متحف مولانا بقونيا.. رحلة الروح بعوالم التصوف (تقرير)
المتحف يحتضن آثارًا وكتبًا عديدة تعود بالتاريخ للقرنين الثالث عشر والرابع عشر

Konya
قونيا/ محمد شيخ يوسف/ الأناضول
- التكية تستضيف ضريح جلال الدين الرومي، ورفاقه من الدراويش والعلماء والمتصوفين- مولانا ورفاقه قضوا سنوات طويلة في رحلة العشق الإلهي، والفلسفة والتصوف
- المتحف والضريح استقطبا قرابة 150 ألف زائر وسائح من داخل البلاد وخارجها
- اليوم ختام فعاليات إحياء مراسم وفاة الرومي بحضور أركان الدولة التركية وسفراء أجانب
- المتحف يحتضن آثارًا وكتبًا عديدة تعود بالتاريخ للقرنين الثالث عشر والرابع عشر
عاش الشاعر والعالم الصوفي جلال الدين الرومي "مولانا"، سنوات طويلة في مدينة قونيا، عاصمة السلاجقة، ومدينة الصوفيين، وترك فيها آثاره الحية.
وأقام "مولانا" في المدينة طقوس التصوف والعلم والفلسفة والعلاقة بين الخالق والمخلوق، وكانت تحتضن المدينة التكية المولوية الخاصة.
وتستضيف التكية في الوقت الحالي ضريح مولانا، ورفاقه من الدراويش والعلماء والمتصوفين، الذين قضوا سنوات طويلة في رحلة العشق الإلهي، والفلسفة والتصوف لعكس هذا العشق في جلساتهم وفلسفتهم.
وتتكون التكية من جامع ومتحف والضريح، هي مقصد الزائرين والقادمين والسائحين، في منطقة قلب مدينة قونيا، بمنطقة تعرف بـ"مولانا"، تستقطب السائحين والزائرين الباحثين عن مسار الروح والطريق للعشق الإلهي.
وتفيد أرقام مديرية الثقافة والسياحة في قونيا، أن المتحف والضريح استقطبا هذا العام في إحياء ذكرى وفاة مولانا الـ746 في الفترة من 7-17 كانون أول/ديسمبر، قرابة 150 ألف زائر وسائح من تركيا ومختلف دول العالم.
وتتكون هذه الأرقام من سياحة من داخل قونيا ومحيطها، والمدن التركية المختلفة التي تأتي يومًا واحدًا عبر القطارات السريعة والعادية والطائرات والحافلات، والقوافل السياحية الوافدة من خارج تركيا.
ويستهل الزائرون جولتهم بالدخول إلى الضريح وقراءة الفاتحة على أرواح "الرومي" ورفاقه وطلبته، والتوجه لله بالأدعية من هذا المكان الروحي، ترافقهم دموع الحب والعشق الإلهي.
ويقع داخل الضريح عدة قبور لمولانا ورفاقه، وتوزعت الأماكن لجلوس الزائرين للتمتع بالأجواء الروحانية ترافقها موسيقى التصوف، وخصصت أماكن للصلاة للراغبين بأداء صلواتهم.
وفي محيط المقام، الذي يقع داخل الجامع، تنتشر غرف الدراويش المختلفة، ومنها مكان إقامة مولانا ورفاقه، حيث تحولت هذه الغرف إلى متحف يضم آثارًا ومقتنيات مختلفة، وسناجق ورايات مختلفة.
وتضم الغرف الصغيرة عدة مقتنيات وآلات وأدوات كانت تستخدم في التكية من قبل الدراويش من فوانيس وآلات موسيقية عديدة، وآلات الناي المختلفة التي كانت أساس "رقصة السماح" التي تعكس حالة التصوف.
كما يحتضن المتحف آثارًا وكتبًا عديدة تعود بالتاريخ للقرنين الثالث عشر والرابع عشر، ومنها مثنوية مولانا مكتوبة بخط يد أحد الخطاطين في تلك الحقبة، فضلا عن آثار وأشعار وكتب عديدة.
المتحف أيضا يضم ملابس "الرومي" من جبة وأحزمة وعمامات، ومختلف التجهيزات التي كان يستخدمها، فضلا عن انتشار غرف مخصصة للوظائف المكلف بها دراويش المولوية.
وفي مبنى أكبر من الغرف يقع بركن التكية، يوجد مقر إقامة الرومي، التي تضم غرفة علوية من أجل الاستراحة والتفكير بعمق، وكانت تستمر أحيانا عمليات التفكر بعمق أيامًا عديدة.
ووضع في هذا المبنى عدد من التماثيل الشمعية لمولانا ورفاقه، تشمل مائدة طعامه مع العلماء والجلوس والتفكر وحولهم دراويش ينفذون رقصة السماح، وآخرون يعدون الطعام.
وتظهر طقوس التصوف التي كانت تجري في هذا المكان لسنوات طويلة، فيما يرافقها موسيقى التصوف المميزة.
كل هذه التراتبية في المتحف مع المزار تقود الزائر إلى رحلة الروح في تاريخ العشق الإلهي والتصوف، ومعرفة الطريق الذي سلكه علماء المسلمين في تقديم فلسفتهم ونظرتهم للعلاقة بين الخالق والمخلوق.
وتختتم اليوم فعاليات إحياء مراسم وفاة الرومي هذا العام بحضور أركان الدولة التركية، وعدد من سفراء وأفراد البعثات الأجنبية في البلاد.
وجلال الدين الرومي، من أهم المتصوفين في التاريخ الإسلامي، حيث أنشأ طريقة صوفية عرفت بـ"المولوية"، وكتب كثيرا من الأشعار، وأسس المذهب المثنوي في الشعر، ونظم مئات آلاف أبيات الشعر عن العشق الإلهي والفلسفة.
ولد الرومي بمدينة بلخ في خراسان، في 30 أيلول/سبتمبر 1207، ولقب بـ"سلطان العارفين" لما له من سعة في المعرفة والعلم، استقر في قونيا حتى وفاته في 17 كانون أول 1273، بعد أن تنقل طلبا للعلم في عدد من المدن أهمها دمشق.
وكان "الرومى" مثالًا عظيمًا للتسامح، متّبعا تعاليم الدين، وأُحيط بأشخاص من الديانات والملل الأخرى، وضرب مثالًا للتسامح معهم وتقبلا لآرائهم وأفكارهم، وكان كل من يتبع مذهبه يرى أن كل الديانات خير، وكلها حقيقية.
ورغم مرور قرون على رحيله، ما يزال الملايين حول العالم يلبون دعوة المعلم الروحي جلال الدين الرومي، ويتوافدون سنويًا لزيارة قبره في متحف "مولانا" بولاية قونيا، وسط تركيا.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.