التقارير, لبنان

تغير المناخ والحرب في الجنوب يؤخران موسم التزلج في لبنان (تقرير)

- لم يُفتتح في لبنان بعد موسم التزلج على عكس السنوات الماضية بسبب عدم كفاية الثلوج لنجاح الموسم

Stephanie Rady  | 17.01.2024 - محدث : 17.01.2024
تغير المناخ والحرب في الجنوب يؤخران موسم التزلج في لبنان (تقرير)

Lebanon

بيروت / ستيفاني راضي / الأناضول

- لم يُفتتح في لبنان بعد موسم التزلج على عكس السنوات الماضية بسبب عدم كفاية الثلوج لنجاح الموسم
** رئيس لجنة الإعلام والتسويق في بلدية كفردبيان للأناضول:
ـ من غير المؤكد أن تكون كمية الثلوج المتساقطة كافية خلال العاصفة الحالية لافتتاح الموسم
- تأخر موسم التزلج أثّر على الحركة الاقتصادية في المنطقة التي تنتظر هذا الموسم كل عام
- كنا نعول على السياح الخليجيين والأوروبيين الذين لم نعد نراهم بسبب الأزمة الاقتصادية

لم يُفتتح في لبنان بعد موسم التزلج على عكس السنوات الماضية، ذلك البلد العربي الوحيد الذي يستضيف شتاؤه هذا النوع من الرياضات، فلا يزال مدخول العاملين ضمن هذا الموسم "صفرا".

وخلال فترة الأعياد (عيدي الميلاد ورأس السنة)، تتكلّل جبال لبنان بالثلوج ويبدأ بعدها موسم التزلج، ليستفيد أهالي القرى الجبلية والمؤسسات السياحية من السياح والمغتربين، وتنتعش هذه المناطق اقتصاديا.

لكن المشهد تراجع هذا العام، بسبب عدم كفاية الثلوج التي هطلت لنجاح موسم التزلج، في دليل واضح على تأثر هذا البلد بالتغير المناخي العالمي، والحرب في الجنوب بين "حزب الله" وإسرائيل.

** تأخر الموسم

وتتوزع أغلب مراكز التزلج على مناطق الأرز شمال لبنان، وكفردبيان وفاريا وقناة باكيش والزعرور، شرق البلاد.

ويتميز لبنان بوجود منتجعات في هذه المناطق، يتخللها عدد من المنحدرات الصالحة للتزلّج، ومراكز مخصصة لتلبية حاجات المتزلّجين وراكبي ألواح التزلّج ذوي المهارات المختلفة، إلى جانب عدد من النشاطات الخاصة لمن لا يمتلك مهارات التزلج.

وأعرب رئيس لجنة الإعلام والتسويق في بلدية كفردبيان وليد بعينو، عن أسفه لتأخر موسم التزلج هذا العام بسبب التغير المناخي، بينما كان الموسم يمتد منذ ديسمبر/ كانون الأول، إلى فبراير/ شباط، في السنوات الماضية.

ومنطقة كفردبيان تبعد عن العاصمة بيروت حوالي 44 كيلومترا، ويصل ارتفاعها إلى 2800 متر عن سطح البحر، حيث يقع فيها واحد من أكبر مراكز التزلج في لبنان، وهو مركز "مزار".

وأضاف بعينو للأناضول أن "العام الماضي بدأ الموسم آخر يناير/ كانون الثاني، لكن العام الحالي لا تزال الصورة غير واضحة، والثلوج التي تنهمر في العاصفة الحالية، من غير المؤكد أنها ستكون كافية لافتتاح الموسم".

** تأثيرات اقتصادية

يفتقر لبنان إلى أرقام دقيقة لعائدات كلّ موسم سياحي، لكن ما هو معلوم أن السياحة التي تشكّل موردا اقتصاديا كبيرا تعاني اليوم.

ولفت بعينو إلى أن "تأخر موسم التزلج أثّر على الحركة الاقتصادية في المنطقة التي تنتظر هذا الموسم كل عام، خصوصا بالنسبة لمؤجري أدوات التزلج، والمتاجر، والمطاعم والفنادق".

وأشار إلى "وجود نحو 20 فندقا و45 مطعما في كفردبيان، تعتمد على موسم التزلج للاستمرار".

وأوضح أن "الفنادق كانت سابقا تُحجز بالكامل في نوفمبر/ تشرين الثاني، لكن لغاية اليوم، لم تصل الحجوزات في أحد أهم فنادق المنطقة إلى 40 بالمئة، بسبب عدم وجود الثلج".

** للحرب تأثيرات كبيرة

عامل غياب الثلوج في لبنان ليس العقبة الوحيدة أمام قدوم السياح، فرغم التحضيرات للموسم، يقلق أصحاب الفنادق وأماكن التزلج والمعنيون من تداعيات الحرب جنوب لبنان، حيث حذرت عشرات السفارات رعاياها من البقاء في لبنان أو زيارته، لأن الأوضاع مفتوحة على كل احتمالات التصعيد.

وذكر مطلعون أن نحو 90 بالمئة من دول العالم، تمنع رعاياها من القدوم إلى لبنان بسبب التخوف من التطورات الأمنية والعسكرية، وفق بيان صادر عن رئيس "اتحاد النقابات السياحية" ورئيس "المجلس الوطني للسياحة" بيار الأشقر.

و"تضامنا مع قطاع غزة"، الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يتبادل "حزب الله" اللبناني وفصائل فلسطينية في لبنان، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا، ما خلّف قتلى وجرحى على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل.

وارتفعت حدة التهديد بالمزيد من التصعيد، في أعقاب القصف الصاروخي الشديد ووصوله إلى عشرات الكيلومترات في عمق البلدين، حتى وصل إلى معقل "حزب الله" في ضاحية بيروت الجنوبية.

ووصلت المواجهات، ذروتها منذ أن اغتالت إسرائيل صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" و6 من كوادرها، في غارة جوية بالضاحية الجنوبية لبيروت يوم 2 يناير/ كانون الثاني الجاري، كما اغتالت القيادي الميداني البارز في "حزب الله" وسام طويل، عبر غارة استهدفت سيارته جنوب لبنان في 9 من الشهر نفسه.

وعن أصناف السياح الذين كانوا يقصدون المواسم السابقة، قال بعينو إنه "قبل عام 2019، كنا نعول على السياح الخليجيين ثم الأوروبيين، بالإضافة إلى السائح اللبناني المغترب الذي يقصد لبنان خلال موسم التزلج، لكن بعد الأزمة الاقتصادية لم نعد نرى السائح الخليجي والأوروبي الأجنبي، وصرنا نرى سياحا من العراق ومصر، بالإضافة للبنانيين المغتربين".

ومنذ عام 2019، يعاني لبنان أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية.

وأشار بعينو إلى أن "السائح اللبناني لا يفيد الفنادق، لأنه لا يحجز فيها، بعكس السياح الأجانب".

وأكد أن "الحرب القائمة في الجنوب والأوضاع الأمنية، أثارت الخوف لدى السياح من المجيء إلى لبنان"، لافتا إلى أن "التوقعات حول الموسم لغاية اليوم سلبية".

وأكد المسؤول في بلدية كفردبيان أنه "منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، بدأت تجهيزاتنا لموسم الشتاء والثلج كالآليات، ومصارف المياه، واشترينا الملح لسلامة الطرقات من الجليد، كما أننا نجهز الجرافات لشق الطرقات".

** تراجع الغطاء الثلجي

في السياق، كشف مدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في جامعة البلمند (خاصة)، الدكتور جورج متري، عن دراسة أجريت عام 2019 في الجامعة، استخدمت صور الأقمار الاصطناعية للغطاء الثلجي في لبنان، وعدد الأيام التي يتواجد فيها الغطاء الثلجي بين عام 2000 و2018.

وأوضح متري للأناضول، أن معدل عدد الأيام التي يتواجد فيها غطاء ثلجي في لبنان، يراوح بين 113 و215 يوما، حيث سجّل موسم 2002-2003 النسبة الأعلى، بينما سجّل موسم 2013–2014 النسبة الأدنى، وفق الدراسة.

وأشار إلى أن "المنحى لعدد الأيام التي يتواجد فيها غطاء ثلجي في لبنان، تراجع بمعدل 26 بالمئة خلال 18 عاما".

وذكر أن "تأخر الثلوج وانحسار وجودها، لهما تأثيرات كثيرة في لبنان، إذ يساهمان في خفض كمية المياه الجوفية، بالإضافة إلى تفشي الأمراض والحشرات بالغابات بوتيرة تصاعدية".

ولفت متري إلى "اكتشاف تحوّل كبير في أماكن الحرائق في لبنان"، لافتا إلى أنه "عندما يمتد الجفاف إلى الجبال التي عادة ما تكون أرضها رطبة، صرنا نشهد حرائق غابات فيها، وباتت تمتد إلى غابات الأرز، وهذا الأمر غير مألوف في لبنان وبدأنا نراه منذ عام 2020 فقط".

ويتميز لبنان بمناخه وطبيعته الجبلية، ما يتيح له أن يكون مقصدا لمحبي رياضة التزلج في مناطق عديدة، مجهزة بشكل عالي المستوى، ومنها فاريا التي تعتبر إحدى نقاط جذب المتزلجين العرب والأجانب، كما اللبنانيين على حد سواء.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.