أنقرة/ كوكسل يلدريم/ الأناضول

تزايدت الجهود الرامية إلى تحويل الطائرات المروحية المستخدمة في المهام المدنية والعسكرية إلى طائرات دون طيار، بعد النجاحات الميدانية التي حققتها الأنظمة غير المأهولة والمزايا التي وفرتها في ساحات العمليات.

وتتصدر شركات عالمية عملاقة في مجال الصناعات الدفاعية والطيران، مثل "لوكهيد مارتن" و"هونيويل" و"ليوناردو"، مشهد هذه الجهود من خلال تطوير طائرات هليكوبتر دون طيار قادرة على تنفيذ مهام الاستطلاع والمراقبة، وجمع المعلومات الاستخبارية، والعمليات القتالية، إضافة إلى مهام الشحن، نقل المعدات الطبية، وتوصيل المساعدات العاجلة.

وأجرت شركة "سيكورسكي" التابعة لـ"لوكهيد مارتن" (أمريكية) تعاونًا مع وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة (وكالة بحث وتطوير تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية)، لتنفيذ مشروع طائرة هليكوبتر مساعدة ذاتية التحكم، بهدف دعم مهام الإمداد وإجلاء الجرحى.

وأسفر هذا التعاون عن تنفيذ عرض تقني باستخدام مروحية "يو إتش-60 إيه بلاك هوك" في عام 2022، ضمن برنامج يهدف إلى تحويل هذه المروحيات إلى منصات غير مأهولة وقادرة على تنفيذ مهام الدعم اللوجستي والإخلاء والاستطلاع في الخطوط الأمامية دون تدخل بشري مباشر.

وفي السياق ذاته، منحت القوات البرية الأمريكية عقدًا لشركتي "نير إرث أوتونومي" و"هونيويل" لتحويل مروحيات "يو إتش-60 إل بلاك هوك" إلى منصات لوجستية ذاتية التشغيل.

ويهدف المشروع إلى تحديث الأسطول الحالي من المروحيات لتصبح قادرة على تنفيذ العمليات غير المأهولة، من خلال دمج أنظمة الطيران الإلكتروني المتقدمة من "هونيويل" وبرمجيات الطيران الذاتي من "نير إرث"، بما يسهم في تعزيز سلامة الجنود ورفع كفاءة العمليات اللوجستية في البيئات ذات الوتيرة العالية.

بدورها، صممت شركة "ليوناردو" الطائرة المروحية غير المأهولة "بروتيوس"، استنادًا إلى مروحية "إيه دبليو09" ذات المحرك الواحد. وتُعد هذه الطائرة، التي يبلغ وزنها نحو 3 أطنان، من الحلول المعدة خصيصًا للعمليات البحرية لصالح البحرية الملكية البريطانية، بفضل قدراتها الذاتية على الطيران، وحجرتها المعيارية للشحن، وتقنيات التصنيع المبتكرة المستخدمة في تطويرها.

إلى جانب هذه الشركات، تعمل العديد من المؤسسات والشركات في مختلف الدول والمناطق، ممن تمتلك خبرات في مجالي الطيران والأنظمة الذاتية، على تطوير نماذج متنوعة من الطائرات المروحية غير المأهولة.

- دخول أول مروحية دون طيار إلى الخدمة في تركيا

وفي تركيا، مهدت "اتفاقية التعاون الاستراتيجي" الموقعة بين شركة "تيترا تكنولوجي" ومديرية المصنع الرئيسي الخامس للصيانة التابعة لوزارة الدفاع التركية، الطريق نحو التوسع في استخدام المروحيات غير المأهولة.

وبعد مراعاتها لاحتياجات المنصات ذات القدرة العالية على حمل الأوزان، والبقاء لفترات طويلة في الجو، والطيران بمحركات تعمل بالوقود، على ارتفاعات كبيرة ولمسافات طويلة، قامت شركة "تيترا تكنولوجي" في عام 2020 بتحويل مروحية مأهولة إلى طائرة دون طيار.

وفي هذا الإطار، جرى تحويل منصة قادرة على حمل شخصين بوزن إجمالي يصل إلى 190 كيلوغرامًا والبقاء في الجو لمدة تصل إلى 3 ساعات، إلى مروحية غير مأهولة.

ومع التعديلات وعمليات التطوير اللاحقة، تم إنتاج أول مروحية تركية غير مأهولة تحمل اسم "ألبين"، بقدرة حمولة تصل إلى 200 كيلوغرام وزمن طيران يتجاوز 9 ساعات.

وتمكنت "ألبين" من دخول الخدمة ضمن ملاك القوات الأمنية التركية، كما تلقت طلبات جديدة من جهات أخرى لاستخدامها في مهام مختلفة.

وإلى جانب "ألبين"، عملت "تيترا تكنولوجي" على تحويل عدد من المروحيات الموجودة ضمن ملاك القوات الأمنية التركية إلى منصات غير مأهولة، حيث تم اتخاذ خطوة مهمة مؤخرًا بتوقيع اتفاقية تعاون استراتيجي لتحقيق هذا الهدف.

وفي هذا الإطار، أعلنت شركة "باسيفيك تكنولوجي" عبر موقعها، توقيع اتفاقية بين "تيترا تكنولوجي" ومديرية المصنع الرئيسي الخامس للصيانة التابعة لوزارة الدفاع التركية، من أجل توسيع نطاق استخدام المروحيات التي تم تحويلها إلى طائرات غير مأهولة، وتهيئتها للعمل في بيئات جغرافية متنوعة لأغراض لوجستية.

- المروحيات تكتسب قدرات جديدة

وبالنظر إلى هذه الاتفاقيات والإمكانات التقنية للطرفين، يُتوقع أن تتوسع نماذج المروحيات غير المأهولة وتتنوع بشكل أكبر.

ومن خلال دمج خبرة "تيترا تكنولوجي" في الأنظمة غير المأهولة والذاتية مع البنية التحتية التقنية لمديرية المصنع الرئيسي الخامس للصيانة، من المنتظر أن تتسارع عملية تطوير التقنيات المحلية التركية في هذا القطاع.

وتُعد مديرية المصنع الرئيسي الخامس للصيانة، التي تتمتع بخبرات عالية المستوى في صيانة وإصلاح وتحديث الطائرات والمروحيات، واحدة من أبرز مراكز صيانة المروحيات في العالم، حيث تقدم خدماتها لمروحيات المهام العامة والهجوم والاستطلاع والتدريب.

أما شركة "تيترا"، فقد أثبتت كفاءتها في هذا المجال من خلال نجاحها في تحويل مروحيات مأهولة إلى غير مأهولة ودمجها ضمن ملاك القوات العسكرية والأمنية التركية.

ومن خلال تحويل بعض المروحيات إلى طائرات غير مأهولة، ستصبح عمليات نقل الأحمال التي تتجاوز 500 و1000 كيلوغرام عبر طائرات دون طيار ممكنة، ما يعزز من فعالية المهام اللوجستية خصوصًا في المناطق الجغرافية الوعرة، مثل المناطق الجبلية ومناطق الكوارث.

كما ستتيح هذه المروحيات تنفيذ المهام في المناطق الخطرة، دون تعريض حياة البشر للخطر، فضلًا عن تقليل الاعتماد على العمليات التدريبية المكلفة لتأهيل الطيارين.