الدور الاستراتيجي لاتفاقية التعاون بين تركيا والصومال في تحقيق أمن ورفاه القرن الإفريقي (مقال)
مقال لوزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور
Istanbul
مقديشو / الأناضول
تقوم العلاقات التركية الصومالية الثنائية على الصداقة والأخوة وتستمد عمقها من جذور التاريخ. حيث اتخذت العلاقات طابعاً جديداً منذ عام 2011 إبان الأوقات العصيبة التي مر بها الصومال، وذلك من خلال زيارة رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب أردوغان للصومال.
لقد نجحت العلاقات التركية الصومالية في اجتياز جميع المصاعب منذ عام 2011. ومنذ ذلك الحين نشأت علاقة ثقة متبادلة نادرة الحدوث في التاريخ بين البلدين.
حيث إن هناك حالة إجماع لدى الشعب الصومالي من مختلف الأطياف ووجهات النظر عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع تركيا. بمعنى آخر، أصبحت الآن مسألة العلاقات مع تركيا قضية فوق حزبية وغير قابلة للنقاش بالنسبة للصومال.
** السلام في الداخل والخارج
على الرغم من أن توقيت هذه الاتفاقية الإطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي يتزامن مع التوترات الجيوسياسية الأخيرة التي تشهدها المنطقة، فإن حجر الأساس لهذه الاتفاقية بين البلدين قد تم وضعه خطوة بخطوة منذ عام 2011.
ولم تتوان تركيا يوما عن تقديم كل الدعم الذي تستطيعه للصومال سواء كان ذلك عسكرياً أو اقتصادياً منذ عام 2011. ولذلك يعرب شعب الصومال في كل فرصة ممكنة عن امتنانه لتركيا بقيادة السيد رجب طيب أردوغان.
وكما يؤكد سيادة الرئيس من على كل المنابر، فإن الصومال يريد "السلام في الداخل والخارج على حد سواء" وينظر إلى علاقاته مع جميع البلدان ضمن هذا الإطار.
ويؤكد أن أبواب الصومال مفتوحة على مصراعيها أمام كافة الدول التي ترغب في العمل معا في إطار القانون الدولي. وأهم مؤشر على ذلك هو علاقاتنا الودية مع تركيا التي تمتد لمئات السنين.
** حقبة جديدة في العلاقات التركية الصومالية
وكما يتبين من الحماسة التي أحدثتها في أوساط الشعبين التركي والصومالي، فإن هذه الاتفاقية التاريخية مع تركيا تمثل بداية حقبة جديدة للشعبين.
وبهذا الاتفاق أعلنَّا للعالم أجمع رغبتنا في العمل مع أصدقائنا الأتراك، وثقتنا ببعضنا البعض وإيماننا بأهمية الأمن الدولي.
إن النتائج الجيوسياسية المترتبة على هذا الاتفاق تحمي مصالح المجتمع الدولي بأكمله وليس الصومال فحسب.
فكما أظهرت لنا أحداث اليمن حديثاً، فإن الموقع الجيوسياسي للصومال والوقائع السياسية المتعلقة به هي من مفاتيح الرخاء والسلام للعالم أجمع.
** نهاية قريبة للإرهاب في الصومال
إن الإنجاز الأهم الذي سيتم تحقيقه في نطاق الاتفاقية والذي يهم المجتمع الدولي بأكمله هو إعادة تنشيط القوات البحرية الصومالية من خلال الدعم التركي.
وفي إطار هذه الاتفاقية، سيتم العمل على إنشاء قوات بحرية صومالية مختصة ومكتفية ذاتياً بدعم من أصدقائنا الأتراك. هذه العملية سوف تُحدث تأثير الدومينو.
وفي وقت محدود سوف تستعيد القوات البحرية الصومالية ذات المهارات العالية هيمنتها التي فقدتها بعد الحرب الأهلية في البحار الصومالية. حيث سيعمل على تدريب البحرية الصومالية قوات البحرية التركية، والتي تحظى بالاحترام على الصعيد الدولي والشهيرة ببث الرعب في قلوب الأعداء وبناء الثقة لدى الأصدقاء.
وبالتالي سوف تقوم البحرية الصومالية بدورها بإحكام سيطرتها على المنافذ المائية للصومال ومياهه الإقليمية. كما ستقوم بالقضاء على جميع أنواع الأنشطة غير القانونية سواء المحلية منها أو الخارجية في المياه الإقليمية الصومالية.
إن استعادة البحرية الصومالية السيطرة البحرية في المياه الصومالية هو أمر ذو أهمية قصوى للمجتمع الدولي برمته لأن من شأنه أن يمكن الصومال من مواجهة الصيد الجائر والقرصنة البحرية وما إلى ذلك.
ولتحقيق هذه الأهداف وقبل كل شيء، من الضروري استعادة السيادة على البحار الصومالية للقضاء على حركة الشباب في الصومال والتي نعمل جاهدين لوضع حد لها.
ويعزى ذلك لقيام تنظيم الشباب الإرهابي بفتح طرق لوجستية بفضل هذه المنافذ البحرية الخارجة عن سيطرة الدولة. كل الذخائر التي يتم الحصول عليها من هذه المنافذ اللوجستية البحرية تعود على شكل رصاص في قلب المجتمع الدولي بأكمله وخاصة الشعب الصومالي.
** نجم القرن الإفريقي الجديد
بموجب الاتفاقية، سيحصل الصومال على الموارد المالية اللازمة لحل مشاكل البلاد وإزالة العوائق أمام رفاهية الصوماليين وذلك من خلال الوصول للموارد الطبيعية الغنية للصومال ولكن بدعم من تركيا.
وستمكن الاتفاقية الصومال من تنويع وتنمية الموارد التي يتم الحصول عليها من المنطقة الاقتصادية الصومالية الخالصة والتي تحتوي على موارد بحرية لا تقدر بثمن.
وبمعنى آخر، فإن ذلك سيعزز اقتصادنا البحري النامي وينشط القطاعات الاقتصادية الرئيسية ويزيد من رفاهية مواطنينا ومنطقة القرن الإفريقي عموماً.
دعم تركيا مطلوب في نقطتين فيما يخص استخراج واستخدام هذه الموارد من بحارنا التي منحنا ألوانها لعلمنا.
أولاً، يجب ضمان أمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للصومال بكل معنى الكلمة بدعم من تركيا. ثانياً، ينبغي للقدرة التقنية المتقدمة التي تتمتع بها تركيا أن ترشد الصومال في استخراج هذه الموارد.
وبإصرار الشعب الصومالي والدعم الأمني والفني الذي تقدمه تركيا، سيسطع نجم الصومال من جديد.
** اتفاقية تصب في مصلحة السلام الدولي
وبالنظر إلى كل هذا، يتبين لنا أن الاتفاقية الموقعة لن تساهم في أمن وازدهار الصومال فحسب، بل ستدعم أيضاً بشكل مباشر الأمن الإقليمي والدولي.
والأهم من ذلك، أن الجهود الرامية إلى وضع حد لحركة الشباب الذراع الأكثر حيوية لتنظيم القاعدة، والتي تهدد الصومال ودول المنطقة والعالم بأسره بشكل عام، سوف تتسارع.
ولهذا السبب، من المؤكد أن هذه الاتفاقية التي وقعناها مع تركيا ستحظى بتقدير جميع الجهات الفاعلة التي تريد رفاهية الصومال والسلام الدولي.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.