روايات متضاربة.. من يسيطر على بابنوسة غربي السودان؟ (تقرير)
ـ قوات الدعم السريع أعلنت قبل أيام السيطرة على المدينة المحاصرة، فيما لا يزال الجيش السوداني ينفي سقوطها
Sudan
عادل عبد الرحيم / الأناضول
ـ قوات الدعم السريع أعلنت قبل أيام السيطرة على المدينة المحاصرة، فيما لا يزال الجيش السوداني ينفي سقوطها** الخبير العسكري اللواء متقاعد معتصم عبد القادر للأناضول:
- انسحاب الجيش من مواقع معزولة مثل بابنوسة قد يكون خطوة "حفاظا على القوات والعتاد" لأن البقاء فيها يهدد بإبادة الوحدات المحاصرة
- مستقبل المعارك الآن في ولايات كردفان بمجملها في صالح الجيش، وهناك تقدم كبير جدا له في ولايتي شمال كردفان وجنوب كردفان
لا تزال الأوضاع في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان غربي السودان غامضة وسط روايات متضاربة بشأن السيطرة على المدينة التي تشهد حصارا وهجمات منذ أشهر.
فبعد أربعة أيام على إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على المدينة المحاصرة منذ أبريل/ نيسان 2024، لا يزال الجيش السوداني ينفي سقوطها أو سقوط مقر قيادته فيها.
وبثت قوات الدعم السريع مقاطع مصورة على قناتها في "تلغرام" قالت إنها من داخل مقر الفرقة 22 ببابنوسة، بينما يلتزم الجيش الصمت تقريبا باستثناء إعلانه إحباط هجوم على المدينة، ما يزيد الغموض بشأن ما يجري في المدينة.
** قلق على مئات المدنيين
والأربعاء، أعربت شبكة أطباء السودان عن قلقها إزاء مصير مجهول لعشرات الأطفال والنساء بمدينة بابنوسة، جراء اشتباكات بين الجيش و"قوات الدعم السريع".
وقالت الشبكة الطبية المستقلة في بيان، إن "الاشتباكات تهدد مصير العشرات من الأطفال والنساء الذين احتموا بمقر قيادة الفرقة 22 مشاة (تابعة للجيش) في فترات سابقة نتيجة لاجتياح الدعم السريع المدينة".
وأشار البيان إلى تداول فيديوهات نشرتها عناصر من "الدعم السريع" توثق لحظة تصويرهم "لعدد كبير من النساء والأطفال الذين كانوا يحتمون بمباني الفرقة 22، حيث ظهرت الأُسر في وضع إنساني حرج".
** هجمات متواصلة رغم إعلان الهدنة
وأعلن الجيش، الثلاثاء، إحباط هجوم جديد لـ"الدعم السريع" على بابنوسة، وذلك بعد يوم واحد من إعلان الأخيرة سيطرتها على المدينة الاستراتيجية.
وتأتي هذه الهجمات رغم تصريح قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي" في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، موافقته على هدنة إنسانية لثلاثة أشهر.
وتشهد بابنوسة حصارا مطبقا منذ أبريل 2024، ما أدى إلى نزوح نحو 177 ألف شخص، وفق لجان إغاثية محلية، فيما أسقط الجيش إمدادات جوية لدعم قواته المحاصرة داخل المدينة.
** أنباء عن انسحاب الجيش
وتداولت وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة "سودان تربيون"، أنباء عن انسحاب قوات الجيش من بابنوسة إلى هجليج، بولاية غرب كردفان الواقعة تحت سيطرة الجيش السوداني.
وقالت الصحيفة إن قائد الفرقة 22 بابنوسة، اللواء معاوية محمد حمد، وقائد اللواء 89 العميد حسين درمود، تمكنا من الوصول إلى هجليج برفقة عدد كبير من مقاتلي الفرقة، بينهم جرحى.
في المقابل، قال صالح الفوتي، قائد عمليات بابنوسة لدى "الدعم السريع"، إن قواته "حررت" المدينة وطردت الجيش منها، مؤكدا في تسجيل مصور أنها تسيطر على مقر الفرقة 22.
وزعم أن قوات الدعم السريع ملتزمة بالهدنة الإنسانية التي أعلنها حميدتي، مبررا السيطرة على الفرقة بأنها جاءت "ردا على هجمات الجيش على قواتنا في المدينة"، على حد تعبيره.
وحاصرت قوات الدعم السريع منذ يناير/ كانون الثاني 2024 مدينة بابنوسة، فيما تحصنت قوات الجيش في الفرقة 22 داخل المدينة التي أصبحت شبه مهجورة.
وقالت غرف طوارئ بابنوسة (لجنة إغاثية) في وقت سابق، إن المدينة أصبحت خالية من الأهالي بعد نزوح 177 ألف شخص منها.
** أهمية استراتيجية
وتكمن أهمية بابنوسة في كونها إحدى أهم المدن الاقتصادية في إقليم كردفان، وتشتهر بمصانع الألبان ووفرة الثروة الحيوانية وكذلك حقول النفط.
كما تعتبر ممرا رئيسيا يربط السودان بدولة جنوب السودان، وبوابة الجيش إلى دارفور، إذ تبعد عن مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور نحو 237 كيلومترا، و400 كيلومتر عن نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، ومركز تحالف السودان التأسيسي برئاسة "حميدتي".
ومنذ يونيو/ حزيران 2024، تسيطر قوات الدعم السريع على مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان.
** الانسحابات "تكتيك ضروري"
الخبير العسكري اللواء متقاعد معتصم عبد القادر قال إن انسحاب الجيش من مواقع معزولة مثل بابنوسة قد يكون خطوة "حفاظا على القوات والعتاد" لأن البقاء فيها يهدد بإبادة الوحدات المحاصرة.
وأشار عبد القادر، في حديث للأناضول، إلى أن مسائل الانسحاب في العمليات العسكرية لا تقل أهمية عن مسائل الهجوم والدفاع والتمسك بالأرض.
ورأى أن "مستقبل المعارك الآن في ولايات كردفان بمجملها في صالح الجيش، وأن هناك تقدما كبيرا جدا له في ولايتي شمال كردفان وجنوب كردفان (جنوب)".
وذكر عبد القادر أن "قوات الجيش السوداني في جنوب كردفان استطاعت الاستيلاء على مناطق للحركة الشعبية ـ شمال للمرة الأولى منذ سنوات".
وأضاف "إذا استمر الجيش في التقدم بهذا المستوى يستطيع استرداد كل المناطق في كردفان ومن ثم الانطلاق إلى ولايتي شرق دارفور وشمال دارفور القريبتين من كردفان، ومن هناك يكون الطريق ممهدا لبقية ولايات دارفور".
والثلاثاء، استعاد الجيش السوداني بلدة مبسوط غربي مدينة العباسية تقلي بولاية جنوب كردفان، بعد معارك مع الحركة الشعبية ـ شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.
كما بسط الجيش السوداني، الأحد، سيطرته على مناطق "تبسة والدامرة وقردود جاما والموريب" غربي مدينة العباسية تقلي، بعد معارك مع قوات الدعم السريع والحركة الشعبية ـ شمال المتحالفة معها.
وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب)، منذ أسابيع، اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.
ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر "الدعم السريع" على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور في قبضة الجيش، الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية، بما فيها العاصمة الخرطوم.
وتقول الحكومة إنها لا تمانع التفاوض مع "قوات الدعم السريع"، وتشترط انسحابها من المدن والمنشآت المدنية كافة، حتى يعود عشرات آلاف النازحين إلى مناطقهم.
وتتفاقم المعاناة الإنسانية جراء الحرب التي اندلعت في أبريل/ نيسان 2023، جراء خلاف بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، وتسببت بمقتل عشرات آلاف السودانيين ونزوح نحو 13 مليونا.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
