المقاطعة ورقة ضغط لوقف إبادة إسرائيل في غزة (خبيران مغربيان)
* خالد يايموت أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية المغربي للأناضول: إسرائيل لن تتحمل الاستنزاف على المستوى الاقتصادي والمالي والبشري.

Rabat
الرباط/ الأناضول
* خالد يايموت أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية المغربي للأناضول:- إسرائيل لن تتحمل الاستنزاف على المستوى الاقتصادي والمالي والبشري.
- مليون إنسان غادروا إسرائيل، فضلا عن النزيف المالي الذي تتعرض له والذي يشكل ضربة كبيرة لها.
* الخبير الاقتصادي المغربي عمر الكتاني للأناضول:
- إسرائيل تضررت بسبب المقاطعة، وتضررها الاقتصادي والمالي سيكون أكبر إذا انخرط جميع العرب والمسلمين في حملات المقاطعة.
بعد نحو 20 شهرا من الإبادة الإسرائيلية في غزة، يؤكد خبراء على أهمية حملات المقاطعة كورقة ضغط يمكن البناء عليها لإجبار تل أبيب على إيقاف حربها غير المسبوقة ضد الفلسطينيين، سواء من جهة عدد القتلى أو لجهة حجم الدمار المترافق مع أشد حصار يشهده القطاع.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة محمد بنعبد الله المغربية "خالد يايموت"، قال إن المقاطعة الاقتصادية ورقة ضغط مهمة لوقف الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في غزة منذ نحو 20 شهرا.
وفي مقابلة مع الأناضول تحدث "يايموت" عن أوراق الضغط لدى العالم العربي في إطار مساعيه لوضع حد لإسرائيل، التي ترتكب إبادة في غزة وتعتدي بوتيرة متواصلة على الأراضي اللبنانية والسورية.
وتوقع الأكاديمي المغربي ألا تبقى لإسرائيل الجغرافية والقوة العسكرية نفسهما في العقود المقبلة، متوقعًا أنها "لن تتحمل الاستنزاف على المستوى الاقتصادي والمالي والبشري، خاصة أن نحو مليون إسرائيلي غادرها، فضلا عن النزيف المالي الذي تتعرض له، في ظل مغادرة كبار رجال الأعمال المستمرة لها".
توقعات يايموت تأتي في ظل إغلاق شركات غربية داعمة لإسرائيل أبوابها بالشرق الأوسط، فضلا عن تقارير إسرائيلية تتحدث عن وصول ديون إسرائيل إلى 340 مليار دولار خلال العام الماضي، فضلا عن تراجع الاستثمارات الأولية بالشركات الإسرائيلية بنحو 90 بالمئة.
وفي الفلك ذاته، يؤكد الخبير الاقتصادي المغربي عمر الكتاني أن "إسرائيل تضررت بسبب المقاطعة"، ويرى أن "تضررها الاقتصادي والمالي سيكون أكبر إذا انخرط جميع العرب والمسلمين في حملات المقاطعة".
* أوراق ضغط
وفق الأكاديمي المغربي، "يملك العالم العربي أوراق ضغط مهمة جدا للتعامل مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في هذه المرحلة التاريخية، حيث يمكن أن يكون قوة ضاغطة، عكس ما يدّعيه البعض".
وتابع: "إذا افترضنا أن العالم العربي فرض نوعا من المقاطعة الاقتصادية في هذه المرحلة التاريخية، فإن إسرائيل ستصبح دولة أكثر تهميشا على المستوى الإقليمي، ليُضاف ذلك إلى تهميشها على المستوى الدولي".
ويطلق ناشطون من الدول العربية والإسلامية، حملات لمقاطعة منتجات إسرائيل أو منتجات دول داعمة لها، من أجل الضغط "لوقف العدوان على قطاع غزة" الذي يتعرض لإبادة إسرائيلية.
والمقاطعة، وفق "حركة مقاطعة إسرائيل" BDS، وهي منظمة دولية غير حكومية، تشمل ما هو سياسي وأكاديمي وثقافي، ولا يقتصر الأمر على الاقتصاد، خاصة أن إسرائيل تعتبر حركة المقاطعة خطرا استراتيجيا على منظومتها.
كما بيّن الخبير المغربي أن "أي دولة في العالم تخوض حربا وتتعرض لمقاطعة اقتصادية وعزلة دبلوماسية، ما يشكل حربا أخرى عليها إلى جانب الأولى التي تخوضها في الميدان، ما يؤدي في الغالب إلى عودة (تغلب) الجانب الدبلوماسي على الجانب الحربي".
وتؤكد "حركة مقاطعة إسرائيل" BDS، أن إسرائيل شهدت خسائر اقتصادية ومالية جراء المقاطعة.
وأعلنت الحركة، في بيانات بموقعها الإلكتروني، وصول ديون إسرائيل إلى 340 مليار دولار خلال العام الماضي، فضلا عن تراجع الاستثمارات الأولية بالشركات الإسرائيلية بنحو 90 بالمئة.
ونقلت الحركة عن وكالة "ستادرد آند بورز " تسجيل إسرائيل لمعدل نمو صفري لعام 2024".
وأضافت أن 130 اقتصاديا إسرائيليا أعلنوا أن إسرائيل على وشك الدخول في دوامة الانهيار.
وأكدت الحركة أن المقاطعة لها أثر كبير، وتسبب الكثير من الخسائر لإسرائيل والدول الداعمة لها.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 172 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
* مقاطعة العرب والمسلمين تزيد تضرر إسرائيل
في السياق ذاته، أكد الخبير الاقتصادي المغربي عمر الكتاني أهمية المقاطعة الاقتصادية التي تطال إسرائيل والدول الداعمة لها.
وفي تصريح للأناضول، شدد الكتاني على ضرورة "الاستمرار في المقاطعة الاقتصادية، لأن وقعها سيكون كبيرا إذا انخرط فيها أكثر من ملياري مسلم".
ورأى أن أهمية المقاطعة تكمن في كون الدول الغربية تعتمدها في الكثير من المناسبات، وهو ما طبقته ضد المنتجات الصينية أو الروسية للضغط على حكوماتها بخصوص خلافات جوهرية معها، كالحرب الروسية في أوكرانيا.
وأكد الكتاني أن "إسرائيل تضررت بسبب المقاطعة، وسيكون تضررها الاقتصادي والمالي أكبر إذا انخرط جميع العرب والمسلمين في حملات المقاطعة.
واعتبر أن "عدم الانخراط في المقاطعة الاقتصادية هو قبول لما يتعرض له الفلسطينيون".
وأبرز الاقتصادي المغربي أن "المشاركة في المقاطعة الاقتصادية تعني عدم القبول باستغلال الدول الغربية، الداعمة لإسرائيل، للشعوب العربية والإسلامية".
وجراء المقاطعة الاقتصادية، أعلنت شركات غربية إغلاق أبوابها في بعض دول المنطقة، مثل كارفور وكنتاكي وبيتزا هت، بالإضافة إلى تضرر الاقتصاد الإسرائيلي جراء المقاطعة وتداعيات استمرار الإبادة.
وبحسب موقع وصلة للاقتصاد الإسرائيلي (خاص)، فإن 60 ألف شركة إسرائيلية أغلقت أنشطتها عام 2024.
كما تراجعت السياحة الوافدة إلى إسرائيل بنحو 70 بالمئة خلال العام الماضي، مقارنة مع 2023، بحسب مكتب الإحصاء الإسرائيلي، حيث تراجعت إلى 952 ألف سائح في2024، بعدما استقبلت 3 ملايين سائح خلال 2023.
كذلك تضررت الكثير من الشركات الأمريكية جراء المقاطعة، مثل "دومينوز"، و"ماكدونالدز"، و"ستاربكس".
وكشفت سلسلة متاجر القهوة الأميركية "ستاربكس" عن تراجع مبيعاتها 7 بالمئة خلال الفترة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، في ظل حملات المقاطعة.
كم أبرز يايموت أن "الجانب الآخر في الضغط يتمثل في تجميد العلاقات مع إسرائيل، أو قطعها"، لافتا إلى أن "هذا الضغط سيؤدي إلى عزلة سياسية لإسرائيل".
* استنزاف مالي وديمغرافي لإسرائيل
يرى يايموت أن "إسرائيل لن تتحمل الاستنزاف على المستوى الاقتصادي والمالي والبشري، خاصة أن عددا كبيرا من الإسرائيليين والمستثمرين غادروها، فضلا عن النزيف المالي الذي تتعرض له، والذي يشكل ضربة كبيرة لها، في ظل المغادرة المستمرة لكبار رجال الأعمال لها".
وتوقع أن "هذه المتغيرات ستسبب لإسرائيل أزمة ومشاكل كبيرة عل المستوى الديمغرافي والاقتصادي، مما سيؤدي إلى تحول في مواقف القوى الدولية حيال القضية الفلسطينية وتكون بداية لحلول غير تقليدية".
ورأى الخبير المغربي أن "القضية الفلسطينية ستشهد نماذج أخرى من الحلول مستقبلا في غضون 10 سنوات".
وأضاف يايموت: "لن تبقى لإسرائيل نفس الجغرافيا ونفس الفكر السياسي ونفس القوة العسكرية خلال الـ40 سنة المقبلة".
وتابع: "منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، بدأت تظهر خطابات أمريكية عن قوة أمريكية ما بعد إسرائيل، وهي خطابات تتحدث أن هناك إشكال عميق من داخل إسرائيل ناتج عن التركيبة البشرية وكيف تتعامل مع المحيط، مقابل التغيير في التحالفات الدولية والقوى الدولية الصاعدة مقابل التحالفات الأمريكية".
وبيّن يايموت أن "الإبادة الإسرائيلية وصلت إلى سقف الحروب الوحشية تاريخيا"، ورأى أن "هذا السقف سيؤدي إلى رد فعل معاكس، سيكون منسجما مع طبيعة التطورات المستقبلية التي ليست في صالح إسرائيل".
في المقابل، ذكر أن "أطراف المقاومة الفلسطينية وتشكيلاتها في تطور مستمر منذ عقود، وكلما انحصرت تنظيمات مقاومة، وأتت تنظيمات أخرى بتفكير آخر، كانت أقوى من سابقاتها".
* "انكماش نفوذ إسرائيل والغرب"
وعن الإبادة الإسرائيلية في غزة، أوضح يايموت أن "الباحثين في تاريخ الإبادة الجماعية، يقولون إن هذه أول إبادة جماعية تنقل بشكل مباشر عبر وسائل الإعلام".
وعلى عكس ما تروّجه تل أبيب من ذريعة التخلص مما تسميه "تهديد حماس"، لفت إلى أن "أسباب الحرب الرئيسية الراهنة هي إعادة بناء الدولة اليهودية على الجغرافيا الفلسطينية".
ورغم ذلك، اعتبر الأكاديمي المغربي أن المؤشرات تبيّن أن المستقبل ضد الكيان الصهيوني.
وتابع: "القوى الغربية بما فيها الولايات المتحدة وإسرائيل تعرف تراجعًا وانكماشًا في نفوذها الدولي حاليا ومستقبلا".
* المطلوب إسرائيليا: "جوار ضعيف"
وحول الاعتداءات التي تنتهجها، أوضح يايموت أن "إسرائيل تحاول عبر انتهاكاتها المتواصلة إضعاف كل دول الجوار عبر استهدافها عسكريا".
وعن أحدث صور هذه الانتهاكات، ذكر أن إسرائيل عملت منذ مدة على مراقبة سوريا عبر قمر اصطناعي متطور، يشمل سوريا ولبنان ومجمل الأراضي الاردنية، بهدف الحصول على المعلومات بشكل كبير.
وأضاف يايموت: "إسرائيل تلعب على ورقة الجغرافيا السياسية، هي تعرف أن تمددها الجغرافي لا يمكن أن يحصل، لذلك تحاول أن تبقي على إضعاف كل دول الجوار، وتحاول ما أمكن أن تحوّل دولة سوريا إلى مناطق نفوذ لا تخضع إلى سلطة سياسية موحدة".
وأوضح أن "تركيز إسرائيل على سوريا ناتج عن نظرة مستقبلية هي ألا تنشأ دولة قادرة على الصمود أو استعادة بُعدين مهمين، البشري والجغرافي، لأن إسرائيل تنظر إلى الجغرافيا السنية على أنها جغرافيا مهددة لها، خاصة إذا اجتمع لها الجانب البشري والأهمية السياسية"، من وجهة نظرها.
وأشار يايموت إلى أن "سوريا تاريخيًا منطقة مهمة جدا بالنسبة للجغرافيا السياسية الدولية".
ولفت إلى أن النظام الجديد بسوريا يحاول بناء دولة تعاكس الإرادة الإسرائيلية التي تعتبر أن بناء الدولة بمثابة تنامي شكل من أشكال المقاومة الذي سيؤدي إلى إعادة طرح القضية الفلسطينية والجولان بشكل مباشر، وهو ما لا ترغب فيه.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 أكملت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد، بينها 24 عاما تولى خلالها بشار الأسد الرئاسة (2000-2024).
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، نصبت الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، رئيسا للبلاد خلال فترة انتقالية من المقرر أن تستمر 5 سنوات.
ورغم أن الإدارة السورية الجديدة برئاسة الشرع لم تهدد إسرائيل بأي شكل، تشن تل أبيب بوتيرة شبه يومية منذ أشهر غارات جوية على سوريا، ما أدى لمقتل مدنيين، وتدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري.
ومنذ عام 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد في البلاد بعد إسقاط نظام بشار الأسد أواخر 2024، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.