خبيران: حصر السلاح شرط أساسي لحصول لبنان على دعم دولي (تقرير)
ثلاثة مؤتمرات دولية يرتقبها لبنان، للحصول على دعم من أجل تدارك الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وإعادة إعمار ما دمره الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه الأخير وانتهاكاته المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار.

Lebanon
بيروت/ وسيم سيف الدين/ الأناضول
** المحلل السياسي ألان سركيس:- لا دعم مالي أو اقتصادي دون التزام فعلي بحصر السلاح
- مؤتمر دعم الجيش اللبناني قد يُعقد في باريس أو الرياض
** المحلل الاقتصادي منير يونس:
- مؤتمر دعم الجيش يتضمن خطة لتمويل المؤسسة العسكرية بنحو 10 مليارات دولار في عشر سنوات
- المجتمع الدولي ينتظر تحقيق خرق ملموس بملف حصر السلاح قبل نهاية 2025 أو منتصف 2026
ثلاثة مؤتمرات دولية يرتقبها لبنان، للحصول على دعم من أجل تدارك الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وإعادة إعمار ما دمره الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه الأخير وانتهاكاته المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار.
تلك المؤتمرات التي لم تبصر النور، ولم تتضح ماهيتها الزمانية، تشمل دعم الجيش اللبناني، وإعادة الإعمار، وتشجيع الاستثمار.
لكن خبراء قالوا للأناضول، إن الدعم الدولي المحتمل خلال تلك المؤتمرات ليس "سهل المنال"، وليس "شيكا على بياض"، بل يبقى مشروطًا بإصلاحات جوهرية، والتزام واضح بمبدأ حصر السلاح بيد الدولة.
والخميس، أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، أن "مسار حصرية السلاح بيد الدولة أصبح خيارًا وطنيًا لا عودة عنه".
كما عرض سلام أولويات عمل الحكومة في المرحلة المقبلة، محدِّداً ثلاث محطات أساسية تشكّل ركائز أساسية في هذا المسار:
أولا: مؤتمر إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي، لتعبئة الموارد اللازمة للبنى التحتية، وتحريك عجلة الاقتصاد.
أما الثاني فهو مؤتمر دعم الجيش اللبناني، لتأمين التمويل والقدرات اللوجستية والعتاد، بما يمكّنه من تعزيز الاستقرار وبسط سلطة الدولة.
فيما يأتي مؤتمر "بيروت 1" للاستثمار، ثالث تلك الخطوات، لفتح آفاق جديدة أمام الاستثمارات وترسيخ ثقة المجتمع الدولي بلبنان.
سلام شدد، على أنّ "هذه المحطات مترابطة وتكمل بعضها بعضًا، إذ لا يمكن تحقيق النهوض الاقتصادي من دون الاستقرار الأمني، ولا ترسيخ الاستقرار من دون مؤسسات قوية وبيئة استثمارية جاذبة".
وفي هذا الإطار، قال مصدر في الحكومة اللبنانية للأناضول، إن "هناك ثلاث مؤتمرات قيد التحضير: الأول لدعم الجيش اللبناني، والثاني لإعادة الإعمار، والثالث للاستثمار"، موضحًا أن دعم الإعمار والاستثمار مرتبطان بإصلاحات داخلية والتزام باتفاقيات دولية.
وأضاف المصدر، مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن "أيا من المؤتمرات الثلاثة لم يُحدد موعده حتى الآن، إلا أن انعقاد مؤتمر دعم الجيش يُعد الأقرب زمنيًا، مع احتمال تنظيمه خلال فصل الخريف".
**دعم مشروط
وقال المحلل السياسي ألان سركيس للأناضول، إن هذه المبادرات الدولية جاءت بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية (جوزاف عون مطلع 2025)، وتشكيل حكومة جديدة، غير أن الحصول على الدعم "لا يزال مشروطًا بملفين أساسيين: سياسي واقتصادي".
وأشار سركيس إلى أن "الدعم السياسي يرتبط بوضوح بتنفيذ مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة وتطبيق الإصلاحات المطلوبة"، محذرًا من أن "أي تراجع في هذا المسار سيؤدي إلى تجميد المساعدات الدولية".
وأوضح أن "المجتمعين العربي والغربي لن يقدّما الدعم لدولة قد تقع تحت سيطرة حزب الله"، وفق قوله.
المحلل أكد أنه "لا دعم مالي أو اقتصادي دون التزام فعلي بحصر السلاح، وعودة لبنان إلى علاقات طبيعية مع محيطه العربي والمجتمع الدولي".
على الصعيد الاقتصادي، أفاد سركيس أن المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الذي زار بيروت مؤخرًا، "أبلغ المسؤولين اللبنانيين أن أي دعم مالي لن يُمنح قبل مباشرة إصلاحات حقيقية وجذرية، بعيدًا عن الإصلاحات الشكلية".
كما شدد مبعوث باريس، وفق سركيس، على أن "الدول المانحة لن تقدّم شيكا على بياض".
وبشأن شروط الدعم المحتمل، أكد سركيس أن "المطلوب من لبنان تنفيذ إصلاحات (لم يحددها)، وحصر السلاح بيد الدولة، وهما شرطان أساسيان للحصول على أي دعم".
**توقيت محتمل
وعن التوقيت، قال سركيس إن "المؤتمر الأهم والذي من المرجح انعقاده في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، هو مؤتمر دعم الجيش اللبناني".
كما لفت إلى أن "المبعوث الفرنسي ناقش هذا الملف مع السعوديين، وتم إبلاغ المسؤولين اللبنانيين بموافقة مبدئية على عقد المؤتمر".
وأشار إلى أن "هذا المؤتمر قد يُعقد إما في باريس أو الرياض، وسيركز على دعم الجيش ضمن برنامج محدد يشمل تنفيذ خطته لحصر السلاح".
ولفت إلى أن هذا المؤتمر "منفصل عن مؤتمري إعادة الإعمار والاستثمار، واللذين يبقيان مشروطين بتنفيذ لبنان للإصلاحات والتزامه باتفاق مع صندوق النقد الدولي".
وفي 5 أغسطس/ آب المنصرم، أقر مجلس الوزراء حصر السلاح بما فيه سلاح "حزب الله" بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة لإتمام ذلك خلال الشهر نفسه، وتنفيذها قبل نهاية عام 2025.
وفي 5 سبتمبر/ أيلول الجاري، أقرت الحكومة اللبنانية خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة، ورحبت بها، وقررت الإبقاء على مضمونها والمداولات بشأنها "سرية".
بالمقابل، وفي أكثر من مناسبة، أكد أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم، أن الحزب لن يسلم سلاحه إلا في حال انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، وإيقاف عدوانها على البلاد، والإفراج عن الأسرى وبدء إعادة الإعمار.
**10 مليارات دولار
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي اللبناني منير يونس، إن "المسار الدولي لدعم لبنان يرتبط بشكل مباشر بملف نزع سلاح حزب الله".
واعتبر يونس أن "مؤتمر دعم الجيش يتضمن خطة لتمويل المؤسسة العسكرية بنحو 10 مليارات دولار على مدى عشر سنوات، وهو طرح وارد في الورقة الأمريكية التي قدمت للرئيس اللبناني، وتتضمن دعمًا سنويًا بقيمة مليار دولار مقابل المضي في مسار نزع السلاح".
وفي 19 يونيو/ حزيران الماضي، قدم الموفد الأمريكي إلى سوريا توماس باراك، ورقة مقترحات إلى الحكومة اللبنانية، تضمنت نزع سلاح "حزب الله" وحصره بيد الدولة، مقابل انسحاب إسرائيل من خمس نقاط حدودية تحتلها في الجنوب، إضافة إلى الإفراج عن أموال مخصصة لإعمار المناطق المتضررة من الحرب الأخيرة.
وبشأن قيمة خسائر لبنان جراء العدوان الإسرائيلي، قال المحلل الاقتصادي إن كلفة إعادة الإعمار "قُدّرت مبدئيًا بنحو 5 مليارات دولار، وهو مبلغ مرتبط بتقدم في ملف نزع السلاح، باستثناء مشاريع البنى التحتية التي تموّل عادة من البنك الدولي، والتي لا ترتبط مباشرة بهذا الشرط".
وقال في هذا السياق، إن "المجتمع الدولي يرى في هذا الملف مؤشرًا حاسمًا على التقدم السياسي"، مشيرًا إلى أن "أي دعم في هذا الإطار سيكون مشروطًا بخطوات واضحة نحو حل دائم، يتضمن نزع السلاح كجزء أساسي منه".
وفيما يتعلق بمؤتمر الاستثمار، اعتبر يونس أن "أهدافه لا تزال غير واضحة، لكنه يستند إلى اتفاق مبدئي أُبرم مع صندوق النقد الدولي عام 2022، وكان يتوقع تأمين 3 مليارات دولار من الصندوق، و8 مليارات إضافية من المانحين، بهدف سد الفجوة المالية".
ومتحدثا عن نقطة جامعة للمؤتمرات الثلاثة، قال يونس إن ثلاثتها "تبقى مشروطة بالتقدم في ملف نزع السلاح"، مؤكّدًا أن "المجتمع الدولي ينتظر تحقيق خرق ملموس في هذا الملف قبل نهاية عام 2025 أو منتصف 2026، لبدء تنفيذ الوعود بالدعم المالي".
وفي أكتوبر 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان حولته في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة قتلت خلالها أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين.
ورغم التوصل في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل، فإن الأخيرة خرقته أكثر من 3 آلاف مرة، ما أسفر عما لا يقل عن 269 قتيلا و610 جرحى، وفق بيانات رسمية.
وفي تحدٍ للاتفاق تحتل إسرائيل 5 تلال لبنانية سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود.