الجامع الكبير بالموصل..من هنا يأفل نجم "داعش" (إطار)
شهد في 2014 الظهور العلني الأول لزعيم التنظيم "أبو بكر البغدادي" معلناً "دولة الخلافة"

Ankara
إسطنبول /بشار البياتي/ الأناضول
في عام 2014، توجهت أنظار العالم نحو مسجد كبير في مدينة الموصل شمالي العراق، بداخله منبر يعتليه رجل ذو لحية مرتدياً لباساً أسوداً وملقياً خطبة الجمعة في المصلين، ليعلن فيها عن نفسه بأنه "أبو بكر البغدادي" زعيم تنظيم "داعش" ومدعياً أنه خليفة المسلمين.
من هنا أضحى لمسجد جامع النوري أو الجامع الكبير وسط الموصل شهرة فاقت ما كان عليه سابقاً، وأصبح ذو دلالة كبيرة على استعادة المدينة من "داعش"، فيما لو تمكنت القوات العراقية من تحريرها من قبضة التنظيم الإرهابي لاسيما بعد انطلاق عملية التحرير الإثنين الماضي.
ويقع الجامع في الجانب الأيمن من المدينة حيث الضفة الغربية لنهر دجلة الذي يقسم الموصل إلى قسمين، وتسمى المنطقة المحيطة به "محلة الجامع الكبير".
الجامع بُني بأمر من السلطان نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري (1172م)، أي ما يناهز القرون التسعة، ويُعتبر ثاني مسجد يتم بناؤه في الموصل بعد الجامع الأموي، وأعيد إعماره عدة مرات كانت آخرها عام 1363هـ (1944م).
ولم يبق من البناء الأصلي للمعلم سوى منارة "الحدباء" التي اتخذت منها الموصل صفة لها فأصبحت تُعرف بـ"الموصل الحدباء" إلى جانب المحراب الذي ما زال محفوظا في متحف القصر العباسي ببغداد، وبعض الزخارف الجبسية.
وتعتبر المنارة المائلة إلى الشرق، من المآذن المميزة بأساليب فنية غنية بالزخارف المختلفة، وأعلى منارة في العراق، إذ يبلغ ارتفاعها نحو 50 مترا وتلفها الزخارف من كل جانب.
فضلاً عن أنها تعني لأهل البلاد الكثير لاسيما وأنها طُبعت على الدينار العراقي من فئة عشرة آلاف.
ويشبه الانحناء في المنارة المبنية على قاعدة مكعبة مزينة بالزخارف، برج بيتزا الشهير في إيطاليا، حيث تم بناؤهما أيضاً في أوقات متقاربة.
والراجح أن سبب انحناء المنارة هو بفعل الرياح السائدة الغربية في الموصل، وتأثيرها على الآجر والجص (مواد تستخدم في البناء).
تفسير آخر يقول إن القائمين على بناء هذا المعلم، تعمدوا هذا الشكل للمنارة، للحيلولة دون سقوط خسائر في حال سقطت سيما مع وجود منازل في الجهة الغربية، لأنه إذا سقطت نحو الشرق ستقع على صحن الجامع وتقلل الخسائر.
ومع بدء عملية تحرير الموصل من داعش، يخشى الكثيرون على سلامة جامع النوري ومنارته الحدباء، لكونها أصبحت من المعالم الحضارية القليلة المتبقة لتاريخ المدينة، بعد أن أقدم التنظيم على تفجير مرقد نبي الله يونس، والنبي شيت، والبوابة والسور الأشوري (ثلاثتهما في الموصل)، وتجريف قلعة تلعفر (غرب الموصل)، وتدمير آثار وصروح تاريخية في مدينة نمرود الأثرية القريبة من المدينة.
ورغم هذا الانحناء في "الحدباء" إلا أنها ظلت متماسكة رغم شيخوختها، وواقفة بشموخ تروي قصة قرون من الزمن، عن حكاية هذه المدينة العريقة.