الدول العربية, التقارير, فلسطين, إسرائيل

جنين تحت القصف الجوي لأول مرة منذ 2002 (تقرير إخباري)

خبراء يرون أن الأحداث المتدحرجة قد تدفع نحو عملية عسكرية إسرائيلية واسعة شمال الضفة الغربية

Qais Omar Darwesh Omar, Nour Mahd Ali Abu Aisha  | 19.06.2023 - محدث : 19.06.2023
جنين تحت القصف الجوي لأول مرة منذ 2002 (تقرير إخباري)

Ramallah

جنين/ قيس أبو سمرة / الأناضول

تعيش مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية منذ فجر الإثنين، عملية عسكرية إسرائيلية واسعة استخدمت فيها مروحيات عسكرية من طراز "أباتشي" لأول مرة منذ عام 2002.

ويقول خبراء وسكان محليون إن العملية العسكرية هي "الأعنف" في الآونة الأخيرة، حيث يستخدم الجيش الإسرائيلي فيها مروحيات عسكرية عقب تعرض قواته لكمين نصبه فلسطينيون.

وحتى الساعة 12:00 (ت.غ) أسفرت العملية عن مقتل 5 فلسطينيين وإصابة 66 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي، حسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية.

كما أصيب سبعة جنود إسرائيليين من وحدة "المستعربين" بجروح بين طفيفة ومتوسطة، إثر تفجير مُدرعة أقلتهم أثناء الانسحاب من أحد المواقع بالمدينة، وفق هيئة البث الإسرائيلية.

ولفتت الهيئة الحكومية إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم مروحيات لمهاجمة أهداف في جنين خلال العملية، وذلك "لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية منذ نحو 20 عامًا".

تدحرج العملية

شرارة الأحداث اندلعت عند الساعة 5:00 فجرا (2:00 ت.غ) عندما دخلت قوة إسرائيلية لاعتقال ما تصفهم بـ "مطلوبين"، غير أنها تفاجأت بمقاومة فلسطينية مسلحة وتفجير آلية عسكرية بعبوة شديدة الانفجار.

شهود عيان قالوا للأناضول، إنه بعد عملية التفجير اقتحمت مئات الآليات العسكرية المدينة من كافة مداخلها، وشلت حركة المواطنين، وأطلقت النار على كل من يتحرك.

وأشار الشهود إلى أن صوت الرصاص يسمع في كافة أحياء المدينة ومخيمها.

وذكروا أن مروحية إسرائيلية أطلقت صاروخا على الأقل باتجاه بناية سكنية، ونشر ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر عملية القصف وتصاعد الدخان من البناية المستهدفة.

وهذه أول مرة يقصف فيها الجيش الإسرائيلي مبان مدنية في الضفة الغربية من الجو منذ اجتياحها وإعادة احتلالها عام 2002، وفق مراسل الأناضول.

بدورها، قالت "كتيبة جنين" التابعة لـ"سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة "الجهاد الإسلامي" إن عناصرها "يفشلون محاولات جيش الاحتلال الإسرائيلي لسحب آلياته المدمرة في حي الجابريات (في مخيم جنين)".

وأضافت "كتيبة جنين" في بيان أن مقاتليها "يستهدفون القوات الإسرائيلية بصليات (رشقات) من الرصاص".

وفي بيانات مقتضبة سابقة أعلنت "كتيبة جنين" خوضها اشتباكات مع الجيش في أكثر من نقطة "وتحقيق إصابات مباشرة بين الجنود".

وقالت: "رداً على العدوان المستمر نفذ مجاهدونا ضربة نوعية في صفوف قوات الاحتلال، حيث تمكنوا من تفجير عدد من العبوات الناسفة المعدة مسبقاً في ناقلة جنود ما أدى إلى إعطابها ومحاصرة من فيها واستهدافها بوابل كثيف من الرصاص".

من جانبه، اعتبر المتحدث باسم سرايا القدس، أبو حمزة، أن "العمل العسكري في الضفة الغربية ضد إسرائيل لن يتوقف".

وأضاف في تغريدات عبر تويتر: "على العدو أن ينتظر المزيد طالما استمرت سياسة الاغتيالات وانتهاك حرمة الأسرى والمسرى والمقدسات".

وأشار أبو حمزة إلى أن اثنين من "شهداء جنين الذين ارتقوا اليوم هم من عناصر كتيبة جنين التابعة للسرايا".

وأفاد بأن "سرايا القدس أوقعت جيش الاحتلال في كمين محكم حقق إصابات مباشرة في عديد الجيش وآلياته المتوغلة".

على الصعيد نفسه، ذكر مراسل الأناضول أن الجيش الإسرائيلي أطلق الرصاص الحي على مجموعة من الصحفيين، مما أدى لإصابة المصور التلفزيوني حازم ناصر بالخاصرة.

من جانبها، أفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بأن "قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت مركبتي إسعاف للهلال الأحمر بالرصاص الحي ما تسبب بأضرار مادية".

إصابة جنود

هيئة البث الإسرائيلية الرسمية ذكرت أن سبعة جنود من وحدة "المستعربين" أصيبوا بجروح بين طفيفة ومتوسطة، إثر تفجير مُدرعة أقلتهم خلال الانسحاب من أحد المواقع في جنين، "أثناء عملية عسكرية ضد مسلحين فلسطينيين".

كما أكد الجيش الإسرائيلي في بيان، تعرض مدرعة عسكرية لكمين، دون أنّ يذكر عدد المصابين في صفوف الجنود.

وقال الجيش: "في وقت سابق صباح اليوم قامت قوات من الجيش ووحدة المستعربين باعتقال مطلوبيْن فلسطينييْن في مدينة جنين".

وأضاف: "دارت اشتباكات كثيفة مع مسلحين فلسطينيين، كما ألقيت عبوات ناسفة نحو القوات التي ردت بإطلاق نار مستهدفة المسلحين ورصدت إصابات في صفوفهم".

وتابع الجيش: "لدى خروج القوات تعرضت إحدى المركبات العسكرية لانفجار عبوة ناسفة أسفرت عن وقوع مصابين وأضرار بالمركبة، فيما لا تزال الاشتباكات مستمرة".

عملية عسكرية واسعة

خبير الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي، قال إن "أحداث جنين قد تدفع المستوى السياسي الإسرائيلي للرضوخ لضغوطات كبيرة لتنفيذ عملية عسكرية واسعة شمال الضفة".

وأضاف البرغوثي في حديثه لمراسل الأناضول: "مثل هذه العملية العسكرية قد تستغرق عدة أيام".

وتابع: "واضح أن ما حدث في جنين كان مفاجئة للاحتلال الذي كان في عملية روتينية لاعتقال مطلوبين، لكن انفجار العبوة الكبيرة غير مجريات الحدث من عملية اعتقال إلى محاولة إنقاذ الجنود وبدأت الأمور بالتدحرج".

ووصف استمرار العملية بأنها "محاولة من الجيش الإسرائيلي لرد الاعتبار بعد وقوع إصابات بصفوفه".

لكن من نظرة ثانية، رأى البرغوثي أن "المستوى السياسي في إسرائيل لديه اعتبارات أمنية وسياسية أخرى أبرزها أن عملية كبرى قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع في كافة الأراضي الفلسطينية، وسيكون لها نتائج عكسية خاصة على العلاقة مع السلطة الفلسطينية والإقليم والبعد الدولي".

إلا أن الخبير الفلسطيني لا يستبعد أن "تعزز أحداث اليوم في جنين موقف الذهاب نحو عملية عسكرية كبرى شمال الضفة".

وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش دعا إلى شن عملية برية وجوية واسعة في شمالي الضفة الغربية، عقب الأحداث التي شهدتها مدينة جنين اليوم.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي (رسمية) عن سموتريتش قوله: "حان الوقت لشن عملية واسعة في شمال الضفة، بمشاركة سلاح الجو والقوات البرية".

وأضاف: "سأطالب بعقد اجتماع عاجل للكابينت (المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر) حول الأمر".

ضربة للجيش

على الصعيد نفسه، قال مدير مركز "يبوس" للدارسات، سليمان بشارات، إن "ما يجري في جنين يمكن قراءته ضمن معطيين، الأول هو صفعة تلقتها قوات الاحتلال في ميدان يفترض أن تمتلك عنه معلومات كافية بحكم قدراتها الاستخباراتية والأمنية".

وأضاف بشارات لمراسل الأناضول، أن "هذا يبرهن حجم الفشل الذي منيت به ميدانيا عقب عام ونصف من العمل شبه اليومي والاستهداف المباشر وعمليات القتل والاعتقال والملاحقة".

أما الشق الثاني، بحسب بشارات، "يتعلق بقدرات المجموعات الفلسطينية المسلحة وحالة التطور التي تراكمت لديها، وهذا ربما يجعلنا نتحدث عن التحول من مجرد عمل مجموعات صغيرة أو عمل شبه فردي إلى نشاط فلسطيني مسلح أكثر تنظيما".

وذكر أن "طبيعة العبوات المتفجرة وتكتيك الكمين الذي قامت به هذه المجموعات يظهر تحول منهجية العمل الميداني والمقاوم بالضفة الغربية إلى ما يشبه الحالة المنظمة".

ووصف هذه التطورات بأنها "تحد كبير تفرضه هذه المجموعات أمام قوات الاحتلال".

وتابع بشارات: "عملية اليوم والمخرجات النهائية قد تجبر الاحتلال على إعادة حساباته المستقبلية في كيفية التعامل الميداني بمدينة جنين ومخيمها، أو حتى في مناطق الضفة".

ولا يستبعد "إمكانية أن يتحول الاقتحام الإسرائيلي إلى ما يشبه العمليات العسكرية ذات البعد الأوسع في استخدام الأدوات القتالية سيما إدخال الطائرات بمرافقة عمليات الاقتحام أو تنفيذ عمليات الاغتيال من خلالها".

وأشار إلى أن ذلك "سيعزز من نقاط العمل الفلسطيني المسلح بالضفة، وقد يجعل من هذا النموذج يتعمق أكثر ويتراكم وهو ما يصعب المهمة الميدانية لقوات الاحتلال".​​​​​​​

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın