الدول العربية, التقارير

بئر السبع...حاملة أسرار "بلفور" ونكبة فلسطين (تقرير)

14.05.2018 - محدث : 14.05.2018
بئر السبع...حاملة أسرار "بلفور" ونكبة فلسطين (تقرير)

Gazze

خان يونس (قطاع غزة)/ هاني الشاعر/ الأناضول

هل اقترن سقوط مدينة بئر السبع، جنوبي فلسطين، بيد القوات البريطانية، عام 1917، بوعد بلفور، الذي صدر بعد احتلالها بيومين؟

يجيب مؤرخون بالسلب، ويقولون إن بريطانيا تيقنت بعد انتزاعها من الجيش العثماني، بأن احتلال أرض فلسطين، أصبح مسألة "تحصيل حاصل"، لذلك أصدرت الوعد الذي منح تلك الأرض لليهود، وهو ما يؤكد وجود مخططات بريطانية قديمة، لإقامة دولة يهودية، بهدف إبقاء المنطقة العربية ضعيفة وهشة.

عن ذلك يقول، الباحث الفلسطيني خالد عوض، في كتاب أصدره، في نوفمبر/ تشرين ثاني 2017 بمناسبة مرور 100 عام على صدور وعد بلفور:" احتل البريطانيون بئر السبع والصحراء الفلسطينية، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 1917، وفي اليوم نفسه، أبرق (الجنرال أدموند) ألنبي للقيادة العسكرية في لندن ببرقية جاء فيها: سقطت بئر السبع، ستكون القدس هديتكم في عيد الميلاد".

ويضيف عوض في كتابه الذي احتوى سجلا مصورا للأحداث التي وقعت في فلسطين منذ الحرب العالمية الأولى وحتى عام النكبة (1948):" وصلت البرقية في اليوم الثاني أي في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1917، وبناء عليها أخرج (وزير الخارجية) آرثر جيمس بلفور من درج مكتبه ورقة كان قد اتفق على نصها مع بعض القادة الصهيونيين قبل عدة أشهر وأصدر وعد بلفور في الثاني من هذا الشهر".

ووعد بلفور هو بيان علنيّ أصدرته الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالميّة الأولى لإعلان دعم تأسيس "وطن قومي للشعب اليهوديّ" في أرض فلسطين، التي كانت منطقة عثمانية ذات أقلية يهودية (حوالي 3-5% من إجماليّ السكان).

ومهد سقوط بئر السبع في ذلك الوقت، لانتصار الجيش البريطاني على نظيره العثماني في معركة غزة الثالثة، بعد أن عجز عن ذلك مرتين.

فرغم النقص الحاد بالأسلحة والأعداد، حيث كان الجيش العثماني وقتها يحارب على 9 جبهات، وبات في حالة يرثى لها، في ظل التفوق الهائل لجيش الحلفاء بالعدد والأسلحة، إلا أنه هزم الجيش البريطاني مرتين، في معركتي غزة الأولى والثانية، وقتل نحو 6 آلاف جندي بريطاني.

ويقول الدكتور غسان وشاح، رئيس قسم التاريخ والآثار في الجامعة الإسلامية بغزة، إن مدينة "بئر السبع"، هي مدينة فلسطينية بناها الكنعانيين الأقحاح، وفق الروايات التاريخية قبل آلاف السنين، وذكرت في التوراة.

وتبعد المدينة عن القدس من الجنوب الغربي حوالي "71 كيلومترا"، وتقع شمال صحراء النقب، في منتصف المسافة بين البحرين الميت والمتوسط، حيث تبعد عن الأخير حوالي 80 كيلومترا، و"الميت" تقريبًا 75 كيلومترا، وهو ما أعطاها ميزة، وجعل منها ملتقى طرق التجارة العالمية عبر التاريخ.

وقدر "وشاح" في حديث مع وكالة الأناضول، عدد سكانها حاليا بحوالي "200 ألف نسمة" غالبيتهم من المستوطنين اليهود، بعد تهجير أهلها عام 1948.

ويضيف:" هي مدينة أثرية، عثر على أحافير بها، ولُقَى تاريخية، وآثار تدلل على وجود حضارات قديمة، يونانية، وبيزنطية ورومانية، وإسلامية، وأعلنتها اليونسكو عام 2005 أحد المدن التاريخية".

ويوجد بالمدينة سوق قديم يُسمى "سوق البدو"، يعود لعصر الدولة العثمانية، ومحطة قطارات أسسها السلطان عبد الحميد الثاني، لربط أجزاء الإمبراطورية ببعضها البعض، ومسجد عثماني بنى في الفترة ما بين 1900-1905، حولته إسرائيل إلى متحف.

وتعتبر "بئر السبع" من أوائل المُدن التي فتحها عمرو بن العاص عام 630، وكان بها قصر باسمه، بحسب وشاح.

وعندما بدأت العصابات الصهيونية في احتلال فلسطين عام 1948، تم مهاجمة المدينة بشراسة باستخدام الطائرات، واحتلتها في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 1948، رغم دفاع أهلها عنها باستماتة.

وأصبح سكان بئر السبع، بعد تشريدهم لاجئين في مناطق عديدة، وبخاصة في قطاع غزة، والضفة الغربية والأردن.

ويستحضر ناجح الحميدي "60 عامًا"، اللاجئ الذي تعود جذوره لمدينة بئر السبع، جزء مما سمعه من والديه وما قرأه في الكُتب والروايات والناجين من مجازر "النكبة".

ويقول الحميدي لمراسل الأناضول:" معظم سكان مدينتي كانوا من البدو، وتتشابه عاداتهم وتقاليدهم، وهم امتداد لمنطقة سيناء المصرية الملاصقة تمامًا لها من الناحية الجنوبية، كما أنها تعتبر بوابة فلسطين التجارية، ومرت بها القوافل للشام والأردن على مر التاريخ".

ويضيف:" في قريتنا قبل أن تُحتل مدارس منها: مدرسة أبو ستّة، والزريعي، وأبو غليون؛ كما يوجد بها مسجد بُني في العهد العثماني وهو (المسجد الكبير)، ومبنى مجلس بلدي، ومجلس عشائر للقضاء الُعرفي".

ومن أبر قبائل المدينة: الترابين، التييايه، السواركة، الحناجرة، الملالحة، السعادين، الكعابنة، العزازمة..، ولكل قبيلة عشائر وعائلات، تنطوي تحتها، بحسب الحميدي.

ويقول الحميدي، إن قبائل المدينة توحدت عام 1915وكونت فرقة تقدر بحوالي "1500 عنصر"، وحاربت الاستعمال البريطاني في سيناء، وأسروا كتيبة بريطانية، لكن القصف المدفعي الكثيف مقارنة بالعتاد القليل الذي يمتلكونه، دفعهم للهروب والعودة لفلسطين، وارتقى منهم شهداء، حسب قوله.

ولم يتسن لوكالة الأناضول التحقق من صحة الواقعة التي ذكرها الحميدي من مصادر تاريخية.

وكان سكان "بئر السبع" يعتمدون على الزراعة ورعي المواشي، ويصدّرون البضائع لمدينة يافا الساحلية للتصدير للخارج.

ويشير إلى أن عدد سكان المدينة كان قبل النكبة يتجاوز الـ 100 ألف نسمة"، تبقى منهم حوالي 10 آلاف بعدها، وفرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية، وسلبت منهم غالبية أراضيهم وممتلكاتهم.

ويشير إلى أنه زار المدينة مرات عديدة، برفقة والده، خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي، مضيفا:" وجدنا أملاكنا يستغلها الاحتلال في زراعة محصول القطن، وكنا ننظر لها بحسرة، دون أن نتمكن من دخولها".

ويلفت "الحميدي" إلى أن إسرائيل، تعمل منذ عام 1948 وحتى الآن على مصادرة أراضي الفلسطينيين الذين تبقوا في بئر السبع، والمناطق المحيطة بها.

كما يعاني السكان "كما يقول الحميدي"، من عدم وجود خدمات التعليم، والصحة، والمياه، التي يضطروا لنقلها من مسافات بعيدة.

وقال بيان لجهاز الإحصاء الفلسطيني صدر أمس الأحد، إن النكبة الفلسطينية عام 1948 أدت إلى تشريد 800 ألف فلسطيني من أصل 1.4 مليون كانوا يعيشون في فلسطين، وإن إسرائيل دمرت 531 قرية فلسطينية وقتلت 15 ألف فلسطيني وارتكبت أكثر من 70 مجزرة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın