"صناعة القش" التي سندت ظهر "نظمية" الفلسطينية
(تقرير)

Ramallah
رام الله/ قيس أبو سمرة/ الأناضول
أحبتها منذ أن كانت في العاشرة من سنها، فامتهنتها حتى وصلت الستين من عمرها، وما بين الأمس واليوم اتخذتها الفلسطينية "نظمية حسن" مهنة تسند بها ظهرها في إعالة أسرتها وإدخال الفرحة على أحبائها..إنها "صناعة القش" التي تخشى عليها من الاندثار.
"نظمية" القاطنة في بلدة "قُصْرة" بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، تعلمت هذه المهنة من والدتها، فأصبحت تحيك من القش، الصواني والقفاف، وتطلق على كل قطعة اسماً خاصاً، بناءً على الرسومات التي تحتويها.
تقول نظمية للأناضول: " في موسم حصاد القمح تذهب النسوة لكي تُقشِّش (عملية انتقاء سيقان القمح المناسبة)، فتجمع السيقان المناسبة بعد فصلها عن السنابل".
وفي باحة المنزل، تضع الستينية السيقان في وعاء وتغرقه بالمياه، لمدة تزيد عن الساعتين، وتضيف "نترك السيقان في المياه لنحو ساعتين، لكي تصبح لينة لا تنكسر، ومنها ما يتم صبغها بألوان مختلفة لتزيين الصواني بأشكال ورسومات مميزة".
وكل ما تستخدمه في صناعة الصواني هو سيقان القمح، وآلة حادة بسيطة لتسهل عملية تراص وترابط السيقان.
أما منزلها القروي، فزينت جدرانه الداخلية بالصواني المزخرفة بألوان وأشكال متعددة، تقف بجانها وتشير إليها بأسماء نسبة للرسومات:" هذه قلائد الجوز، وتلك جنابة، وهذه سيوف (...)".
وتحتوي الصواني على أشكال مختلفة، يتم تشكيلها من خلال دمج سيقان القمح المصبوغة.
و"نظمية" الوحيدة اليوم في بلدتها قُصرة التي يبلغ عدد سكانها نحو 5 آلاف نسمة، التي تجيد صناعة القش.
وتقول: " في الماضي كانت جميع النساء يصنعن الصواني، أما بنات اليوم فلا يعرفن عنه شيئا".
وكانت "الصواني" القش تُستخدم لتقديم الطعام، وغطاءً للأواني، ومنها ما يستخدم لخبز الطابون (فرن بلدي)، ولها استخدامات عديدة.
وتضيف:" كنا سابقا عندما يتزوج شخص عزيز على العائلة، أو نزور مريضاً، أو لتهنئة عائد من السفر، نقدم له قطعة من هذه الصواني كهدية".
وعلى مدار العام، تمارس هذه الفلسطينية طقوسها الخاصة بصناعة القش، فتقدمها هدايا لأبنائها وبناتها، كما تتخذها مهنة لها، فتبيع البعض منها بسعر زهيد يبلغ نحو 20 دولاراً.
وتتابع قائلة:" هذه مهنة تراثية باتت جزءاً مني".
وتحتاج صناعة القطعة الواحدة من الصواني ثلاثة أيام، فلدى "نظمية حسن" أعمال أخرى، حيث تعتني بمزرعة للأغنام والأبقار إلى جانب زوجها.
وإلى جوار "صواني القش" تصنع أوانٍ أخرى من القش كالقفاف التي كانت تستخدم قديماً في جني ثمار العنب والتين.
ولعل أكثر من يُزعجها هو قلقها من اندثار هذه المهنة "صواني القش اليوم ليست للاستخدام، بل هي هدايا تراثية، تُعرض في محال مخصصة لبيع القطع التراثية، بعد أن استبدلتها ربات البيوت بأواني بلاستيكية وأخرى معدنية".