طالبوا بالمحاسبة.. شهود مجزرة البيضا يروون فصولا من جرائم نظام الأسد (تقرير)
- ارتكبتها قوات النظام السوري المخلوع وعصابات "الشبيحة" مطلع أيار 2013 في قرية البيضا بمدينة بانياس وذهب ضحيتها 248 مدنيا

İstanbul
بانياس/ أشرف موسى/ الأناضول
- ارتكبتها قوات النظام السوري المخلوع وعصابات "الشبيحة" مطلع أيار 2013 في قرية البيضا بمدينة بانياس وذهب ضحيتها 248 مدنيا**شهود قالوا للأناضول:
-"لا توجد جريمة في الكون إلا وارتكبوها من القتل للحرق، للفسخ للسلخ للذبح، لقطع الرأس والأطراف، ارتكبوا فظائع كبيرة جدا بالقرية".
- "قُتل 23 شخصًا من أفراد عائلتي، بينهم أطفال ورُضّع، وأُحرقت القرية بالكامل أمام أعيننا، ولا تزال آثار الحرق قائمة"
-"نطالب بالقصاص من العالم كله والأمم المتحدة، بشار الأسد مجرم والمسؤول الأول والأخير مع أخيه ماهر الأسد لأن الأوامر جاءت من دمشق".
-"عندي إيمان بالقصاص سبق وكانت جرائم في البوسنة والهرسك لم تكن بهذا الشكل، آل الأسد ارتكبوا جرائم أفظع وخاصة من قبل ماهر الأسد".
روى شهود ناجون من مجزرة قرية البيضا في مدينة بانياس بمحافظة طرطوس السورية، فصولا من جرائم نظام بشار الأسد المخلوع، الذي قتل أهالي القرية وحرقهم وغيّب معظمهم، مطالبين الحكومة الجديدة بمحاسبة مرتكبيها.
وارتكبت قوات تابعة للنظام السوري من الجيش والأمن والعصابات الموالية له والمعروفة محليا بـ "الشبيحة"، مجازر في قرية البيضا مطلع أيار/مايو من العام 2013 وذهب ضحيتها بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" 248 مدنيا.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري سيطرت الفصائل السورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
والتقت الأناضول، بعد سقوط الأسد، عددا من الناجين من المجازر الوحشية التي ارتكبها النظام السوري في بانياس (غرب) والتي كانت من أولى المناطق التي ثارت ضده، وشهدت مظاهرات سلمية حاشدة، لكنها دفعت الثمن غاليا، فتعرضت لمجازر وحملات عسكرية أمنية، رافقتها اعتقالات وانتهاكات واسعة، وتخريب للبيوت والمساجد.
- قتل وحرق وتقطيع للأطراف
حسن يحيى بياسي، أحد الناجين من المجزرة، قال للأناضول التي التقطت عدستها صورا من قرية البيضا: "ارتُكبت في القرية جميع أنواع الجرائم من القتل إلى الحرق، والفسخ، والذبح، وقطع الأطراف. لقد كانت فظائع لا يمكن وصفها".
وأضاف: "قُتل 23 شخصًا من أفراد عائلتي، بينهم أطفال ورُضّع، وأُحرقت القرية بالكامل أمام أعيننا، ولا تزال آثار الحرق قائمة".
واستطرد قائلاً: "كل بيت في القرية فقد أحدا من أفراد عائلته. المنفذون كانوا من الأمن العسكري وأمن الدولة والأمن السياسي والدفاع الوطني، بالإضافة إلى ميليشيات تابعة لهلال الأسد(ابن عم بشار الأسد)".
وطالب بياسي الحكومة الجديدة "بالقصاص منهم جميعا"، مستذكرا أخاه الذي قال إنهم قتلوه ظلما وعدوانا بينما كان قادما على طريق بحمل 200 كيلو من البصل.
وأضاف "النقيب أمجد الحسن في أمن الدولة أوقف أخي والسائق الذي كان معه واعتقلهما بتهمة ضبط أسلحة معهما قبل إعدامهما".
وأوضح أن قوات النظام كانوا أيضا يجبرون الناس على الاعتراف على جرائم لم يرتكبوها ولم يكونوا شاهدين عليها، ومن يرفض يتم إطلاق النار عليه.
وقال إنهم "أطلقوا النار على الشيخ عمر (إمام مسجد بالقرية) بعد أن أحضروه وطلبوا منه الاعتراف بأنه رئيس مجموعة إرهابية، لكنه رفض وقال أريد قول الحق فقط، فقالوا له لا كما نريد نحن. وحينما رفض تم إطلاق النار عليه وأردوه قتيلا".
وختم كلامه "نطالب بالقصاص من العالم كله والأمم المتحدة، بشار الأسد مجرم والمسؤول الأول والأخير مع أخيه ماهر الأسد لأن الأوامر جاءت من دمشق، عندي إيمان بالقصاص. آل الأسد ارتكبوا جرائم تضاهي الجرائم والفظائع في البوسنة والهرسك، وخاصة من قبل ماهر الأسد".
-غدر بعد إعطاء "الأمان"
عدنان فتوح، وهو شاهد آخر، قال إن عناصر النظام والشبيحة قتلوا 13 فردا من أفراد عائلته، من بينهم 5 أطفال و3 نساء، بعد أن أعطوهم الأمان للعودة إلى منازلهم.
وعن تفاصيل الحادثة قال: "كنا بالبيضا جالسين بأمان، فجأة نزل علينا من الجبال عناصر مدججون بالسلاح وبدأوا بقتل الناس، هذه أول مجزرة، كنا شاهدين عليها ونجونا منها وغادرنا القرية".
وأردف "مرت الأيام وتلقينا وعودا من مسؤول أمني بأن نعود إلى القرية بأمان. أصرّ أخي على الذهاب رغم تحذيري له لأني كنت أعرف طبيعتهم وقلت له إن لم يقتلونا سيأخذوننا للسجن".
وتابع: "كنا آنذاك في شهر رمضان. قال لنا أخي بعد أن ذهب إن الوضع جيد في القرية، وطلب من أهلي الذهاب لتناول طعام الإفطار معا".
"عند اجتماعهم على مائدة الإفطار عند المغرب أبلغونا أنه حصل إطلاق نار كثيف. طلبت من أخي الهروب فورا، فقال لا يستطيعون لأن الأمن طوّق المنطقة، أضاف فتوح.
وقال "ذهب أخي أسامة تكلم معهم وطلب منهم أن يتركوهم فأعطوهم الأمان بأنه لن يحصل لهم شيء".
وتابع "بقينا نتواصل معهم حتى الساعة 7 صباحا بعدها قطعت الاتصالات، اتصلت بأحد سكان القرية. قال لي لا أثر عن أهلك وأبلغنا أن النار كانت مشتعلة في البيت، فكانت صدمة بالنسبة لنا".
واوضح أنه لدى سؤاله المسؤول الأمني عن سبب منحهم الأمان وارتكاب المجزرة، أجاب المسؤول بأنه ليس لهم علاقة، وإن مرتكبيها هم عناصر الدفاع الوطني واللجان الشعبية (الشبيحة).
وتابع فتوح: "13 شخصا من العائلة قتلوا في هذه المجزرة؛ هم: أخي أسامة زوجته وأبناءه هنادي وهيا وعلي ويامن، وأخي نضال وزوجته ميس وابنيه محمد وسعاد، وأخي زياد، وزوجات عمي فاطمة وحنان، وضعوهم بالغرفة وفتحوا عليهم أسطوانة الغاز واطلقوا عليهم الرصاص واشعلوا المنزل وذهبوا".
وردا على سؤال عما إذا استطاعوا الوصول إلى جثثهم، قال إنهم لم يعثروا سوى على القليل من الجماجم.
وعن أعمارهم قال "منهم 5 أطفال، أصغرهم بعمر العامين، و3 شباب وشابتين و3 نساء".
وطالب فتوح بمحاكمة الفاعلين، قائلا: "أوجه كلمة لفصائل الثورة. أتمنى أن يأخذوا حقنا هنا في ساحة البيضا، نريد ثأرنا هنا في الساحة. دمنا لن يذهب هدرا وأتمنى من جميع الأمم والعالم أن لا يذهب دمنا هدرا لأنه أمر لا يتخيله عقل، رأيت أمور تقشعر لها الأبدان، نريد محاكمة هؤلاء المجرمين بهذه الساحة ويجب محاكمتهم".
- قتل الأطفال بدم بارد
عبد الستار أحمد خليل، الملقب بـ"عبود خليل"، تحدث عن مشاهد تقشعر لها الأبدان، قائلاً: "شهدت على مقتل رضيع عمره 6 أشهر. عندما بكى، طلب أحد الجنود من والدته أن تسكته، وعندما لم تستطع، أطلق النار عليه مباشرة".
وأضاف: "جمعوا عائلات بأكملها في غرف وأعدموا الجميع. نقلنا الجثث ودفناها في مقبرة جماعية".
قال خليل إنه كان "شاهدا على مجزرة قرية البيضاء من بابها لمحرابها"، مستذكرا بألم خطيبته وأهلها الذين كلهم قتلوا، "شابان وطفلان و3 بنات والأم والأب".
وأضاف "المجزرة حدثت في 2 مايو 2013 بدأ الاجتياح على قرية البيضا لأنها كانت ضد نظام بشار الأسد، تم الاجتياح الساعة 7 صباحا، وحصلت الإعدامات الميدانية من الساعة الواحدة (ظهرا) للساعة الثالثة تقريبا، المسؤول عن الإعدامات الدفاع الوطني (الشبيحة)، والجيش".
وأكمل "أقسى المشاهد كانت لطفل عمره 6 شهور من صوت الضجيج والرصاص، صار يبكي، فقيل لأمه بلجهة سخرية، إما أن تسكتيه أو نسكته بطريقتنا. فأطلقوا عليه الرصاص بالمسدس فورا وقالوا لأمه هكذا يسكت، بحياتك لن تسمعي صوته".
وشرح أيضا ما وصفها "المشاهد المؤلمة المؤسفة أكثر، وهي مسألة التخيير للشخص بأن يقتلوه هو أو ابنه".
قال "مثلا، طُلب من رجل أن يختار بين حياته وحياة ابنه. سألوا الرجل مرتين، فاختار أن يُقتل هو، فأعدموه أمام ابنه الذي شاهد كل شيء".
وأضاف: "جمعوا الأهالي في أماكن خاصة، ونفذوا إعدامات جماعية. في حي بيت عمي، حشدوا الجميع داخل مستودع، وأعدموهم بالرصاص".
وختم خليل حديثه: "ديننا دين تسامح ومحبة والقتلة يجب محاسبتهم من الحكومة الجديدة. لا نريد الانتقام الفردي الذي يؤدي للفوضى نريد للحكومة محاكمتهم ومحاسبتهم ونأمل من دول العالم دعم الدولة بالحق".
- ناجية وحيدة من عائلتها
رشا أسامة فتوح، الناجية الوحيدة من عائلتها، وهي طالبة جامعية، قالت للأناضول: "كنت في الصف الرابع يوم وقعت المجزرة. كان أهلي يخططون للذهاب إلى القرية، لكنني لم أرغب في مرافقتهم. والدتي لم تكن معتادة على تركنا ننام بعيدًا عن المنزل، لكنها هذه المرة وافقت على بقائي في بانياس".
وأضافت: "كان ذلك في شهر رمضان. كنت أتصل بهم باستمرار وأطلب منهم العودة إلى بانياس. في الساعة السادسة مساءً، سمعت بدخول القوات إلى القرية. قتلوا جميع من في القرية. لم أستوعب ما حدث، وعندما استيقظت في اليوم التالي، رأيت أعمامي وعمتي يبكون. لقد فقدنا 13 شخصًا من عائلتنا كانوا في المنزل".
وأردفت قائلة: "دخلت الغرفة وحدي، ولم أعرف ماذا أفعل. رأيت طعام الإفطار كما هو، لم يمسه أحد. لم يأكل أبي، ولا أمي، ولا إخوتي الصغار. كل شيء كان في مكانه وكأن الزمن قد تجمّد".
وتابعت: "كنت أتعلق بأمل أنهم قد يكونون في سجن صيدنايا. كنت أقول لنفسي: ربما هم هناك أحياء. الآن أقول: ربما كان من الأفضل أنهم لم يكونوا في أي سجن. قيل لي إن هناك أشخاصًا أُعدموا، لكنني كنت أستبعد أن يكون أهلي بينهم. آخرون من القرية قالوا لي إنهم رأوا إخوتي في إحدى الحافلات، وظللت أعيش على أمل عودتهم".
وأردفت: "عشت سنوات أنتظر عودة أهلي، كنت أسهر الليالي بانتظارهم. وعندما صدر العفو العام، لم أنم تلك الليلة. كنت مقتنعة أنهم سيعودون، لكن ذلك لم يحدث، فقدت الأمل لفترة، ثم عاد لي الأمل مجددًا خلال اليومين الأخيرين، لكنه سرعان ما تلاشى. كانت والدتي تحلم بأن أتعلم وأحقق أحلامي، وأنا أسعى اليوم لتحقيق هذا الحلم، نريد العدالة، نريد حقنا".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.