بعد سنين الجفاف.. فيضانات المغرب تثير القلق وتبعث الأمل (تقرير)
- خبير بيئي: أمطار وفيضانات شرقي البلاد جاءت نتيجة لتقلبات المناخ

Rabat
الرباط/ الأناضول
- خبير بيئي: أمطار وفيضانات شرقي البلاد جاءت نتيجة لتقلبات المناخ- باحث مغربي: رغم الخسائر البشرية والاقتصادية، فإن الأمطار الأخيرة أنعشت المخزون المائي
- معطيات حكومية: الفيضانات خلفت 18 قتيلا وانهيار 56 مسكنا وتضرر 110 مقطعا طرقيا
- السلطات المغربية: هطلت في يومين أمطار تمثل نصف مقدار التساقطات في سنة كاملة
شهدت بعض مناطق المغرب خلال الأيام القليلة الماضية أمطارا قوية فاقت 150 ملم، أسفرت عن فيضانات وسيول، خلفت 18 قتيلا إضافة إلى خسائر مادية كبيرة.
وهطلت هذه الأمطار في مناطق لا تشهد تساقطات إلا نادرا طيلة السنة، خاصة الجنوب الشرقي، حيث إن نسبتها في يومين مثلت نصف مقدار الهطل في سنة.
ووفق وزارة الداخلية المغربية، فإن أمطارا خلال يومي 6 و7 سبتمبر/ أيلول الجاري جنوب شرقي البلاد "تمثل ما يناهز نصف مقدار التساقطات التي تعرفها المنطقة على مدار السنة، بل وتتجاوز أحيانا، ببعض المناطق، المقدار السنوي المعتاد، حيث سجلت 250 ملم بطاطا و203 ملم بتنغير و114 ملم بفكيك و82 ملم بورزازات".
وبينما ساور القلق سكان تلك المناطق جراء تداعيات موجة الأمطار الغزيرة على أرواح الناس والأراضي الزراعية، إلا أنهم يشعرون بالفرح لاسيما أن غزارة الأمطار تأتي بعد سنوات من الجفاف.
ويرى الخبير المغربي مصطفى بنرامل أن السيول الأخيرة جاءت نتيجة التقلبات المناخية التي تؤثر بشكل كبير على أنماط الأمطار في البلاد.
بينما يرى الباحث جمال أقشباب أنه رغم الخسائر البشرية والاقتصادية، إلا أن فوائد الأمطار الأخيرة كبيرة، حيث ارتفع مخزون عدة سدود، وانتعشت الموارد المائية الجوفية، ما سينعكس إيجابا على الأمن المائي والغذائي بهذه المناطق.
ووفق السلطات المغربية، فإن السيول والفيضانات "تسببت في انهيار 56 مسكنا وتضرر 110 مقطعا طرقيا".
تقلبات مناخية
الأمطار الغزيرة جنوب شرق البلاد منذ أيام، أنعشت مخزون السدود التي تعاني ندرة المياه بسبب تراجع الأمطار خلال السنوات الماضية، وتسببت بمخاطر أحدقت بالقطاع الزراعي للبلاد.
وفي 16 أبريل/ نيسان الماضي، حذر محمد صديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المغربي، من أن المملكة ستفقد 20 بالمئة من المساحات المزروعة هذا العام؛ بسبب الجفاف.
ويعزو المغرب ندرة المياه إلى تراجع الأمطار خلال السنوات الماضية، إذ بلغ العجز السنوي مليار متر مكعب.
وفي المقابل، لقي 3 أشخاص مصرعهم، في 4 سبتمبر الحالي، جراء الفيضانات والسيول التي اجتاحت مدن شرق البلاد جراء الأمطار الغزيرة، لتعلن بعدها السلطات المغربية، ارتفاع عدد الضحايا إلى 18 وفاة، بينما بلغ عدد المفقودين 4.
وقال بنرامل، الخبير في البيئة والمناخ، إن هذه الأمطار القوية والسيول جاءت نتيجة التقلبات المناخية، التي تؤثر بشكل كبير على أنماط الأمطار في البلاد وباقي الدول الإفريقية.
وأضاف بنرامل، وهو رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ (غير حكومية)، في حديث مع الأناضول، أن هذه التقلبات تزيد من تكرار شدة الأمطار في مناطق معينة.
وأشار إلى أن التغير المناخي أدى إلى زيادة هطول الأمطار "بشكل غير معتاد، ما يسبب فيضانات شديدة تؤثر على الزراعة والبنية التحتية".
خسائر وفوائد
من جانبه، قال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة (غير حكومية) إن هذه الأمطار العاصفية القوية، والتي فاقت 150 ملم بجنوب شرق البلاد مرتبطة بالتقاء كتل هوائية ومدارية مع كتل محيطية، ووصفها بـ"الظرفية والعاصفية التي لم يشهدها الإقليم منذ فترة طويلة".
وفي حديث مع الأناضول، أوضح أقشباب أن "هذه التساقطات هي الأولى منذ 9 سنوات من الجفاف (البلاد تشهد 6 سنوات من الجفاف وفي الجنوب الشرقي تفوق 9 سنوات)، حيث خلفت التساقطات خسائر بشرية واقتصادية، ولكن فوائدها كبيرة".
وبالإشارة إلى الفوائد، ذكر أن الأمطار "ساهمت في ارتفاع مخزون سدود المنطقة، وانتعشت الفرشة المائية (المياه الجوفية)، والتي ستشكل بارقة أمل فيما يخص الأمن المائي بهذه المناطق، وأيضا في مجال السقي، خاصة النخيل، الذي يعد الزراعة الاستراتيجية بالمنطقة".
ولفت أقشباب إلى أنه "رغم الأضرار، فإن سكان هذه المناطق سعداء بهذه الأمطار بعد سنوات من الجفاف، والتي كان لها وقع الكارثة على الأمن المائي والزراعات التي تشكل موردا أساسيا لهم".
تداعيات متوقعة
برأي بنرامل، فإن للأمطار الغزيرة التي سقطت أخيرا تداعيات مختلفة، سواء على مستوى البنى التحتية أو الزارعة أو منازل المواطنين.
وبين هذه التداعيات، وفق بنرامل "تضرر الشبكة الطرقية، خاصة القريبة من الأودية والأنهار، فضلا عن تضرر الكثير من أشجار النخيل التي كانت في وضعية مزرية بعد توالي سنوات الجفاف، وكانت آيلة للسقوط".
وأشار الخبير المغربي إلى توحل تربة الزراعات المعيشية التي يعتمد عليها سكان الواحات (تنتشر الواحات بهذه المنطقة)، مما يستلزم جهدا وإمكانات من أجل استعادة خصوبة التربة.
ومن التداعيات المحتملة "فقدان المواطنين للمساكن والمحلات التجارية والضيعات والماشية، بسبب وجودها بالقرب من مجاري المياه بفعل قوة السيول وسرعة جريانها"، وفق بنرامل.
معدلات عالية
قبل السيول والفيضانات الأخيرة، حذرت السلطات المغربية من أمطار رعدية "قوية"، تصل إلى 150 ملم، بعدد من مناطق المملكة بين 6 و8 سبتمبر الحالي.
وأشار عمر بهوش رئيس بلدية تمنارت (تابعة لإقليم طاطا جنوب شرقي البلاد)، إلى أن "هذه الفيضانات خلفت أضرارا في الممتلكات وسقوط العديد من المنازل بتمنارت".
بينما أفادت الداخلية المغربية بأن الفيضانات تسببت في "انهيار 56 مسكنا، منها 27 مسكنا عرف انهيارا كليا، وانهيار كلي أو جزئي لـ8 منشآت فنية متوسطة وتضرر 110 مقطعا طرقيا".
كما ألحقت الفيضانات "أضرارا بشبكات التزود بالكهرباء والماء الصالح للشرب والشبكات الهاتفية".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.