المغيّر.. قرية فلسطينية تقاوم استيطانا التهم معظم مساحتها (تقرير)
- مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان: ما يجري في المغيّر انتقام من صمود المواطنين ومواجهتهم للاحتلال

Ramallah
رام الله / قيس أبو سمرة / الأناضول
- مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان: ما يجري في المغيّر انتقام من صمود المواطنين ومواجهتهم للاحتلال- ناشط بمقاومة الاستيطان: مساحة أراضي المغير تبلغ 45 ألف دونم، لم يتبق منها اليوم سوى 9 آلاف دونم
على مدار 3 أيام عانى الفلسطينيون بقرية المغيّر وسط الضفة الغربية المحتلة من انتهاكات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، ورغم ذلك سطروا نجاحات تروى للأجيال في الصمود وعدم الاستسلام.
والأحد، انسحب الجيش الإسرائيلي من المغير شمال شرق مدينة رام الله، مخلفا وراءه دمارا هائلا بعد 3 أيام من عملية فرض خلالها حصارا مشددا على القرية واعتقل 14 فلسطينيا بينهم رئيس مجلس البلدية أمين أبو عليا، واستجوب أطفالا، وفق بيان لنادي الأسير الفلسطيني.
وبحسب شهادات لعدد من المواطنين، عمل الجيش الإسرائيلي ومستوطنوه على تغيير جغرافية القرية عبر تجريف آلاف الدونمات واقتلاع الأشجار وشق طرق لخدمة بؤر استيطانية.
وأضافوا أن ما جرى من عملية عسكرية استمرت 3 أيام وتبعها حفريات من قبل المستوطنين تهدف إلى سرقة أوسع مساحة من الأرض والتضييق على المواطنين، كان يهدف إلى خلق بيئة طاردة ضمن مخطط إسرائيلي لضم الضفة الغربية لسيادة إسرائيل.
وفي يوليو/ تموز الماضي أيد الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بأغلبية 71 نائبا من أصل 120، اقتراحا يدعم ضم الضفة الغربية وغور الأردن إلى إسرائيل، في خطوة أثارت رفضا عربيا ودوليا واسعا باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي.
ونفذ الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية الواسعة في بلدة المغيّر بعد ادعائه تعرض مستوطن إسرائيلي لإطلاق نار قرب القرية، الخميس، ما أدى لإصابته بجروح "طفيفة".
وخلال العملية اقتلع الجيش الإسرائيلي نحو 12 ألف شجرة زيتون ولوز وجرف أراضي، واعتقل عدد من الفلسطينيين وفتش منازلهم مخلفا أضرارا كبيرة فيها.
ورغم انسحاب الجيش، الأحد، إلا أن مستوطنين يواصلون شق طرقات في القرية لربط بؤر استيطانية بعضها ببعض ومصادر أكبر مساحة من الأرض.
يأتي ذلك في وقت ترتكب فيه إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خلفت 62 ألفا و744 قتيلا، و158 ألفا و259 جريحا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 300 فلسطيني، بينهم 117 طفلا.
وبموازاة حرب الإبادة بغزة، قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1016 فلسطينيا، وأصابوا نحو 7 آلاف آخرين، إضافة لاعتقال أكثر من 18 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية.
** الأرض المحروقة
وفي هذا الصدد، قال مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في وسط الضفة الغربية، صلاح الخواجا، إن إسرائيل "تستخدم سياسة الأرض المحروقة في قطاع غزة وفي مخيمات شمالي الضفة الغربية، واليوم في بلدة المغيّر".
الخواجا أضاف للأناضول أنه "ضمن مخطط إسرائيل لضم الضفة الغربية تعمل على حبس الفلسطينيين في معازل والسيطرة على أوسع مساحة من الأرض".
ووفق الخواجا، فإن "ما يجري في بلدة المغيّر انتقام من صمود السكان ومواجهتهم للاحتلال والمستوطنين".
وأشار إلى أن البلدة "شكلت حجر عثرة في مواجهة التوسع الاستيطاني، غير أن الاحتلال ومنذ بدء حرب الإبادة في غزة عمل على السيطرة على جل أراضي البلدة عبر إقامة 7 بؤر استيطانية".
الخواجا زاد بالقول: "خلال أيام العدوان على البلدة عملت الجرافات إلى تحويل أراضيها إلى دمار عبر اقتلاع آلاف الأشجار المثمرة الأمر الذي أدى إلى فقدان غالبية السكان لمصادر القوة بهدف قتل روح البلدة ونضالها".
** مجزرة
وعن التغير الذي حصل في القرية بعد تلك الاعتداءات، قال الناشط بمقاومة الاستيطان كاظم الحاج محمد، إن المغيّر فقدت عشرات آلاف الدونمات "من أراضيها لصالح الاستيطان والمناطق المغلقة والعسكرية".
وفي حديثه للأناضول، أضاف: "مساحة أراضي المغير تبلغ 45 ألف دونم، لم يتبق منها اليوم سوى 9 آلاف".
وأشار إلى أن القرية ومنذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967، تتعرض لهجمة استيطانية، غير أن جل الأراضي خسرتها في السنوات الخمس الماضية.
الحاج محمد بين أن المغيّر خسرت منذ الخميس الماضي نحو 500 دونم .
وأشار إلى أن 4 تجمعات بدوية هجرت من أراضي المغيّر بعد 7 أكتوبر 2023 جراء تصاعد اعتداءات المستوطنين.
وبخصوص الخراب الذي خلفته الجرافات الإسرائيلية، قال: "ما حدث في المغيّر مجزرة حقيقية بحق أشجار الزيتون واللوز، نحو 12الف شجرة اقتلعت بحسب التقديرات الأولية".
وتابع: "الاحتلال يدعي أن مستوطنا تعرض لعملية إطلاق نار في موقع يبعد عن القرية عدة كيلو مترات ما الذي يستدعي تنفيذ هذه المجزرة".
وأكمل: "ما جرى تم التخطيط له مسبقا، الاحتلال نفذ مخطط استيطاني للسيطرة على أراضي البلدة، وسرقة كل ما هو فلسطيني بحجج مكافحة الإرهاب"، مبينا أن الهدف الحقيقي تهجير المواطنين.
بدوره، قال عبد اللطيف أبو عليا أحد سكان المغيّر، بينما يتفقد حقله المدمر: "نعيش هجمة شرسة غير مسبوقة استهدفت الحجر والبشر والشجر، تم تنفيذ عمليات اعتقال وتفتيش وتجريف".
وفي حديثه للأناضول، أشار أبو عليا إلى أن الجيش الإسرائيلي اقتحم منزله 3 مرات وفتشه وعاث فيه فسادا.
ولفت إلى جرافات إسرائيلية ضخمة تعمل على شق طرقا في جبال البلدة، وقال: "هذا مخطط يهدف للسيطرة على الأرض وتهجير السكان، الجيش انسحب وترك المستوطن يجرف ويسرق الأرض".
وشكك أبو عليا في ادعاءات الجانب الإسرائيلي بوجود عملية إطلاق نار، وقال: "كل المبررات الإسرائيلية كاذبة، ما يجري لا علاقة له بعملية إطلاق نار هذا مخطط احتلالي".
** تاريخ من النضال
للمغير تاريخ طويل في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، إذ كانت أول قرية فلسطينية تُفرض عليها إجراءات منع التجوال عام 1968، بعد عام من احتلال الضفة الغربية، وفق مركز المعلومات الفلسطيني الرسمي.
وخلال العقود الماضية، سقط من القرية عشرات القتلى والمصابين والمعتقلين، وظلت عرضة لهجمات متكررة من المستوطنين، تصاعدت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، لاسيما منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي أبريل/نيسان 2024 شن مستوطنون هجوما واسعا على القرية أسفر عن مقتل فلسطيني وإصابة 75 آخرين بجروح، إضافة إلى إحراق منازل ومركبات، بحسب مصادر محلية.