الدول العربية

احتجاجات الحسيمة تعود للواجهة.. تقرير حقوقي مغربي مثير للجدل

أعاد تقرير حقوقي مغربي، الجدل والنقاش حول تفاصيل ما حدث في الحسيمة ونواحيها شمالي المغرب، قبل ثلاثة أعوام، من احتجاجات دامت 12 شهرا، ووصفت بأنها الأضخم في منطقة الريف.

19.03.2020 - محدث : 19.03.2020
احتجاجات الحسيمة تعود للواجهة.. تقرير حقوقي مغربي مثير للجدل

Morocco

الرباط / محمد بندريس / الأناضول

تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي) اتهم المحتجين بالانزلاق نحو أعمال شغب وعنف
حقوقي: التقرير مسيس جدا ويعكس الأطروحة الرسمية والأمنية ويتجاهل وقائع مهمة مثل فيديو الزفزافي عاريا
حقوقي: المجلس الوطني يبرر انتهاكات السلطة لحقوق الإنسان.. هذا تقرير أمني وليس حقوقيا
إعلامي: إذا لم يعجبك التقرير، تقتضي الممارسة الديمقراطية، أن تنجز تقريرا مضادا يفند ما ورد فيه

أعاد تقرير حقوقي مغربي، الجدل والنقاش حول تفاصيل ما حدث في الحسيمة ونواحيها شمالي المغرب، قبل ثلاثة أعوام، من احتجاجات دامت 12 شهرا، ووصفت بأنها الأضخم في منطقة الريف.

واعتبر حقوقيان، في حديث للأناضول، أن التقرير، الصادر عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي)، يتبنى الرواية الرسمية للأحداث، ويبرر انتهاكات السلطة لحقوق الإنسان، فيما دعا إعلامي، المعترضين إلى إنجاز تقرير مضاد يفند ما يرفضونه.

التقرير جاء في 400 صفحة، وتمت صياغته بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، ومارس/ آذار 2020، ويرصد تفاصيل 12 شهرا من الاحتجاجات في الحسيمة ونواحيها بين أكتوبر/ تشرين الأول 2016، والشهر نفسه من العام التالي.

خلال تلك الفترة، شهدت الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف (شمال)، احتجاجات للمطالبة بـ "تنمية المنطقة وإنهاء تهميشها"، وفق المحتجين، عُرفت بـ "حراك الريف".

وعلى خلفية الاحتجاجات، أوقفت السلطات عشرات الناشطين، وصدرت أحكام قضائية بسجن عدد من قادة الحراك 20 عاما، بتهمة "المساس بالسلامة الداخلية للمملكة"، إضافة إلى سجن آخرين مددًا تراوح بين عام وعشر سنوات.

وأعفى العاهل المغربي محمد السادس، نهاية أكتوبر 2017، أربعة وزراء من مناصبهم، بسبب اختلالات (تقصير) في تنفيذ برنامج إنمائي في منطقة الريف.

وبمناسبة الذكرى العشرين لتوليه الحكم، أصدر الملك، نهاية يوليو/ تموز 2019، عفوا عن 4 آلاف و764 سجينا في سجون المملكة، بينهم مجموعة من معتقلي احتجاجات الريف.

** 3 مراحل

قسم تقرير المجلس الوطني، احتجاجات الحسيمة إلى ثلاث مراحل، هي "التظاهر السلمي"، و"العنف والرشق بالحجارة"، و"العنف الحاد"، متهما المحتجين بالانزلاق نحو "أعمال شغب وعنف".

وسمّى التقرير ما حدث "احتجاجات الحسيمة"، رافضا اعتبارها "انتفاضة" أو "حراكا". ولفت إلى "تنظيم 814 تظاهرة (وقفة ومسيرة احتجاجية)، تم تفريق 60 منها، أي أقل من 10 بالمئة".

وأوضح أن "عدد الأشخاص الموقوفين بلغ 400"، و"تم جرح 788 من عناصر الأمن، ومعاناة 111 عنصرا من مضاعفات عقلية، ويخضع 34 منهم للعناية الطبية النفسية".

وأفاد بأن عدد من يقضون عقوبة سجنية، إلى حدود مارس الجاري، بلغ 49 شخصا.

وبخصوص ما يتردد عن تعرض معتقلين وسجناء لتعذيب، ميز التقرير بين "التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة"، وخلص إلى "وجود ثلاث حالات فقط ثبت تعرضها للتعذيب".

وطالب التقرير السلطات بتعميق البحث حول حالات اعتبر أنه يمكن أن تتوافر فيها عناصر فعل التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، وتعرض لها نشطاء حراك الريف.

وكشف عن "خسائر مالية بلغت 25 مليون درهم (2.6 مليون دولار) بالنسبة لمديرية الأمن الوطني، و4 ملايين درهم (418 ألف دولار) للدرك، و1.16 مليون درهم (121 ألف دولار) بالنسبة للقوات المساعدة".

وقال التقرير، إنه انتشرت خلال الاحتجاجات "منشورات مضللة، وهي أزيد من 10 آلاف مادة ذات محتوى زائف ومغلوط".

وشدد على أن "تأخر الحوار مع أعضاء الحكومة، وشبه انعدامه مع منتخبي المنطقة لمدة ستة أشهر، أثر سلبيا على منحى الاحتجاجات".

** انتقائي ومسيس

وفق عزيز إدامين، باحث متخصص بمجال حقوق الإنسان، فإن "تقرير الأستاذة (أمينة) بوعياش (رئيسة المجلس الوطني) مسيّس جدا، ويعكس الأطروحة الرسمية والأمنية".

وأضاف إدامين، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أنه "ضمن مئات الوقائع والأحداث، تم انتقاء فقط محاضر الضابطة القضائية وتصريحات رجالات الأمن، وتجاهل عدة وقائع كانت لها أهمية في ما جرى".

وتابع: "لم يتم التطرق فيه مثلا إلى تسريب ونشر فيديو (ناصر) الزفزافي (قائد الحراك) عاريا (لدى الشرطة)، والذي يعتبر بكل التشريعات الدولية انتهاكا لخصوصيته، ومعاملة مهينة وحاطة بالكرامة ترقى إلى مستوى التعذيب النفسي".

** تقرير أمني

قال عبد الرحيم لمرابط، قيادي بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان (كبرى الجمعيات الحقوقية بالمملكة)، للأناضول، إن "تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتماشى ويتماهى إلى حد التطابق مع الرواية الرسمية للسلطة حول حراك الريف، وبعيد عن قواعد وآليات الرصد والتقارير الحقوقية، كما هو متعارف عليها من الناحية الحقوقية".

ورأى أن "التقرير يمكن وصفه بالتقرير الأمني، وليس الحقوقي، فقد تعمد إغفال وقائع أساسية شغلت الرأي العام، منها الفيديو المنشور بأحد المواقع المقربة من السلطة للزفزافي، وهو في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء (شمال)، ما يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الموقوف".

وأردف لمرابط: "التقرير يثبت مرة أخرى حقيقة المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة غير مستقلة عن السلطة الحكومية، وأن دوره تبرير انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وليس الدفاع عنها، وتعزيز حمايتها والنهوض بها فكرا وممارسة، كما نصت على ذلك مبادئ باريس، المتعلقة بإنشاء ودور المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان".

** تقرير مضاد

أما يونس دافقير، إعلامي مغربي، فانتقد ما قال إنها حملة تتعرض لها أمينة بوعياش منذ صدور التقرير.

وأضاف دافقير، عبر "فيسبوك"، أن "حملة السب والشتم التي تتعرض لها (أمينة)، بسبب التقرير حول احتجاجات الحسيمة، من طرف أشباه المناضلين الديمقراطيين، تعبر عن قدر كبير من الانحطاط".

وأردف: "إذا لم يعجبك التقرير، تقتضي الممارسة الديمقراطية، أن تنجز تقريرا مضادا يفند ما ورد في تقريرها، ويقدم الدلائل على أنها جانبت الصواب".

وختم بالقول: "إن لم تكن قادرا على إنجاز تقرير مضاد، يمكن أن تكتب مقالا نقديا، كما فعل كثيرون، يرصد ثغرات التقرير دون سب وعنف لفظي".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın