تركيا, السياسة, التقارير, بيئة ومناخ

استضافة إسطنبول مفاوضات روسيا وأوكرانيا تأكيد لدور تركيا الحيادي (خبراء)

ذهب خبراء عرب إلى أن اختيار روسيا وأوكرانيا مدينة إسطنبول التركية مكانا لانعقاد المفاوضات المرتقبة بينهما في 15 مايو/ أيار الجاري يعكس أهمية موقع تركيا الجغرافي ودورها الحيادي المتوازن بشأن الأزمات حول العالم.

Muhammed Yusuf  | 14.05.2025 - محدث : 14.05.2025
استضافة إسطنبول مفاوضات روسيا وأوكرانيا تأكيد لدور تركيا الحيادي (خبراء)

İstanbul

إسطنبول / محمد شيخ يوسف/ الأناضول

* أستاذ الشؤون الدولية في جامعة قطر علي باكير:
- استضافة تركيا للمفاوضات أمر ليس بالمستغرب ونابع من موقف تركي متوازني يسعى لحل الأزمة بشكل نهائي
- رصيد تركيا الإيجابي لدى الطرفين يجعلها قادرة على المضي للأمام ليس باستضافة المفاوضات فقط وإنما بحل الأزمة
** الكاتب والباحث العراقي نظير الكندوري:
- المفاوضات خطوة ممتازة وضرورية لوقف حمام الدم وأول نتائج للمفاوضات هو وقف إطلاق نار بين البلدين
- عقد المفاوضات يعطي دفعة كبيرة لنجاح الدبلوماسية التركية ويعزز قدرتها على إحلال السلام في بقع ملتهبة كثيرة من العالم
*** الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي:
- اختيار إسطنبول لاستضافة المفاوضات جاء من الثقة بالشريك التركي وبالرئيس أردوغان الذي احتفظ بموقف أخلاقي وبطولي لدى البلدين
- تدخلات الرئيس أردوغان يمكن أن تسهم في تحفيز محادثات على صلة بالحدث وليس مجرد استضافة القمة

ذهب خبراء عرب إلى أن اختيار روسيا وأوكرانيا مدينة إسطنبول التركية مكانا لانعقاد المفاوضات المرتقبة بينهما في 15 مايو/ أيار الجاري يعكس أهمية موقع تركيا الجغرافي ودورها الحيادي المتوازن بشأن الأزمات حول العالم.

جاء ذلك في أحاديث منفصلة للأناضول، من خبراء عرب تعليقا على المفاوضات التي تستضيفها إسطنبول بين روسيا وأوكرانيا في سبيل إنهاء الحرب المستمرة بين البلدين منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

وخلال مؤتمر صحفي، السبت الماضي، اقترح الرئيس فلاديمير بوتين، استئناف المحادثات المباشرة مع أوكرانيا "دون شروط مسبقة"، غدا الخميس في إسطنبول، بعد توقفها عام 2022.

فيما ذكرت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية عبر بيان، الأحد، أن الرئيس رجب طيب أردوغان أعرب لنظيره الروسي، عن استعداد تركيا لاستضافة محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا.

يشار إلى أنه في مارس/ آذار 2022، استضافت إسطنبول عدة جولات من المباحثات بين وفود روسية وأوكرانية للتوصل إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب.

** تطور إيجابي

علي باكير، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة قطر، قال للأناضول إن انعقاد المفاوضات "أمر إيجابي وتطور مرحب به، بالنظر إلى حالة المراوحة التي أصابت الأزمة. ولا شك أن أي جهد لحل هذا النزاع هو جهد مرحب به".

وأضاف: "يجب أن نُبقي سقف الآمال في مستوى مقبول نظرا لتاريخ النزاع، ولكي لا نصاب بالصدمة في حال فشل المفاوضات. هناك توجه إيجابي وهناك آمال في أن يساهم لقاء إسطنبول في حل الأزمة، وننتظر النتائج".

وتابع: "لا شك أن مجرد انعقاد هذا اللقاء هو أمر إيجابي، لكن لا أتوقع حدوث خرق على مستوى عالي، لأن مثل هذا الأمر يتطلب عدة جولات حقيقة وليست جولة واحدة، ويتطلب أيضا نية إيجابية في هذا الاتجاه من قبل الطرفين".

ومنذ 24 فبراير 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.

** موقف تركي متوازن

وبخصوص استضافة إسطنبول للمفاوضات ودور تركيا فيها، قال باكير: "استضافة تركيا للمفاوضات أمر ليس بالمستغرب، ونابع عن موقف تركي متوازن يسعى إلى حل الأزمة بشكل نهائي".

وأوضح أن موقف تركيا "استثمار في الاستقرار والأمن، الذي يخدم في نهاية المطاف كل الأطراف المنخرطة في هذا النزاع".

وأردف: "الجانب التركي يؤكد أنه ليس في محل تأييد لعدوان أو احتلال أو ضم أراضي، لكنه في موقع يخدم مصلحة الطرفين، من ناحية تأمين الوضع ومحاولة إيجاد حل لمخاوف كل طرف، وهذا في حد ذاته شيء مطمئن للطرفين".

أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر قال إنه "سبق لتركيا استضافت جولات سابقة من المفاوضات بين الطرفين، وتوصلت إلى نتائج مهمة، كان أبرزها اتفاق القمح الذي ساعد في تحقيق استقرار بالأمن الغذائي عالميا، وليس فقط على مستوى المنطقة".

وزاد: "تركيا بما لديها من رصيد إيجابي لدى الطرفين، قادرة على أن تخطو خطوة إلى الأمام، ليس بالاستضافة فقط، وإنما بحل الأزمة".

وأشار إلى أن "استضافة تركيا للمفاوضات يأتي في ظل مساعي أو تنافس أمريكي لمحاولة حل الأزمة، وهذا في حد ذاته تعبير عن موقع ودور تركيا ليس كقوة إقليمية فقط، وإنما كلاعب دولي فاعل في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار".

وثمنت الأمم المتحدة دور تركيا في إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا، حيث قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، للأناضول الثلاثاء: "نثمن دائمًا الدور الذي لعبته تركيا في محاولة إنهاء هذا الصراع".

وأضاف: "نريد أن ينتهي الصراع وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولي، ونحن نواصل دعم كل الجهود المبذولة لتحقيق هذه الغاية".

** ظروف جديدة

من ناحيته، قال الكاتب والباحث العراقي نظير الكندوري: "لطالما كانت تركيا وسيطا ذو ثقة بين البلدين، حيث تعتبر أوكرانيا وروسيا تركيا من البلدان الموثوقة لإدارة المفاوضات بينهما".

وأضاف للأناضول: "لاحظنا ذلك في صفقة الحبوب التي أبرمت بين البلدين، وأسفرت عن تجنب كارثة غذائية للعالم أجمع، وخاصة الدول الفقيرة".

ووقع البلدان اتفاقية بإسطنبول في يوليو/ تموز 2022، بوساطة تركيا والأمم المتحدة لشحن الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وللمساعدة في معالجة أزمة الغذاء العالمية التي تفاقمت منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، ومددت الاتفاقية 3 مرات قبل أن تعلق موسكو العمل بها في 17 يوليو/تموز 2023.

وقال الكندوري: "لست ممن يفرطون في التفاؤل، وأقول إن هذه المفاوضات خطوة ممتازة وضرورية لوقف حمام الدم بين البلدين. وأعتقد أن أول نتائج المفاوضات هي وقف إطلاق نار بين البلدين، ولكن ليس نهاية الحرب".

وأشار إلى أن المفاوضات "ربما تأخذ وقتا طويلا إلى إحلال السلام بين البلدين، لكن أولى الثمار هو وقف إطلاق النار".

وقال: "باعتقادي روسيا وصلت إلى قناعة بأن ما استطاعت أن تأخذه من أراضي أوكرانية كافي، وتريد إنهاء الحرب".

وأكمل: "هناك خوف روسي من عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي ستؤثر على الاقتصاد الروسي بشكل بالغ. وأوكرانيا تريد أن تدخل في المفاوضات وهي ما تزال تتلقى دعما سياسيا وعسكريا من الاتحاد الأوروبي".

** دبلوماسية تركية ناجحة

وقال الكندوري إن عقد المفاوضات "يعطي دفعة كبيرة لنجاح الدبلوماسية التركية، وتعزيز قدرتها على إحلال السلام في بقع ملتهبة كثيرة من العالم".

وتابع: "هذا يجعلنا نشعر بالاطمئنان بأن المفاوضات ربما ستبرم اتفاقا ينهي الحرب التي اندلعت قبل ثلاث سنوات".

وزاد: "تركيا في السنوات الأخيرة بدأت تظهر كلاعب دولي مهم جدا، وحققت الدبلوماسية التركية نجاحات باهرة في عدة دول بالمنطقة، لا سيما الصراع في سوريا والذي حسم لصالح الشعب السوري".

وأضاف: "مواقف تركيا البناءة والداعمة لإحلال السلام في مناطق عديدة، يجعلها محل ثقة دولية. وطرفي النزاع روسيا وأوكرانيا يشعران بأن تركيا إلى جانبها وتريد إحلال السلام فيهما".

الباحث العراقي قال إن نجاح المفاوضات يعد "إضافة إلى تراكم النجاحات الدبلوماسية التركية التي يجعلها قادرة على المساهمة في حل العديد من المشاكل على المستويين الإقليمي والدولي".

وتابع: "إسطنبول لها مكانة سياسية كونها مكان التقاء أصحاب القرار في العالم، وموقعها الجغرافي يزيد من أهميتها؛ فهي قريبة من الشرق الأوسط المليء بالأزمات، وقريبة من أصحاب القرار في أوروبا غربا، وروسيا شرقا".

** ثقة بالرئيس أردوغان

من ناحيته، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إن "المحفزات التي كانت تقوي الحرب في أوكرانيا عام 2022 لم تعد متوفرة الآن، في ظل حالة الانقسام داخل المعسكر الغربي بين الولايات المتحدة وأوروبا، وسط رغبة أمريكية حقيقية في إنهاء الحرب وتركيزها بشكل أساسي على عقد صفقات ثنائية مع أوكرانيا".

وأضاف: "النجاح سيتوقف على قدرة المحادثات أو القمة على دفع البلدين للذهاب قدما باتجاه السلام".

وبخصوص اختيار إسطنبول مكانا لانعقاد المفاوضات، قال التميمي: "الأمر يعود إلى حجم الثقة المتبادل. فلا أعتقد أن روسيا وأوكرانيا يحتاجون إلى مقر مريح لعقد المفاوضات، فالمعيار الأول لاختيار إسطنبول هو الثقة بالشريك التركي والثقة بالرئيس أردوغان الذي احتفظ بموقف أخلاقي وبطولي في نفس الوقت".

وزاد للأناضول: "احتفظت تركيا بعلاقة جيدة مع روسيا، وبنت معها شراكات في زمن الحرب. وفي الحقيقة هذا الموقف يولد حالة من الامتنان لدى روسيا، ولدى الرئيس بوتين، وهناك أيضا شراكات مهمة جدا تجمع أوكرانيا بتركيا".

وأكد التميمي أن "تدخلات الرئيس أردوغان يمكن أن تسهم في تحفيز محادثات على صلة بالحدث وليس مجرد استضافة القمة، فلتركيا مصلحة إستراتيجية من انتهاء الحرب".

وختم قائلا: "تركيا تشارك البلدين المتصارعين الإطلالة على البحر الأسود، ولهم مصالح مشتركة فيه، وأمن المنطقة مهم جدا، خاصة وهناك اتفاقية دولية تحكم حتى أمن هذه المنطقة".​​​​​​​

وتسمح معاهدة مونترو الموقعة عام 1936 بمرور السفن الحربية التابعة للدول غير المشاطئة للبحر الأسود من مضيقي الدردنيل والبوسفور، بشرط إشعار تركيا بالمرور قبل 15 يوما، والبقاء في البحر الأسود لمدة لا تتجاوز 21 يوما.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.