الدول العربية, التقارير, فلسطين, قطاع غزة

في منزل آيل للانهيار.. عائلة "بدوان" تصارع للبقاء في غزة (تقرير)

بين أنقاض المنازل المدمرة في منطقة جباليا شمالي قطاع غزة، تتدلى ملابس ملونة علقتها عائلة "بدوان" على حبل بلاستيكي، في مشهد يشي بأن الفلسطيني يتشبث بخيوط الحياة رغم الركام الناجم عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل على مدار عامين.

Nour Mahd Ali Abuaisha  | 31.10.2025 - محدث : 31.10.2025
في منزل آيل للانهيار.. عائلة "بدوان" تصارع للبقاء في غزة (تقرير)

Gazze

غزة / الأناضول

** الفلسطينية نائلة بدوان، في حديث للأناضول:
- حياتنا اليومية تحولت إلى معاناة سواء بجلب المياه أو شحن الهواتف أو طهي الطعام
-  أجزاء صغيرة من ركام المنزل تسقط على وجوهنا، وسقط حجر قرب طفلي
- لا بديل لنا ولا مصدر للدخل ونطالب بخيمة تؤوينا

بين أنقاض المنازل المدمرة في منطقة جباليا شمالي قطاع غزة، تتدلى ملابس ملونة علقتها عائلة "بدوان" على حبل بلاستيكي، في مشهد يشي بأن الفلسطيني يتشبث بخيوط الحياة رغم الركام الناجم عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل على مدار عامين.

بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ودخوله حيز التنفيذ باليوم التالي، قررت العائلة الفلسطينية العودة إلى ما تبقى من منزلها، الذي تخرج منه قضبان حديدية بشكل عشوائي وخطر، بينما تتساقط حجارته شيئا فشيئا.

المنزل لم يعد كما كان؛ بقي منه جزءان فقط من طابقين، يصعد أفراد العائلة إلى العلوي عبر سلم خشبي منصوب على أنقاض حجرية، حيث يمكن لأي خطوة خاطئة أن تتسبب بسقوط مؤذ.

فوق تلك الأنقاض يعيشون يومياتهم في طابق متصدع يقوم على أرضية متهالكة تسندها أعمدة متضررة، ما يجعل انهياره المحتمل كفيلا بإحداث كارثة تصيب ساكنيه في أي لحظة.

الجدران المفقودة والفجوات الواسعة المنتشرة في أرجاء البيت تروي قصص القصف الإسرائيلي الذي طال المنطقة خلال الإبادة الجماعية التي بدأت في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ورغم الخطر الذي يهدد حياتها، ترفض عائلة بدوان مغادرة منزلها المدمر، وذلك بسبب غياب البدائل ومصادر الدخل التي تتيح لها حياة أكثر أمانا.

وفي 16 أكتوبر الجاري، أعلن المكتب الحكومي بغزة أن القطاع "منطقة منكوبة بيئيا وإنشائيا".

وبحسب المكتب دمرت إسرائيل نحو 268 ألف وحدة سكنية كليا، وقرابة 148 ألف وحدة بشكل بليغ جعلها غير صالحة للسكن، إضافة إلى 153 ألف وحدة أخرى تضررت جزئيا، ما أدى إلى تشريد أكثر من 288 ألف أسرة فلسطينية أصبحت بلا مأوى.

** معاناة يومية

تقول نائلة بدوان إن الحياة على ما تبقى من منزلها المدمر في بلدة "جباليا النزلة"، تحولت إلى سلسلة يومية من المعاناة منذ عودتها إليه بعد الحرب.

هذه المنطقة انسحب منها الجيش الإسرائيلي مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار، وأعاد التمركز في مواقع جديدة داخل القطاع شرق ما يُعرف بـ"الخط الأصفر"، والذي يغطي وفق تقديرات الجيش أكثر من 50 بالمئة من القطاع.

وتوضح بدوان للأناضول أن الوصول إلى المياه يمثل تحديا يوميا، إذ يضطر أطفالها إلى المشي لمسافات طويلة ورفع جالونات المياه إلى الطابق العلوي عبر سلم خشبي، ما يتسبب بتورم أيديهم وإصابتهم بآلام في الظهر.

وتضيف أن شحن الهواتف يتطلب السير لعدة كيلومترات إلى منطقة الجلاء وسط مدينة غزة، فيما تحول طهو الطعام إلى معاناة إضافية بسبب انعدام الغاز، إذ يعتمدون على جمع قصاصات البلاستيك والأوراق لإشعال النيران، ما يسبب مشكلات تنفسية لأفراد العائلة.

وتقول بدوان إنها تعيش بلا راحة منذ شهور عديدة جراء هذه المعاناة التي لم تتوقف رغم انتهاء الحرب.

** خطر الانهيار

وتوضح السيدة الفلسطينية أنها كانت تعيش مع أطفالها في طابق مستقل قبل الحرب، لكنها اليوم تقيم في غرف متصدعة ضيقة مع 5 من أفراد أسرتها.

وتشير إلى أن المنزل يتعرض لانهيارات متكررة، حيث تتساقط قطع من الإسمنت والحجارة أثناء الليل.

وتتابع: "كنا نائمين ليلا، فسقط حجر إسمنتي"، لافتة إلى أن طفلها نجا من هذا الحادث الأليم.

وتوضح أنهم يشعرون أثناء نومهم بتساقط أجزاء صغيرة من الركام على وجوههم وأعينهم، مبينة أن أي حركة بسيطة قد تتسبب بانهيار جزئي بالمنزل وسط مخاوف من انهياره الكامل.

كما أن انكشاف المنزل جعل ما تبقى منه عرضة لدخول القوارض والحشرات، ما يزيد من معاناة العائلة.

** لا بدائل

ورغم الخطر ترفض العائلة مغادرة منزلها، وتقول نائلة: "لا يوجد لدينا مصدر للدخل، وزوجي أصيب خلال الحرب".

وأشارت إلى أنهم يعيشون ظروفا إنسانية واقتصادية قاسية وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية.

وتعرب عن خشيتها من غرق ما تبقى من المنزل مع اقتراب موسم الأمطار، في ظل غياب الوسائل التي تقيهم من البرد.

وتطالب السيدة بتوفير خيمة وملابس لأطفالها بما يحميهم من الغرق والبرد والأمراض التي تلازم فصل الشتاء المرتقب قريبا.

ويعاني الفلسطينيون في غزة من نقص حاد في الخيام التي تؤويهم بعد تدمير منازلهم، وتشير بيانات المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن 93 بالمئة من الخيام انهارت ولم تعد صالحة للاستخدام، ما يفاقم المخاوف مع اقتراب موسم الأمطار.

** تحذيرات متكررة

عائلة بدوان واحدة من عشرات الآلاف من العائلات التي عادت إلى ما تبقى من منازلها أو لأنقاض المنازل لتعيش فيها عقب انتهاء الحرب.

ويرى كثير من الفلسطينيين أن العودة إلى منازلهم المدمرة خيار أقل قسوة من البقاء في الخيام المتهالكة التي لا تقيهم برد الشتاء.

ومنذ توقف الحرب، تكررت انهيارات المنازل المتصدعة نتيجة القصف الإسرائيلي السابق، ما أدى إلى سقوط ضحايا.

وقال متحدث الدفاع المدني محمود بصل إن "آلاف المباني في غزة مهددة بالانهيار في أي لحظة"، مشيرا إلى نقص الإمكانات اللازمة لتدعيمها أو تقييمها هندسيا.

وبدأت إسرائيل في 8 أكتوبر2023 حرب إبادة جماعية بدعم أمريكي، استمرت لعامين، وخلفت أكثر من 68 ألف قتيل، وأكثر من 170 ألف جريح.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.