الثقافة والفن

أم تونسية تلقى مصرعها برصاص ابنها "الإرهابي" في "زهرة حلب"

الفيلم يعالج ظاهرة تسفير الشباب إلى جبهات القتال في سوريا

Yosra Ouanes  | 29.10.2016 - محدث : 29.10.2016
أم تونسية تلقى مصرعها برصاص ابنها "الإرهابي" في "زهرة حلب"

Tunisia

تونس/يسرى ونّاس/الأناضول

بقضية تلامس كيان مجتمعات ما بعد الثورات العربية بشكل مباشر، استهل مهرجان أيام قرطاج السينمائية في دورته الـ 27 فعالياته بفيلم "زهرة حلب" للمخرج التونسي "رضا الباهي"، مساء أمس الجمعة.

واختير "زهرة حلب" الذّي يعالج ظاهرة تسفير الشباب إلى جبهات القتال في سوريا، ليكون فيلم الافتتاح.

"زهرة حلب" لم يغص في خبايا السّياسة بعمق، لكنه طرح الظاهرة من منظور إنساني بما تحمله من تأثير في الأمهات والعائلات على حدّ سواء بمنأًى عن توجيه المشاهد نحو هدف سياسي محدد.

وهو ما أكده الباهي للأناضول قائلا "لم أرد في هذا الفيلم التطرق لأمور سياسية ولا للقضية السورية، أردت فقط التركيز على معاناة امرأة تونسية سافرت لجلب ابنها الذّي يعد ضحية من ضحايا غسيل الدماغ".

وتدور أحداث الفيلم حول أم تونسية "سلمى" وتجسد دورها الفنانة التونسية هند صبري، عاشت معاناة بعد أن تم تسفير ابنها "مراد" من أجل "الجهاد" في سوريا.

أما مراد ذو الـ 18 سنة، فكان يعيش حياة طبيعية كأبناء جيله مولع بالموسيقى ويعزف القيثارة ويدرس بمعهد ثانوي وتفصله سنة عن اجتياز الباكالوريا (الثانوية العامة)، إلا أنّه انجذب نحو الفكر "المتطرف"، وتلقى عملية "غسل دماغ" من قبل جماعة "إرهابية" لينضم فيما بعد إلى "جبهة النصرة" في سوريا.

انسياق "مراد" نحو هذا التيّار كان مأساة بالنسبة إلى أمه التي لم تتردد ولو لحظة في الالتحاق به متنكرة في ثوب "الجهاد" بحثًا عنه ورغبة في استرداده.

الوضع العائلي لمراد والذّي جسد دوره الممثل التونسي باديس الباهي، قد يبدو للبعض سببًا في تغير تصرفاته واقتحامه عالمًا غير معتاد عليه.

فطلاق والد "مراد" من والدته الممرضة وتحملها أعباء الحياة بمفردها وتكريس كل وقتها لعملها، كانت عوامل هامة في تغير سلوكه، كما عاش أبوه "السّكير" في عالم خاص به، ما حرم الابن ضحية من حياة عائلية طبيعية ومن وجود الأب ودوره في حياته.

الفيلم تناول قضيّة حساسة بالنّسبة للمجتمع التونسي، الذّي شهد بعد الثورة عمليات متكررة من تسفير الشباب والفتيات بحجة الجهاد في سوريا.

وتصدر التونسيون بحسب تقارير دولية، مراتب متقدمة في عدد الجهاديين الذين يقاتلون ضمن التنظيمات المتشددة في الخارج.

وتوصل فريق عمل من خبراء الأمم المتحدة في تموز/يوليو 2015 إلى أن التونسيين هم الأكثر انضماماً إلى التنظيمات الإرهابية في ليبيا وسوريا والعراق، فقد زاد عدد هؤلاء عن 5 آلاف و500 شاب.

الفيلم الذّي صورت مشاهده في تونس ولبنان أراد كذلك إظهار بشاعة الدمار في "حلب" السورية ومخلفات الأعمال الإرهابية فيها.

ورغم أنه لم يتعمق في ثنايا السياسة، فإنه وقف على الخلاف بين تنظيمين إرهابيين لا يختلفان في أساليب القتل والدمار.

وقد تجسد ذلك في مشاهد عديدة من بينها أسر الأم "سلمى" في كمين داعشي، ومن ثمة اغتصابها من قبل منتمين لـ"داعش" معتقدين بأنها تابعة لـ"جبهة النصرة" ذراع تنظيم "القاعدة" في سوريا.

نهاية الفيلم لم تكن غريبة بالنسبة لبعض المتابعين الذّي توقعوا أن تكون "مأساوية"، فمراد الذّي انضم لجبهة النصرة أنهى حياة أمه التي جاءت بحثًا عنه دون رؤيته.

وبعد أسر الأم واغتصابها من قبل "داعش" تقرر "جبهة النصرة" إرسال عدد من قناصتها لاستعادتها، وكانت المفاجأة أن "مراد" هو أحد هؤلاء القناصة.

وبهذا الفيلم تعود "هند صبري" للسينما التونسية بعد 7 سنوات من الغياب، وإلى أيام قرطاج السينمائية التي توجت فيها بجائزة أفضل ممثلة سنة 1994 عن أول أفلامها "صمت القصور".

"هند" قالت في تصريحات للإعلاميين عقب العرض الأول للفيلم: "نأمل من خلال الفيلم إعادة فتح ملفات الشباب الذّين تم تسفيرهم إلى سوريا، باعتقادي أنّ الفيلم الناجح هو ذاك الذّي يطرح أسئلة وحوارًا مجتمعيًا".

وأضافت: "زهرة حلب دراما إنسانية وليست منشورًا سياسيًا"، لذلك لم يتورط الفيلم في السياسة وظلت الأم هي مركز الحكاية حتى في الفصل المتعلق بسوريا".

وتعود مسيرة المخرج التونسي "رضا الباهي" إلى السنوات السبعين فقد وقع اختيار فيلميه الطويلين "شمس الضباع" سنة 1977، "والملائكة" سنة 1984 في مهرجان كان السينمائي كما نال عمله "الخطاف لا يموت في القدس" جائزة النقد العالمي في أيام قرطاج السينمائية 1994.

وانطلقت الدورة السابعة والعشرين من مهرجان أيام قرطاج السينمائية أمس الجمعة 28 أكتوبر/تشرين أول الجاري، وتستمر حتى 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وبحسب ما أعلنت إدارة المهرجان في وقت سابق، فإن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة سيشارك فيها 18 فيلمًا، بينهم 4 أفلام من تونس، و3 من مصر، وفيلمان من سوريا، وآخران من المغرب، فضلاَ عن فيلم واحد لكل من دول جنوب إفريقيا، والسنغال، ونيجيريا، وبوركينافاسو، والعراق، فيما تشارك فلسطين والأردن بفيلم مشترك.

بينما يتنافس 20 فيلمًا ضمن مسابقة الأفلام القصيرة، منهم 4 من تونس، وفيلمان من لبنان، فيما تساهم كل من مصر، والسعودية، وإثيوبيا، والكاميرون، والمغرب، ومدغشقر، والسنغال، والعراق، وقطر، وجنوب إفريقيا، والبحرين، ورواندا، ونيجيريا، والسودان بفيلم واحد لكل دولة.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 1966 بدأت أول فاعليات "مهرجان أيام قرطاج السينمائية"، ويهتم بالأفلام التونسية والعربية والإفريقية، وأصبح يقام سنوياً بعد أن كان يُنظم كل سنتين، وهو من أعرق مهرجانات إفريقيا.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın