تركيا, دولي, التقارير

ضريح الشاعر التركي صائب التبريزي.. معلم سياحي وثقافي في قلب إيران (تقرير)

تحتضن مدينة أصفهان الإيرانية ضريح الشاعر التركي الكبير صائب التبريزي، أحد أبرز شعراء القرن السابع عشر، والذي يُعرف بمساهماته في كل من الأدبين التركي والفارسي، ويعد ضريحه أحد المعالم الثقافية المهمة في إيران.

Ahmet Dursun, Hişam Sabanlıoğlu  | 07.03.2025 - محدث : 07.03.2025
 ضريح الشاعر التركي صائب التبريزي.. معلم سياحي وثقافي في قلب إيران (تقرير)

Tahran

أصفهان (إيران)/ أحمد دورسون/ الأناضول

- الشاعر صائب التبريزي عاش في القرن السابع عشر ويقع ضريحه بمدينة أصفهان الإيرانية
 - يعكس الضريح بتصميمه المعماري ومحيطه الطبيعي الإرث الأدبي والفكري للشاعر
** الخبير بوزارة السياحة والتراث الثقافي والحرف اليدوية الإيرانية عرفان صالحي:
- المكان الذي يضم الضريح اليوم كان في الأصل منزل التبريزي وحديقته
** البروفيسور إسرافيل باباجان المحاضر في جامعة يلدريم بيازيد بالعاصمة التركية:
- تأثير صائب التبريزي لم يقتصر على إيران، بل امتد بقوة إلى الدولة العثمانية
- رغم أنه كتب أغلب قصائده بالفارسية إلا أن أدبه كان محط اهتمام في الأوساط الأدبية العثمانية

 

تحتضن مدينة أصفهان الإيرانية ضريح الشاعر التركي الكبير صائب التبريزي، أحد أبرز شعراء القرن السابع عشر، والذي يُعرف بمساهماته في كل من الأدبين التركي والفارسي، ويعد ضريحه أحد المعالم الثقافية المهمة في إيران.

مدينة أصفهان الواقعة وسط إيران، معروفة بتاريخها الغني وتراثها الثقافي في البلاد، وتعد موطنًا للعديد من الرموز الأدبية والفنية، ومن بين تلك القامات الأدبية، يبرز الشاعر التركي صائب التبريزي.

يقع ضريح صائب التبريزي وسط حديقة غناء، ما يجعل المكان أكثر من مجرد ضريح، بل فضاء يعكس الأجواء التي عاش فيها الشاعر وأبدع فيها أشعاره.

وبفضل طرازه المعماري المتناسق مع النسيج التاريخي لأصفهان، يمثل هذا الضريح أحد المعالم الثقافية المهمة في إيران، حيث يجذب محبي الأدب والزوار الذين يبحثون عن استكشاف التراث الأدبي والشعري للمنطقة.

- معمار يجسد الإرث الأدبي

ويُعرف صائب التبريزي بأنه من أعمدة الشعر الصوفي والكلاسيكي، وقد ترك بصمته في الأدب من خلال قصائده العميقة التي تتميز بالحكمة والتأملات الروحانية.

واليوم، لا يزال قبره محاطًا بمساحات خضراء شاسعة، تشكلت على مدى الزمن، لتعكس السكينة والصفاء اللذين لطالما ميزا أشعار التبريزي.

عاش التبريزي سنوات طويلة في هذا المكان، حيث كان يكتب قصائده ويتأمل في معاني الحياة والتصوف، إلى أن تحول منزله وحديقته إلى ضريح تكريمًا له، ليظل أحد معالم أصفهان الثقافية.

يتكامل تصميم الضريح مع الطابع التاريخي للمدينة، حيث يضم مساحات خضراء، وأحواضا مائية، مما يضفي جوًا من الصفاء والروحانية.

وتتوسط حديقة المنزل بركة ماء، إذ يعتبر الماء رمزًا مهمًا في الفكر الصوفي، ما يعزز من الأجواء الهادئة والمميزة للضريح.

- ضريح مؤثر رغم بساطته

ويتميز ضريح صائب التبريزي بتصميمه البسيط ولكن المؤثر، حيث تم نقش مقتطفات من أشعاره على جدران الضريح، ما يتيح للزوار فرصة التعرف على فكره وأسلوبه الأدبي.

وعلى الرغم من أن الضريح تم إنشاؤه في البداية في مكان مكشوف، إلا أن السقف الذي بني لاحقًا يعتبر تحفة فنية تذخر بتفاصيل هندسية دقيقة تعكس الحرفية المعمارية التي تميزت بها تلك الحقبة.

إضافة إلى ما سبق، لا يقتصر الضريح على كونه مكانًا تاريخيًا، بل أصبح وجهة ثقافية بارزة تعكس الاحترام والتقدير الذي يحظى به التبريزي في إيران. وبفضل الحديقة الواسعة التي تحيط بالضريح، يستطيع الزوار الحصول على تجربة مميزة تجمع بين التاريخ، والأدب، والطبيعة.

وفي حديث للأناضول، أوضح عرفان صالحي، أحد خبراء وزارة السياحة والتراث الثقافي والحرف اليدوية الإيرانية، أن صائب التبريزي انتقل من تبريز إلى أصفهان خلال العهد الصفوي، حيث استقر هناك حتى وفاته.

وأضاف صالحي أن المكان الذي يضم الضريح اليوم كان في الأصل منزل التبريزي وحديقته، حيث دفن بعد وفاته في نفس المكان.

وأشار إلى أن الضريح الحالي بُني عام 1963 خلال عهد الشاه محمد رضا بهلوي، ثم خضع لعمليتي ترميم رئيسيتين، الأولى في عام 2002 والثانية عام 2017، ليأخذ شكله الحالي الذي يستقبل به الزوار اليوم.

مكانة التبريزي في الأدبين التركي والفارسي

من جهته، لفت البروفيسور إسرافيل باباجان، المحاضر في جامعة يلدريم بيازيد بالعاصمة التركية أنقرة، إلى أن مكان ولادة الشاعر صائب التبريزي يعتبر محط جدلٍ في الأوساط العلمية والأدبية.

وقال لمراسل الأناضول: "لم يذكر أي مؤرخ أو كاتب تراجم قديم، باستثناء شاملو الهروي، معلومات واضحة حول مسقط رأسه. وأشار الهروي إلى أن صائب وُلد في تبريز، إلا أن هناك اعتقادًا شائعًا بأنه وُلد في أصفهان، حيث عاش لسنوات طويلة".

وأضاف باباجان أن والد صائب التبريزي كان ينتمي إلى إحدى العائلات التجارية العريقة في تبريز، وأن والده هاجر إلى أصفهان عام 1012 هـ (1603 - 1604) برفقة مجموعة من التجار التبريزيين، الذين دعاهم الشاه عباس الأول للاستقرار في العاصمة الجديدة التي كان يسعى إلى جعلها مدينة مزدهرة ومركزًا تجاريًا وثقافيًا بارزًا.

وأشار إلى أن صائب التبريزي توجه إلى الهند في أواخر العشرينيات من عمره، كما فعل العديد من شعراء إيران في ذلك العصر، وأقام هناك لمدة تسع سنوات، وبعد عودته إلى إيران، حظي برعاية واهتمام كبيرين من قبل الحكام الصفويين، خاصة خلال فترات حكم الشاه صفي الأول، والشاه عباس الثاني، والشاه سليمان.

وأوضح باباجان أن حياة صائب التبريزي في أصفهان يمكن تقسيمها إلى مرحلتين رئيسيتين، الأولى هي الفترة التي سبقت سفره إلى الهند، والثانية هي الفترة التي تلت عودته، حيث أصبح من الشخصيات الأدبية البارزة في البلاط الصفوي.

وتابع: "على الرغم من أن صائب التبريزي كتب أغلب قصائده باللغة الفارسية، إلا أن أدبه كان محط اهتمام واسع في الأوساط الأدبية العثمانية. أحد الأسباب الرئيسية لهذا الاهتمام هو لكونه تركيًا، يصيغ الشعر الفارسي بتراكيب لغوية تتناسب مع العقلية والفهم والموروث التركي، مما جعله أكثر قربًا إلى الثقافة الأدبية العثمانية".

واستطرد: "كما أن أسلوبه الصوفي القائم على الحكمة، جعله يحظى باهتمام أكبر في الدولة العثمانية، وربما حتى أكثر من مكانته داخل إيران نفسها.

وأشار باباجان إلى أن أشعار صائب التبريزي جرى دراستها وشرحها من قبل خمسة باحثين عثمانيين، من بينهم أبوبكر نصرت، أحد كبار شُرّاح الأدب العثماني، وأحمد جودت باشا، المؤرخ ورجل الدولة البارز في أواخر العهد العثماني، منوهًا إلى أن تأثير صائب التبريزي لم يقتصر على إيران، بل امتد بقوة إلى الدولة العثمانية، حيث لقيت أشعاره اهتمامًا واسعًا، سواء في الأوساط الأدبية أو الفكرية.










الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.