سوريا.. الحمّام العثماني في منبج شاهد على ذاكرة المدينة (تقرير)
- بُني في عهد السلطان عبد الحميد الثاني مطلع القرن العشرين، وما يزال يحافظ على مكانته كإرث ثقافي رغم الدمار ونهب الآثار المحيطة به.

Halab
حلب/ أحمد قره أحمد/ الأناضول
- بُني في عهد السلطان عبد الحميد الثاني مطلع القرن العشرين، وما يزال يحافظ على مكانته كإرث ثقافي رغم الدمار ونهب الآثار المحيطة به.- المؤرخ المحلي في منبج مظفر أبو زلم للأناضول: الحمّام إرث عثماني ثمين وحمايته خلال الحرب وبعدها إنجاز بحد ذاته.
- الباحث والأكاديمي في علم الآثار عبد الوهاب الشيخ للأناضول: خلال سنوات الحرب تعرضت العديد من المواقع الأثرية في المدينة للتدمير أو النهب، فيما بيعت بعض القطع في السوق السوداء.
رغم الدمار الذي لحق بمدينة منبج في محافظة حلب شمالي سوريا، ما يزال الحمّام العثماني الذي شُيّد في عهد السلطان عبد الحميد الثاني قائمًا بعد أكثر من قرن على بنائه، محتفظا بمكانته كأحد أبرز معالم التراث الثقافي في المدينة.
الحمّام الذي شُيد بين عامي 1900 و1910، تعرّض لأضرار جسيمة بفعل سنوات الحرب في سوريا، فضلا عن الزلزال المدمّر الذي ضرب المنطقة عام 2023، لكنه ما زال حاضرا بخصائصه المعمارية وقيمته التاريخية، بانتظار الترميم.
لم يكن هذا الحمّام مجرد مرفق للاستحمام، بل كان مركزا اجتماعيا وثقافيا مهمّا لسكان المدينة، حيث كانوا يجتمعون فيه خلال حفلات الزفاف والمناسبات الدينية حتى ما قبل اندلاع الصراع المسلح في سوريا عام 2011.
ويعكس المبنى الطابع المميز العمارة العثمانية التقليدية، إذ بُني من الطوب الطيني والحجر الأبيض، ويضم أقسامًا متتابعة مثل "البرّاني" و"الجوّاني"، كما خدم لعقود طويلة النساء والرجال في وقت لم تكن فيه الحمامات الخاصة متوفرة بالمنازل.
** يعكس الإرث العثماني
المؤرخ المحلي في منبج مظفر أبو زلم قال للأناضول، إن الحمّام "يمثل قيمة تاريخية كبيرة كأحد شواهد الحقبة العثمانية".
وأضاف: "أبناء المدينة حافظوا عليه خلال سنوات الحرب، واليوم أصبح وجهة للراغبين بحماية الآثار".
وأشار أبو زلم إلى أن منبج "عرفت عبر التاريخ باسم مدينة الماء والحرير، إذ كان لكل بيت بئر ماء خاصة، وكانت أرضها خصبة، وأنجبت شعراء وعلماء وأطباء".
وأضاف: "هذا الحمّام إرث عثماني ثمين، وحمايته خلال الحرب وبعدها إنجاز بحد ذاته".
ولفت أبو زلم إلى أن جامع منبج الكبير "شيد أيضا في عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1902، وأن منبره العثماني ظل مستخدمًا حتى عام 1986".
وكشف "وجود خطط لتحويل الحمّام إلى متحف لمدينة منبج، قائلًا: "كمواطن من سكان منبج، أشعر بالفخر أن تبقى هذه الآثار هنا دون أن تسرق أو تهرّب".
وبيّن أبو زلم أن منبج "ليست فقط مدينة ماء وحرير، بل موطنًا لأكثر من 360 عالمًا على مرّ التاريخ".
وتابع: "عقب سقوط النظام السابق (في ديسمبر/ كانون الأول 2024)، جرى بالتعاون مع منظمة المجتمع المدني تراث من أجل السلام، نقل مجموعة من القطع الأثرية القيمة التي عُثر عليها في المدينة إلى الحمّام العثماني التاريخي ليكون مكانًا آمنًا لحفظها تحت إشراف مديرية الآثار".
**معظم الآثار نُهبت
من جهته قال الباحث والأكاديمي في علم الآثار عبد الوهاب الشيخ للأناضول، إن منبج "تحتضن إرثا تاريخيا متنوعا، إذ حملت عبر القرون أسماء عدة مثل هيرابوليس، وبامبيكي، وإديسا، ومبّوغ".
وأضاف أن المدينة "استضافت حضارات متعددة بينها الآشورية والحثية والآرامية واليونانية والرومانية والبيزنطية، ما جعلها غنية بالمعالم الأثرية".
وأردف الشيخ: "خلال سنوات الحرب (2011- 2024)، تعرضت العديد من المواقع الأثرية في المدينة للتدمير أو النهب، فيما بيعت بعض القطع في السوق السوداء، ومنذ تأسيس مديرية الآثار عام 2017، عملنا بإمكانيات محدودة على جمع ما يمكن جمعه وتوثيقه، بالتعاون مع مؤسسات دولية".
وبينما ينتظر الحمّام الترميم ليعود إلى سابق عهده، يبقى شاهدًا حيًا على حقبة عثمانية تركت بصماتها العميقة في ذاكرة المدينة وتاريخها وثقافتها.
وفي 8 ديسمبر 2024، أكملت فصائل سورية بسط سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم نظام البعث، بينها 53 سنة من حكم أسرة الأسد.
وبسقوط العاصمة دمشق، أطيح بنظام بشار الأسد بعد 24 سنة أمضاها في الحكم، ما مثل نقطة تحول فارقة في تاريخ البلاد السياسي والمعاصر.
ومنذ ذلك الحين، تبذل الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع جهودا مكثفة لضبط الأمن وإعادة الاستقرار، وسط تحديات كبيرة خلفتها سنوات الحرب الطويلة والدمار الواسع.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.