بيروت / وسيم سيف الدين / الأناضول

غادر الرئيس اللبناني جوزاف عون، الاثنين، بيروت متوجها إلى القاهرة في زيارة رسمية، تلبية لدعوة من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي.

ووفق بيان للرئاسة اللبنانية، يرافق الرئيس عون وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي وعدد من المستشارين، وينضم إلى الوفد سفير بيروت بالقاهرة علي الحلبي.

وفي 4 مارس/ آذار الماضي، زار عون القاهرة، حيث شارك في القمة العربية غير العادية لدعم القضية الفلسطينية، في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية الراهنة.

وخلال لقائه عون وقتها، أكد السيسي استعداد الشركات المصرية للانخراط بفاعلية وكفاءة في عملية التنمية وإعادة الإعمار في لبنان، حسب بيان للرئاسة المصرية.

وانتخب عون رئيسا للبنان في يناير/ كانون الثاني الماضي بعد أكثر من عامين على تولي حكومة تصريف أعمال زمام الأمور، ويسعى إلى قيادة بلاده نحو التعافي.

ومنذ عام 2019، يعاني لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة بتاريخه الحديث، زادتها سوءا تداعيات حرب مدمرة شنتها عليه إسرائيل بين سبتمبر/ أيلول ونوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين.

** عتاد هندسي

وتأتي زيارة عون، الذي كان قائدا للجيش، إلى مصر في ظل تحديات إقليمية وداخلية معقدة تواجهها بلاده، لا سيما مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمناطق في جنوب لبنان.

كما يستمر الجيش الإسرائيلي بوتيرة يومية في خرق اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 27 نوفمبر الماضي، عبر اعتداءات تستهدف المدنيين الأبرياء وتدمر البنية التحتية.

ومن المتوقع أن تتناول محادثات عون والسيسي سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري، وتناقش الدعم المصري المستمر للبنان في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية التي يمر بها.

وقال عون، في مقابلة مع قناة "أون تي في" المصرية بثت مساء الأحد، إنه سيبحث مع السيسي "العلاقات الثنائية بين البلدين".

وأضاف: وكذلك "زيارة الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب إلى المنطقة، والقمة (الخليجية الأمريكية) التي حصلت في الخليج، ورفع العقوبات (الأمريكية) عن سوريا".

وبين الثلاثاء والجمعة الماضيين، أجرى ترامب أول جولة له بالخليج في ولايته الثانية، شملت السعودية وقطر والإمارات.

وتابع عون: "على المستوى الاقتصادي، يمكن أن نستفيد من ملفات كثيرة.. من الغاز والكهرباء وإعادة الإعمار ودعم الجيش وإعادة إحياء اللجنة المشتركة العليا".

ومضى قائلا إنه سيبحث أيضا "دعم (مصر لـ) الجيش (اللبناني)، خاصة بالعتاد الهندسي للتعامل مع المتفجرات والأنفاق".

** علاقات تاريخية

وتتمتع العلاقات بين البلدين بجذور تاريخية عميقة، إذ كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال لبنان عن الاستعمار الفرنسي في أربعينيات القرن الماضي.

ولعبت القاهرة دورًا محوريًا في دعم التوافق اللبناني الداخلي، إذ استضافت اجتماعات بين القادة اللبنانيين أدت إلى صياغة "الميثاق الوطني"، الذي أسس لنظام الحكم في لبنان بعد الاستعمار الفرنسي.

على الصعيد السياسي، تتسم علاقات القاهرة وبيروت بتوافق تام تجاه القضايا الإقليمية والدولية، مع تأكيد مصر المستمر دعم استقرار لبنان ووحدته الوطنية.

وأعرب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مرارا عن دعم بلاده الكامل للجهود المبذولة لاستعادة الأمن والاستقرار في لبنان، واستعداد القاهرة للمساهمة في إعادة إعمار لبنان وتطوير بنيته التحتية.

اقتصاديًا، يرتبط البلدان بعلاقات تجارية قوية، وبلغ حجم الصادرات المصرية إلى لبنان عام 2023 حوالي 736 مليون دولار، شملت منتجات مثل النفط المكرر وحديد التسليح.

وتعمل اللجنة العليا المشتركة بين مصر ولبنان على تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار، مع تأكيد أهمية استكمال ما تم الاتفاق عليه في دورات اجتماعاتها السابقة.

ثقافيًا، لعبت شخصيات لبنانية دورا مهما في النهضة المصرية خلال القرن العشرين، إذ ساهم لبنانيون في إثراء الحياة الثقافية والفنية بمصر، خاصة في المسرح والسينما والصحافة.

وتُعد العلاقات بين مصر ولبنان نموذجا للتعاون العربي المثمر، إذ يجمع البلدين تاريخ مشترك وروابط ثقافية واقتصادية وسياسية متينة، ما يعزز أهمية استمرار التنسيق والتعاون بينهما في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.