قصفت إسرائيل مناطق لبنانية مئات المرات، بداعي استهداف مواقع لـ"حزب الله" وعناصره وقيادته.

وتخرق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، والذي كان يُفترض أن ينهي العدوان الأخير على لبنان.

ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بدأت إسرائيل عدوانا تحول في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة، وخلّف أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.

ومن بين بنوده، ينص الاتفاق على انسحاب "حزب الله" من جنوب نهر الليطاني، وانتشار الجيش اللبناني، بالتزامن مع انسحاب إسرائيل من 5 تلال لبنانية محتلة.

** التزام مقابل خروقات

التزم "حزب الله"، وفقا لمراقبين، بالاتفاق ما سمح بنشر الجيش اللبناني أكثر من 9 آلاف جندي، وسلّم الحزب عشرات مستودعات الأسلحة.

بالمقابل سجلت قوة الأمم المتحدة بلبنان (اليونيفيل) انتهاك إسرائيل الاتفاق 7500 مرة جوا و2500 مرة برا.

وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بمقتل 331 شخصا وإصابة 945 بنيران إسرائيلية.

ومع التصعيد الإسرائيلي، أعلن الرئيس اللبناني جوزاف عون استعداد بلاده للتفاوض مع إسرائيل لتثبيت الاتفاق ووقف الانتهاكات، لكن تل أبيب لم تستجب.

** حصر السلاح.. قرار ورفض

في 5 أغسطس/ آب الماضي، أقر مجلس الوزراء اللبناني حصر السلاح، بما فيه سلاح "حزب الله"، بيد الدولة، وكلف الجيش بوضع خطة وتنفيذها قبل نهاية عام 2025.

لكن أمين عام الحزب نعيم قاسم أكد مرارا أن الحزب لن يسلم سلاحه، ودعا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية.

ولم تتوقف الضغوط الأمريكية والدولية على لبنان لسحب سلاح "حزب الله"، وأحدثها مؤخرا إلغاء زيارة قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل لواشنطن.

** اغتيالات تمتد لبيروت

في معظم خروقاتها، تهاجم إسرائيل بطائرات مسيرة سيارات ودراجات نارية، بينما تستهدف بطائرات حربية مناطق سكنية وبنى تحتية.

وتركّزت اعتداءاتها في بلدات بجنوبي وشرقي لبنان وصولا للضاحية الجنوبية لبيروت، حيث اغتالت قبل أيام القيادي الثاني بـ"حزب الله" هيثم الطبطبائي و4 مسؤولين بالحزب.

وفي الأسابيع الأخيرة، تركزت هجماتها على بلدات محافظتي صور والنبطية في الجنوب، إضافة إلى منطقة بعلبك في الشرق.

وعقب اغتيال الطبطائي، رفعت إسرائيل تأهب منظومة دفاعاتها الجوية.

ويوحي مسؤولون إسرائيليون بأن واشنطن لا تمانع هذا التصعيد؛ "لأنها اقتنعت بأن حزب الله لن يسلم سلاحه، ولذا ستتولى إسرائيل هذه المهمة بالقوة"، بحسب إعلام عبري.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه بات يتصرف في لبنان كما يتصرف في الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد بأنه نفذ 1200 عملية اقتحام لأراضٍ لبنانية منذ بدء وقف إطلاق النار، و175 عملية اغتيال، وشن غارات جوية بالجنوب اللبناني والبقاع والهرمل (شرق).

بل وألمح مسؤولون إسرائيليون إلى أن الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل "حزب الله"، ستُستهدف كما حدث بقطاع غزة، الذي تعرض لحرب إبادة جماعية إسرائيلية لمدة عامين منذ 8 أكتوبر 2023.

** 5 تلال محتلة

وفقا للاتفاق، كان مفترضا خلال 60 يوما من بدء سريانه أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من النقاط التي احتلها بالحرب الأخيرة.

لكن بداعي أن الجيش اللبناني لم يفرض سيطرته بالكامل على جنوبي البلاد، مددت إسرائيل احتلالها لخمس تلال هي:

- اللبونة على مستوى بلدات الضهيرة واللبونة وعلما الشعب

– العزية بالقرب من بلدتي يارين ومروحين.

– جبل بلاط على حدود بلدتي رميش وعين إبل.

– البلاط في عيترون وتشرف على كامل القطاع الأوسط.

– العويضة الواقعة بين قرى العديسة والطيبة ورب ثلاثين

وباستمرار، تطالب الحكومة اللبنانية بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية، خاصة وأنها تحتل مناطق لبنانية أخرى منذ عقود.

كما أعلنت "اليونيفيل" في 14 نوفمبر الجاري أن الجيش الإسرائيلي بنى جدارين من الخرسانة داخل لبنان في أكتوبر ونوفمبر 2025.

** اعتداءات تعيق انتشار الجيش

فور بدء سريان الاتفاق، أعلن الجيش اللبناني بداية نشر قواته جنوب الليطاني، والعمل بالتنسيق مع "اليونيفيل" في المنطقة بين "الخط الأزرق" والنهر.

وأعلن عون في أكتوبر الماضي أن لبنان يخطط لزيادة عدد جنوده في الجنوب إلى 10 آلاف قبل نهاية 2025، لكن هجمات إسرائيل تعيق استكمال الانتشار.

وفي نوفمبر الجاري، أعلن لبنان أنه قرر إرسال 5 آلاف جندي إضافي إلى جنوب الليطاني، لينضموا إلى نحو 4500 متواجدين بالمنطقة.

وفي 11 من الشهر الجاري، قال عون إن "لبنان ينتظر رد إسرائيل عبر أمريكا على خيار التفاوض لتحرير الأرض".

وشدد على أن "حزب الله لا يتعاطى في منطقة جنوب الليطاني، والجيش اللبناني يقوم بعمل جبار في الجنوب وكل المناطق اللبنانية".

لكن بعد تسعة أيام، قال رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إن إسرائيل رفضت التفاوض والتسوية، وإن بيروت ستطلب دعما أمريكيا لفتح مسار تفاوضي.

وأضاف أن "إسرائيل لا تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، وتواصل البقاء في 5 مواقع حدودية عديمة القيمة الأمنية والعسكرية".

وتابع أن "خطّة نزع السلاح (الخاص بحزب الله) جنوبي لبنان تسير على المسار الصحيح، والجيش يوسّع انتشاره قرب الحدود مع إسرائيل".

وبيروت وتل أبيب في حالة حرب وعداء رسميا، لذلك لا تتفاوضان بشكل مباشر.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا بيروت، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى بدء مفاوضات مباشرة، غير أن ذلك لم يحدث.

** نزوح مستمر وحقول محاصرة

مع استمرار الاعتداءات والاحتلال الإسرائيلي، يسود القرى اللبنانية الجنوبية مشهد معقد من الألم والانتظار بعد عامٍ على الاتفاق.

فبين أنقاض بيوت سُويت بالأرض وبين مساعي العودة المعطلة والتهديدات المتواصلة، تتجسد مأساة عشرات آلاف النازحين الذين لم يعودوا إلى قراهم بعد.

ويواجه المزارعون صعوبات في الوصول إلى أراضيهم الزراعية بسبب التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية.

** اللجنة الدولية

ووفقا للاتفاق، تم تشكيل لجنة لمراقبة والإشراف على وقف إطلاق النار، تضم "يونيفيل" ولبنان وإسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة.

وفي 12 نوفمبر الجاري، دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري اللجنة، والدول الراعية للاتفاق، إلى "إلزام إسرائيل بوقف عدوانها، وانسحابها من الأراضي المحتلة في الجنوب".

ويقود كل من المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك ونائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس مفاوضات غير مباشرة بين بيروت وتل أبيب.

وزار باراك بيروت مرارا، وقدّم للحكومة اللبنانية في 19 يونيو/ حزيران الماضي خطة تنص على أن تكون جميع الأسلحة تحت إشراف الدولة اللبنانية.

وفي 5 سبتمبر/ أيلول الماضي أقرت الحكومة خطة الجيش لحصر السلاح في يد الدولة، على أن يباشر تنفيذها وفق الإمكانات المتاحة، فيما يرفض "حزب الله" دعوات إلقاء سلاحه.

** إسرائيل تستهدف "اليونيفيل"

ولم تقتصر اعتداءات إسرائيل على اللبنانيين، ففي 16 نوفمبر الجاري استهدفت دبابة إسرائيلية جنودا من "اليونيفيل" داخل لبنان، ما أصاب عددا منهم.

وفي 26 أكتوبر الماضي، اقتربت مسيّرة إسرائيلية من دورية للقوة الأممية قرب بلدة كفر كيلا بمحافظة النبطية، وألقت قنبلة، ثم أطلقت دبابة النار باتجاه عناصر الدورية.

ومرارا دعا لبنان إسرائيل إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الصادر في 11 أغسطس/ آب 2006.

ودعا القرار إلى وقف حرب اندلعت في يوليو/ تموز 2006 بين لبنان وإسرائيل، وانسحاب إسرائيل بالانسحاب إلى ما وراء "الخط الأزرق".

ونّص على نزع السلاح في المنطقة الممتدة بين هذا الخط ونهر الليطاني، وحصر السلاح والآليات العسكرية في الجيش اللبناني واليونيفيل فقط.

** الخط الأزرق

وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني عام 2000، وضعت الأمم المتحدة ما يُعرف "الخط الأزرق"، ويبلغ طوله 120 كلم لتأكيد هذا الانسحاب.

ولا يعتبر هذا الخط حدا دوليا، وتوجد 13 نقطة لبنانية تستولي عليها إسرائيل، وتؤكد بيروت أنها أراضٍ لبنانية محتلة.

والثلاثاء، قال سلام إن لبنان في حالة "حرب استنزاف"، مشددا على اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لمواجهة أي تصعيد إسرائيلي محتمل.

ومع مرور عام على الاتفاق، وبعد اغتيالها الطبطبائي، يتصاعد احتمال توسيع وتكثيف الاعتداءات الإسرائيلية، ما يضع الاتفاق على المحك، وسط أحاديث تل أبيب عن استمرار "حزب الله" في إعادة بناء قوته.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.