"حطب الفقراء".. جفت الزيتون بديل لوقود التدفئة بالأردن (تقرير)
ـ ازدياد الطلب على جفت الزيتون بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية - 40 ـ 50 ألف طن الإنتاج السنوي في الأردن من الجفت ـ للجفت آثار سلبية صحية وبيئية داخل البيوت المغلقة

Jordan
إربد / ليث الجنيدي / الأناضول
مع دخول فصل الشتاء وفي ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، يسعى الأردنيون إلى استخدام مصادر طاقة بديلة تعينهم على مواجهة البرد، والتي من بينها ما يعرف بـ"جفت" أو "تفل" الزيتون.
الجفت هو مخلفات الزيتون بعد هرسه واستخلاص الزيت منه، ومعروف لدى الأردنيين منذ قديم الزمان، إلا أن الطلب ازداد عليه بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، فهو بديل رئيس ورخيص عن الوقود لأغراض التدفئة.
إضافة إلى أسعاره المنخفضة، يتميز الجفت بحرارته العالية، والتي يفضلها المواطنون مقارنة بوسائل التدفئة المختلفة من كهرباء وحطب وغير ذلك، كما أن بعض أصحاب المصانع ومزارع الدجاج يستخدمونه بديلاً عن الوقود.
مراسل الأناضول زار عدداً من معاصر الزيتون شمال المملكة، واطلع على مراحل استخراج الجفت، بدءاً من عملية عصر الزيتون، ووصولاً إلى تصنيع الجفت على شكل قوالب وتغليفها ومن ثم بيعها للزبائن.
** حطب الفقراء
فارس البشارات (27 عاماً)، صاحب أحد المعاصر، بين في حديثه للأناضول، أن "الجفت معروف بأنه حطب الفقراء، ويستخدمونه للتدفئة في فصل الشتاء بديلا عن المشتقات النفطية نظراً لارتفاع أسعارها".
وأشار أن "استخدامه لغايات التدفئة للبيوت والمزارع ولتسخين المياه، وازداد الطلب عليه بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية".
وتابع "كل معصرة يعتمد إنتاجها من الجفت على كميات الزيتون التي تعصرها، ولكنها تراوح بين 500 و700 طن سنوياً".
"يبدأ العمل على تغليف إنتاج السنة الحالية في يونيو/ حزيران القادم بعد تجفيفه تماما، ويكون هذا الإنتاج أيضا لاستخدام الشتاء القادم وليس الحالي".
ويبلغ سعر الطن الواحد بين 60 و80 دينارا (84 و112 دولارا)، ويكون مكبوسا ومضغوطا بشكل أسطواني داخل أكياس يزن الواحد منها 20 ـ 25 كيلوغراما، وفق البشارات.
واستدرك: "سعر الكيس الواحد يكون ما بين 2 و2.5 دينار (2.8 و3.5 دولارات)، وعادة ما يحتاج الزبون إلى 2 طن لفترة الشتاء.. الجفت معروف لدى الفقراء فقط، أما الأغنياء فلا يعرفونه ونادرا من يستخدمه منهم".
** أقل تكلفة
الباحث في شؤون الطاقة عامر الشوبكي، قال في حديثه للأناضول، إن "أسعار المشتقات النفطية ارتفعت بالأردن بعد عام 2019 بسبب فرض ما يسمى الضريبة الثابتة المقطوعة، والتي تؤمن للحكومة 1.7 مليار دولار سنويا".
وأضاف: "هذا أدى لأن تصل فاتورة الطاقة إلى قرابة 35 ـ 40 بالمئة من متوسط دخل المواطنين، ما جعل المواطنين يبحثون عن وسائل تدفئة منخفضة السعر، والتي يعد الجفت واحداً منها".
"أسعار الجفت ارتفعت أيضا خلال السنوات الماضية نتيجة زيادة الطلب عليها، ولكنها بالمجمل أقل تكلفة من أسعار المشتقات النفطية التي يستخدمها المواطنون لأغراض التدفئة، وكذلك الكهرباء".
ورأى الشوبكي، أن "الجفت له آثار سلبية صحية وبيئية داخل البيوت المغلقة، وستنعكس على البيئة من الانبعاثات الكربونية، وعلى صحة أفراد الأسر التي تستخدمه".
وذكر أن أسعار المشتقات النفطية في الأردن من أعلى الأسعار عربيا؛ نتيجة ما وصفه بـ"الاعتماد المفرط من الحكومة على الضرائب من مواد أساسية وضرورية مثل وقود التدفئة، وذلك نتيجة ارتباط الحكومة ببرنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي".
"الوقود وارتفاع أسعاره بالأردن عادة ما يقلق الشارع، وسبق أن أدت تلك الارتفاعات إلى احتجاجات شعبية كما حدث عامي 2018 و2022"، وفق الباحث الأردني.
ويخشى الأردنيون موجة جديدة من ارتفاع الأسعار تزيد معدلات التضخم، مع اقتراب حكومة بلادهم من إبرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي للسنوات المقبلة.
وفي 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت لجنة تسعير المشتقات النفطية (حكومية)، أسعار البنزين في الأردن لشهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، إذ سجل سعر بنزين 90 أوكتان مبلغ 915 فلسا (1.3 دولار) للتر الواحد.
بينما يبلغ سعر لتر بنزين 95 أوكتان 1160 فلسا (1.6 دولار)، وسعر لتر الديزل "السولار" بلغ 750 فلسا (1.1 دولار).
** ضرر بيئي أقل
من جهته، اعتبر سلام أيوب، مستشار شؤون البستنة في المركز الوطني للبحوث الزراعية (حكومي)، خلال حديثه للأناضول، أن "الجفت هو من المنتجات الثانوية لمعاصر الزيتون".
وأضاف: "سابقا كان يعتبر من المخلفات ومصدرا لتلوث البيئة، ولكنه الآن أصبح مصدر دخل لمعاصر الزيتون، حيث يتم كبسه في قوالب خاصة واستخدامه في التدفئة بديلا للمشتقات النفطية والحطب".
وتابع: "يصل الإنتاج السنوي في الأردن من جفت الزيتون ما بين 40 ـ 50 ألف طن، وهذا يختلف من سنة لأخرى، وهو يعتمد على كميات الزيتون المنتجة سنويا".
وبين أن "للجفت مدافئ خاصة، وهي مخصصة لاستخدامه وقودا، وهو بديل جيد للمصادر الأخرى وموفر للطاقة وللدخل".
وهناك استخدامات أخرى للجفت مثل تصنيع السماد العضوي Compost وتصنيع الفحم واستخراج زيت الجفت لأغراض تصنيع الصابون، وفق أيوب.