
Istanbul
إسطنبول/ الأناضول
- انخفض عدد المدارس الابتدائية التابعة للأقلية التركية في اليونان من أكثر من 300 إلى نحو 80 خلال قرن واحد**الأستاذ المشارك في معهد بحوث البلقان بجامعة تراقيا التركية للأناضول:
- إغلاق المدارس ضربة قاسية لحقوق التعليم بالنسبة للأقلية التركية
- القانون اليوناني ينص على إغلاق أي مدرسة يقل عدد طلابها عن 9 طلاب، وهو ما تطبقه أثينا متجاهلة لطابع مدارس الأقلية المستقل والخاص
- ما تمارسه اليونان يتناقض مع التزاماتها الدولية سواء بخصوص التعليم أو فيما يتعلق بحقوق الأقلية التركية بوجه عام
- اليونان تعتمد سياسات تقليص عدد الدروس باللغة التركية في هذه المدارس، وخفض جودة التعليم الثنائي اللغة
- اليونان أزالت كلمة "تركي" من لافتات المدارس في إطار إنكار هوية الأقلية التركية
- السياسات أنتجت تصورًا سلبيًا لدى بعض أولياء الأمور حول جودة التعليم في مدارس الأقلية التركية
- وزارة التعليم اليونانية قررت إغلاق 32 مدرسة في إقليم مقدونيا الشرقية وتراقيا اعتبارًا من العام الدراسي 2025-2026
- من بين المدارس 3 ابتدائية للأقلية التركية في تراقيا الغربية
مع استمرار سياسات الإغلاق والتهميش اليونانية، تواجه المدارس الابتدائية التابعة للأقلية التركية في منطقة تراقيا الغربية خطر التلاشي، حيث انخفض عددها من أكثر من 300 إلى نحو 80 خلال قرن واحد.
الأكاديمي التركي علي حسين أوغلو قال في حديث للأناضول إن عدد المدارس الابتدائية التابعة للأقلية التركية في منطقة تراقيا الغربية باليونان شهد تراجعًا حادًا خلال قرن واحد معتبرا إغلاقها من قبل سلطات أثينا "ضربة قاسية" لحقوق التعليم بالنسبة للأقلية التركية.
حسين أوغلو وهو أستاذ مشارك في معهد بحوث البلقان بجامعة تراقيا التركية بولاية أدرنة غربي تركيا، اعتبر أن ما يُمارس اليوم يتناقض مع الالتزامات الدولية لليونان، إذ لم تُطبق بعدُ الحقوق التي نصت عليها معاهدة لوزان بشكل كامل، سواء فيما يخص التعليم أو فيما يتعلق بحقوق الأقلية التركية بوجه عام.
وتعد تراقيا الغربية في اليونان موطنا لأقلية مسلمة تركية يبلغ تعدادها نحو 150 ألف نسمة، وعادة ما تواجه سياسات التمييز؛ لأن السلطات تعتبرها أقلية دينية وليست عرقية.
- تراجع حاد للمدارس وإنكار يوناني للهوية التركية
ومن أكثر من 300 مدرسة في ثلاثينيات القرن الماضي (الـ20) نزل عدد المدارس إلى 83 فقط اليوم، وفق حسين أوغلو الذي حذر من أن قرارات الإغلاق الأخيرة تعكس تجاهل السلطات اليونانية للوضع الخاص لهذه المؤسسات التعليمية.
وجراء تلك السياسات تبرز مخاوف على مستقبل اللغة والثقافة التركية بالمنطقة خصوصا أن القانون اليوناني ينص على إغلاق أي مدرسة يقل عدد طلابها عن 9 طلاب، وهو ما تطبقه أثينا متجاهلة لطابع مدارس الأقلية المستقل والخاص، بحسب حسين أوغلو.
وأوضح أن وزارة التعليم اليونانية أصدرت قرارًا يقضي بإغلاق 32 مدرسة ابتدائية وروضة في إقليم مقدونيا الشرقية وتراقيا، اعتبارًا من العام الدراسي 2025-2026، من بينها 3 مدارس ابتدائية للأقلية التركية في تراقيا الغربية.
ولفت الأكاديمي التركي إلى أن عدد مدارس الأقلية التركية في المنطقة بلغ 305 في ثلاثينيات القرن الماضي، قبل أن يبدأ بالتراجع تدريجيًا إلى 290 في الخمسينيات، ثم إلى 280 في السبعينيات، ليستقر عند 231 في منتصف التسعينيات من ذات القرن.
وبيّن حسين أوغلو أن السبب الرئيس وراء هذا التراجع هو السياسات التي انتهجتها الحكومات اليونانية المتعاقبة منذ خمسينيات القرن الـ20.
وتتمثل تلك السياسات في تقليص عدد الدروس باللغة التركية في هذه المدارس، وخفض جودة التعليم الثنائي اللغة (اليونانية والتركية)، فضلًا عن إزالة كلمة "تركي" من لافتات المدارس في إطار إنكار هوية الأقلية التركية، وفق حسين أوغلو.
وأوجدت هذه الإجراءات، وفق الأكاديمي التركي، تصورًا سلبيًا لدى بعض أولياء الأمور حول جودة التعليم في مدارس الأقلية التركية.
وهوما دفع بعضهم لتسجيل أبنائهم في المدارس اليونانية بدلاً منها، ما أدى إلى انخفاض أعداد الطلاب وإغلاق المزيد من المدارس بذريعة قلة أعداد المسجلين.
- عقود من سياسات التهميش تنتهي بإغلاق المدارس
وأوضح حسين أوغلو أن قرارات إغلاق المدارس التركية في تراقيا الغربية لا يمكن اعتبارها مجرد تطبيق إداري لقوانين تتعلق بعدد الطلاب، بل هي امتداد لمسار طويل من سياسات التهميش التي بدأت قبل سبعين عامًا على الأقل.
وأشار حسين أوغلو إلى أن أبناء الأقلية التركية في المنطقة تعرضوا منذ ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي لضغوط ممنهجة، انعكست بشكل مباشر على قطاع التعليم.
حيث جرى الترويج لصورة سلبية عن مدارس الأقلية بدعوى أن "مستواها التعليمي ضعيف"، وهو ما أثّر مع مرور الوقت على خيارات بعض أولياء الأمور، وفق حسين أوغلو.
والصورة السلبية المرتبطة بجودة التعليم لا تستند إلى الواقع فمئات الأطباء والمحامين والمهندسين والمعلمين من أبناء الأقلية تخرجوا من هذه المدارس وحققوا نجاحات بارزة سواء في اليونان أو في تركيا.
ورغم ذلك، لا يزال جزء من أولياء الأمور يتأثر بهذه "الوصمة" ويفضلون تسجيل أبنائهم في المدارس اليونانية، ما يؤدي إلى انخفاض أعداد الطلاب وتسريع وتيرة الإغلاقات، بحسب حديث الأكاديمي التركي.
وحول ما يُسمى بـ"الإغلاق المؤقت" للمدارس، أوضح الأكاديمي التركي أن بعض المدارس الابتدائية التابعة للأقلية تُغلق رسميًا لمدة 3 أو 4 سنوات، لكن التجربة أثبتت أن هذه القرارات تعني عمليًا الإغلاق النهائي.
- المدارس التركية عمود فقري للهوية الثقافية
وشدد الأكاديمي التركي على أن استمرار وجود هذه المدارس يعد أمرًا حيويًا بالنسبة للأقلية التركية، ليس فقط من الناحية التعليمية بل أيضًا من حيث الحفاظ على الهوية.
وقال: "هذه المدارس تمثل امتدادًا لهوية تركية ومسلمة عمرها قرون في المنطقة. إن الحصول على تعليم ثنائي اللغة في هذه المؤسسات هو مسألة حيوية، لأنه يحدد موقع الفرد ومكانته وقبوله داخل المجتمع".
حسين أوغلو تحدث أيضًا عن أن إغلاق المدارس الابتدائية التركية في تراقيا الغربية يمثل "ضربة قاسية لحقوق التعليم" بالنسبة للأقلية التركية هناك.
وأشار حسين أوغلو إلى أن التعليم يُعد من أهم ركائز الوجود المجتمعي، لاسيما بالنسبة للأقليات التي تحتاج إلى أدوات تحفظ هويتها وتحدد موقعها داخل مجتمعات الأغلبية.
وأوضح أن المدارس التركية في تراقيا الغربية، التي تقدم تعليماً ثنائياً باللغتين التركية واليونانية، تشكل العمود الفقري لاستمرار تعليم التركية ونقل الثقافة والعادات والتقاليد للأجيال الجديدة.
وأكد الأكاديمي أن هذه السياسة تمثل أيضاً خرقاً واضحاً لمعاهدة لوزان للسلام الموقعة عام 1923، والتي نصت في مادتيها الـ40 والـ41 على ضمان حقوق التعليم للأقليات.
وعنها تابع حسين أوغلو: "المعاهدة منحت هذه المدارس وضعاً خاصاً وأكدت على استقلاليتها، لكن هذا الوضع تآكل تدريجياً منذ خمسينيات القرن الماضي بفعل التدخلات المنهجية للسلطات اليونانية".
وأضاف أن الدولة اليونانية ألغت في السبعينيات كلمة "تركي" من لافتات المدارس، التي باتت تُسمى رسمياً "مدارس الأقليات" أو "مدارس المسلمين"، كما جرى تقليص دور أبناء الأقلية في إدارة شؤونها التعليمية.
كما أكّد على أن ما يُمارس اليوم يتناقض مع الالتزامات الدولية لليونان، إذ لم تُطبق بعدُ الحقوق التي نصت عليها معاهدة لوزان بشكل كامل، سواء فيما يخص التعليم أو فيما يتعلق بحقوق الأقلية التركية بوجه عام.
- تراجع السكان والهجرة الاقتصادية يسرّعان وتيرة إغلاق المدارس
وأوضح حسين أوغلو، أن مشاكل الأقلية التركية في تراقيا الغربية لا تقتصر على التعليم، بل تشمل أيضاً تحديات اقتصادية متزايدة منذ الأزمة المالية التي ضربت اليونان في 2010.
وقال: "في السابق كانت قضية التعليم تتصدر قائمة الأولويات، لكن بعد الأزمة بات الوضع الاقتصادي مشكلة رئيسية تقف إلى جانبها".
فكثير من أبناء الأقلية وجدوا أنفسهم مجبرين على الهجرة المؤقتة إلى دول أوروبية بحثاً عن فرص عمل، حسبما أكد حسين أوغلو.
وأشار إلى أن بعض العائلات التركية التي غادرت تراقيا الغربية كعمال مؤقتين في البداية، قررت لاحقاً اصطحاب أسرها، ما أثر بشكل مباشر على البنية الديمغرافية للمنطقة.
ووقّعت معاهدة لوزان يوم 24 يوليو/ تموز 1923 في سويسرا، بين ممثلي مجلس الأمة التركي الكبير (البرلمان) من جهة، وممثلين عن بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان واليونان ورومانيا وبلغاريا والبرتغال وبلجيكا ويوغوسلافيا من جهة أخرى.
ونصّت معاهدة لوزان على استقلال تركيا وتحديد حدودها وحماية الأقليات المسيحية اليونانية الأرثوذكسية فيها، مقابل حماية الأقليات المسلمة في اليونان، كما نصت على استقلالية التعليم للأقلية التركية في تراقيا الغربية.
ورغم أن حقوق الأتراك في تراقيا الغربية محمية بموجب تلك المعاهدة الموقعة عقب الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، إلا أنه ومنذ ذلك الحين وأوضاعهم تتدهور بشكل مطرد.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.