فن "التطريز" الفلسطيني القديم يُزين الثياب العصرية للشباب

Gazze
غزة/هداية الصعيدي/الأناضول
بعد أن انتهت نوال الغصين، التي تعمل في مجال التطريز، منذ عدة عقود، من بيع فستان وردي أنيق، تحيط برقبته وأكمامه أشكال هندسية مطرّزة بإتقان وبألوان زاهية، بدأت على الفور في صناعة "محفظة جيب".
وعلى قطعة قماش بيضاء، بدأت الغصين تُطرز ثلاثة أشكال لـ"قلوب" حمراء، يجاورها ثلاثة أشكال أيضًا لعلم فلسطين، لتصنع منها المحفظة التي ستعرضها في متجرها المختص ببيع المطرزات الفلسطينية، وسط قطاع غزة.
وتقول الغصين، (58 عامًا)، إن فن التطريز الفلسطيني التراثي، لا يزال حاضرًا بقوة بين الفلسطينيين، وتم إدخاله إلى ملابسهم، رغم استحداث الموضة، ووجود العديد من الماركات العالمية، وانتشار ثقافة الثياب الجاهزة.
وأضافت لوكالة الأناضول:" لم تعد النسوة منذ سنوات طويلة ترتدين الثوب الفلسطيني، الذي يعتبر أهم منتجات فن التطريز، إلا أننا أحيينا هذا الفن من خلال إدخاله إلى الملابس العصرية".
واستدركت الأم لستة أبناء:" لم يعد الأمر مقتصرا على حياكة ثوب مطرز، بل دخل التطريز في عباءات الفتيات والسيدات، وأغطية الرأس وحقائب اليد والمحافظ، وفساتين المناسبات، والإكسسوارات، والأحذية والأواني، والبراويز وغيرها".
ويعتبر فن التطريز، الذي ارتبط دومًا بالثوب الفلسطيني المطرز بالنسبة للفلسطينيين، من الامور التي تميز الهوية والتراث الفلسطيني، منذ عشرات السنيين، وهو أحد الفنون الشعبية المتوارثة بينهم عبر الأجيال.
وكانت النساء الفلسطينيات في الحقبات الماضية، يطرزن أشكالا هندسية، وزهورا وأشجارا وغيرها، على الأثواب، حيث كانت تُعرف كل مدينة أو قرية فلسطينية بثوبها التقليدي الخاص بها.
ويختلف التطريز في ثوب الفتاة عن ثوب المرأة والمسنة والعروس، وعن ثوب العمل وثوب المناسبات والأفراح والأحزان، كما وتفتقر ثياب الرجل للتطريز.
والثوب الفلسطيني هو لباس تقليدي، متوارث عبر الأجيال وتتميز كل قرية فلسطينية بشكل ولون مميز للثوب يختلف عن الأخرى، إلا أنه وبعد دخول الموضة والأزياء وصناعة الملابس الجاهزة، أصبح من النادر ارتداء الفلسطينيات لهذا الثوب، إلا في مناسبات محدودة.
وتقول الغصين إن استحداث التطريز لم يقتصر على مقتنيات الفتيات، فهناك بعض الأشياء للشباب، مثل محافظ الهواتف المحمولة، و"الميداليات".
وأشارت إلى أن وجود إقبال جيد من الفتيات على ارتداء الملابس المطرزة، رغم ارتفاع اسعارها في بعض الأحيان، مثل العباءات، والحقائب.
وأردفت:" هذا التراث هويتنا، إنه شكل من أشكال الانتماء للوطن، وسندخله في ملابسنا وأزياءنا بطريقة عصرية وجميلة".
ولفتت إلى أنها تعاني من صعوبة في إدخال المواد الخام، والعديد من أنواع الخيوط، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن ثماني سنوات، مضيفة:" لم أستطع السفر للمشاركة في العديد من المعارض بسبب الحصار أيضًا".
وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة، منذ فور حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في الانتخابات البرلمانية، عام 2006، ثم شددته في منتصف عام 2007.
كما تغلق السلطات المصرية معبر رفح البري، المنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة، بشكل شبه كامل، منذ عزل الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، عام 2013، وتقول بأن فتحه مرهون باستتباب الأمن في شبه جزيرة سناء المصرية.
وعلى أحد أرفف متجره، يرتب حسام أبو دية، أواني ضيافة خشبية مطرزة، بشكل أنيق، وأثواب فلسطينية وشالات أكتاف.
ويقول أبو دية لوكالة الأناضول إنه يهتم كتاجر بنشر التراث الفلسطيني العريق، الذي يعتز به، على أوسع نطاق، وليس فقط في غزة وإنما في الدول العربية والعالم.
وتابع:" العديد من الوفود العربية والدولية، والمغتربين، وأصحاب الجنسيات المختلفة، همّ زوار لبضاعتنا، ويرغبون في اقتنائها، فالمطرزات تعتبر تراث فلسطين وأيقونتها التاريخية".
وأشار إلى أن المطرزات بأنواعها، تعتبر أكثر هدية رمزية تعبر عن فلسطين، بالنسبة للغزيين الذين يرغبون في تقديم هدايا للسياح والأهالي المغتربين، إلا أن السوق ليس نشطًأ حاليًا بسبب الحصار.
وحسب أبو دية فإن هناك اهتمام ملحوظًا أيضًا من قبل الشباب في اقتناء القطع والملابس المطرزة.
ولفت أبو دية إلى أن بضاعة متجره، هي من صنع نحو 80 امرأة غزّية، منهن "معيلات لأسرهن" وأوضاعهم الأسرية صعبة.
من جانبها تقول الشابة آيات الحلو، إنها تشعر بـ"الهيبة والأناقة"، وهي ترتدي الأزياء التي يدخل فيها التطريز الفلسطيني.
وتابعت تقول لوكالة الأناضول:" تبدو حقيبتي جميلة جدًا وهي مطرزة، تنال على إعجاب معظم من يراها، ولا أشعر بأنني أرتدي شيئًا قديمًا كما يظن البعض، إنما هويتي وتراثي".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.