الحكم الذاتي بإقليم الصحراء.. هل تنهي مبادرة المغرب نزاع عقود؟ (تقرير)
في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، صوت مجلس الأمن الدولي لصالح قرار أمريكي يدعم مبادرة المغرب للحكم الذاتي في إقليم الصحراء المتنازع عليه مع جبهة "البوليساريو" المدعومة من الجزائر.
Rabat
الرباط/ الأناضول
** صوّت مجلس الأمن الدولي أواخر أكتوبر الماضي لصالح قرار أمريكي يدعم مبادرة المغرب للحكم الذاتي بإقليم الصحراء** المحلل السياسي المغربي محمد الغفري:
- قرار مجلس الأمن يخفف النزاع السياسي والعسكري ويعطي فرصة للتركيز على التنمية
- القرار يعزز خيار الحكم الذاتي كأساس للتفاوض لحل المشكلة المستمرة منذ عقود
- الحكم الذاتي يحتاج قوانين ومؤسسات ومراقبة ديمقراطية وشفافية
** الباحث المغربي في العلاقات الدولية نور الدين بلحداد:
- المبادرة ستمكن المنطقة من إحلال السلام وتفادي الحروب والتطرف والإرهاب
- شعوب المنطقة المغاربية تتوق إلى فتح الحدود وتبادل المصالح
- القرار فرصة لتجاوز حالة الانسداد بعلاقات المغرب مع جيرانه
في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، صوت مجلس الأمن الدولي لصالح قرار أمريكي يدعم مبادرة المغرب للحكم الذاتي في إقليم الصحراء المتنازع عليه مع جبهة "البوليساريو" المدعومة من الجزائر.
وجاء التصويت بعد إعلان عدد من الدول، بينها فرنسا والولايات المتحدة، دعمها للمبادرة التي قدمها المغرب عام 2007، وتشمل "حكما ذاتيا موسعا" في إقليم الصحراء تحت سيادة المملكة، بينما تدعو "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر.
تصويت مجلس الأمن تزامن مع الموافقة على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة بالإقليم "مينورسو" لعام إضافي حتى 31 أكتوبر 2026.
ولم تشارك الجزائر في التصويت من أصل 15 دولة في المجلس، بينما أيد مشروع القرار 11 دولة، وامتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت.
** مشروع القرار
ووفق مشروع القرار، سيتم نقل جزء من صلاحيات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى إقليم الصحراء.
ويقوم سكان الإقليم بإدارة تلك الصلاحيات، بينما تحتفظ الرباط بالصلاحيات السيادية، مثل الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية، فضلا عن مقومات السيادة مثل العلم والنشيد الوطني.
وينص مشروع الحكم الذاتي على انتخاب رئيس حكومة من البرلمان الجهوي، وينصبه الملك، ويقوم باختصاصات تنفيذية.
ويتكون البرلمان الجهوي من أعضاء منتخبين من طرف مختلف القبائل الصحراوية، إضافة إلى منتخبين بالاقتراع العام المباشر من طرف سكان الإقليم.
وبحسب المشروع "يجب أن تكون القوانين التشريعية والتنظيمية والأحكام القضائية الصادرة عن هيئات الحكم الذاتي للصحراء، مطابقة لنظام الحكم الذاتي، ولدستور المملكة".
وتُعنى مؤسسات الإقليم بتدبير ميزانيتها الخاصة والجبايات المحلية، وشؤون التنمية الاقتصادية والبنى التحتية والخدمات الاجتماعية.
** فرصة للتنمية
يرى المحلل السياسي المغربي محمد الغفري، أن قرار مجلس الأمن "يخفف النزاع السياسي والعسكري، معتبرا إياه "فرصة للتركيز على التنمية والإدارة المحلية بدل استمرار النزاع العسكري أو الدبلوماسي الحاد".
وأوضح للأناضول أن "الحكم الذاتي يحتاج قوانين ومؤسسات ومراقبة ديمقراطية وشفافية".
وقال إن القرار الأخير "يعزز خيار الحكم الذاتي كأساس للتفاوض" لحل المشكلة المستمرة منذ عقود.
وأشار الغفري إلى أن القرار الأممي "يضع النزاع في إطار سياسي أوسع، ويقلل من تكاليف الصراع طويل الأمد، ويحول بعض الجهود من المواجهة إلى التفاوض المؤسسي".
وذكر أن القرار "يوفر ملايين الدولارات التي كانت تستثمر في سباق التسلح وإعادة توجيه النفقات العسكرية نحو التنمية والخدمات العمومية".
وتابع: "إذا خف التوتر أو قل احتمال التصعيد العسكري، يمكن توفير موارد كانت موجهة إلى الإنفاق الأمني وخاصة الدفاعي، وإعادة توجيهها نحو التنمية والتشغيل والتعليم والصحة أو مشاريع البنية التحتية".
** تمكين السلام
نور الدين بلحداد، الباحث المغربي في العلاقات الدولية، يرى أن قضية النزاع على إقليم الصحراء "دخلت أفقا عالميا للسلم والسلام"، والدفع نحو "حل يرضي جميع الأطراف في إطار مبادرة الحكم الذاتي".
وقال للأناضول إن المبادرة "ستمكن المنطقة من إحلال السلام وتفادي فتيل الحروب والتطرف والإرهاب"، مضيفا أن "شعوب المنطقة المغاربية تتوق إلى فتح الحدود وتبادل المصالح".
بلحداد، الأستاذ بجامعة محمد الخامس في العاصمة الرباط، يرى أن القرار يعني أن "القضية حسمت في إطار الحكم الذاتي للتفاوض حولها بدون شروط مسبقة".
وزاد: "مستقبل المنطقة على المحك لإنهاء هذا النزاع، حيث ستحاول القوى المشكلة لمجلس الأمن تتبع مجريات القرار الأخير لتطبيقه على أرض الواقع".
** فرصة لتطوير العلاقات
ودعا بلحداد إلى استغلال هذه الفرصة من أجل تجاوز حالة الانسداد التي تخيم على علاقات المغرب مع جيرانه.
ولفت إلى أنه "إذا تمت ترجمة الحكم الذاتي على أرض الواقع، فذلك قد يفتح الباب لتطوير البنية التحتية، وتحسين الخدمات العمومية وتشجيع الاستثمارات وجذب مشاريع تنموية مهمة" للإقليم.
واعتبر الباحث المغربي أن القرار يساهم في تعزيز العلاقات الدبلوماسية الاقتصادية مع الشركاء الدوليين.
وأوضح أن الدعم الدولي للقرار يمكن أن يعزز ثقة بعض المستثمرين أو الشركاء الدوليين في الاستقرار السياسي المغربي، خصوصا فيما يتعلق بالأقاليم الجنوبية (يشمل إقليم الصحراء)، ما قد يسهل تدفق مشاريع استثمارية أو شراكات مع الدول والمنظمات الدولية.
بدوره، أشار الغفري إلى أن الفرصة سانحة الآن لتحويل التنافس المغاربي إلى تكامل، عبر فتح الحدود وتعزيز التبادل الاقتصادي، ومن أجل تعزيز قوة المنطقة.
وتتجه أنظار المغاربة والجزائريين إلى المبادرة الأمريكية للوساطة بين البلدين على أمل إنهاء القطيعة الرسمية بينهما، حيث لا تزال الحدود بين المغرب والجزائر مغلقة منذ عام 1994، وسط خلافات سياسية أبرزها ملف إقليم الصحراء.
ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، قال في مقابلة مع قناة "سي بي إس" الأمريكية في أكتوبر الماضي: "فريقنا يعمل الآن بخصوص المغرب والجزائر، وأتوقع التوصل إلى اتفاق سلام خلال 60 يوما".
وعقب قرار مجلس الأمن، اعتبر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن حل المشاكل مع الجزائر "أقرب اليوم من أي وقت مضى، في حال توفرت الإرادة السياسية".
وأضاف بوريطة، في تصريحات متلفزة، أن "المغرب والجزائر لا يحتاجان وساطات، بحكم القرب الجغرافي والتاريخ".
وتابع: "لنا الإمكانية لحل مشاكلنا بأنفسنا، والحوار المباشر بين البلدين أحسن من أي وساطة لحل المشاكل، فقط يجب أن تكون هناك الإرادة السياسية".
بينما لم يصدر تعقيب من الجزائر بشأن أي وساطة محتملة مع المغرب.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
