الطفل الغزي أحمد.. سرطان يطفئ عينه وحصار إسرائيلي يحرمه العلاج (تقرير)
ـ والدة أحمد: اكتشفنا وجود ورم سرطاني لطفلي خلال حرب الإبادة، والحصار الإسرائيلي يحول دون سفره للعلاج خارج القطاع الذي يعاني نقصا في الإمكانات الطبية
Gazze
غزة / محمد ماجد / الأناضول
ـ والدة أحمد: اكتشفنا وجود ورم سرطاني لطفلي خلال حرب الإبادة، والحصار الإسرائيلي يحول دون سفره للعلاج خارج القطاع الذي يعاني نقصا في الإمكانات الطبيةـ طبيب الأطفال أحمد الفرا: نحن أمام معضلة كبيرة بسبب عدم مغادرة الحالات للعلاج خارج القطاع في ظل عدم توفر الإمكانات الطبية اللازمة في غزة
على سرير في مستشفى "ناصر" بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة يجلس الطفل أحمد صبرة وتثقل ملامحه آثار ألم تفوق سنوات عمره، إذ تعكس عينه المتورمة مأساة مرض السرطان الذي أصابه خلال الإبادة الإسرائيلية المتواصلة.
بجانب أحمد، 10 سنوات، تجلس والدته وعيناها تراقبانه بحزن عميق، ويداها ترتجفان من ثقل المأساة، وفي قلبها ألم وخوف لإدراكها أن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة عائق أمام تقديم العلاج الذي يمكن أن ينقذ حياة طفلها.
وأمام الحصار وشح الإمكانات الطبية، يأمل الطفل السفر لتلقي العلاج خارج القطاع بعد أن تمكن السرطان من إحدى عينيه وترك أثرا واضحا على وجهه البريء.
** مأساة تحت الحصار
أحمد، الطفل الذي يحلم أن يكون لاعب كرة قدم مشهورا، اكتُشفت إصابته بمرض السرطان خلال الإبادة الإسرائيلية، وجراء عدم توفر العلاج تدهورت حالته الصحية إذ تحول الورم الذي بدأ صغيرا إلى انتفاخ واضح، ما أدى إلى فقدانه الرؤية في تلك العين.
الأطباء المتابعون لحالة أحمد والذين يعملون بإمكانات محدودة نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة وإغلاق المعابر، أكدوا أن الطفل بحاجة ماسة إلى علاج متقدم خارج القطاع.
المرض لم يطفئ نور عين أحمد فحسب، بل أثر بعمق في حالته النفسية إذ أصبح يتجنب الخروج خوفا من نظرات لأطفال تزيد شعوره بالعزلة والخجل، ما حرمه من المشاركة في اللعب والاستمتاع بطفولته.
ويعيش الطفل أحمد بمدينة خان يونس داخل خيمة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الصحية الملائمة لحالته، بعد نزوحه من منزله في مدينة غزة نتيجة الإبادة الإسرائيلية المستمرة.
ويضطر الفلسطينيون خلال نزوحهم إلى اللجوء للمدارس أو لمنازل أقربائهم أو معارفهم، والبعض يقيم خياما في الشوارع والمدارس أو أماكن أخرى مثل السجون ومدن الألعاب، وسط ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.
وحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، بلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ بدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية مليوني شخص من أصل 2.3 مليون إجمالي الفلسطينيين فيه.
** عجز وسط الإبادة
والدة أحمد تقف عاجزة أمام معاناة طفلها وسط مخاوف متزايدة من انتشار المرض إلى عينه السليمة، وتناشد العالم مساعدة طفلها لتلقي العلاج خارج القطاع جراء تردي المنظومة الصحية بغزة.
وداخل المستشفى، يحاول أحد الأطباء تقديم الرعاية الطبية للطفل أحمد الذي تقف والدته بجواره تقدم له الدعم المعنوي.
ومنذ بدء الإبادة، عمد الجيش الإسرائيلي إلى استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية وأخرج مستشفيات كثيرة عن الخدمة، ما عرض حياة المرضى والجرحى للخطر حسب بيانات فلسطينية وأممية.
وقالت والدة أحمد للأناضول، إنهم اكتشفوا وجود ورم سرطاني لطفلهم خلال حرب الإبادة، وإن الحصار الإسرائيلي يحول دون سفره للعلاج خارج القطاع الذي يعاني نقصا في الإمكانات الطبية.
وأضافت: "طفلي يعاني آلاما شديدة ولا توجد مسكنات، وأتمنى أن يساعدونا على إخراجه من غزة لتلقي العلاج، خاصة مع عدم توفره في القطاع".
ووصفت الوضع الصحي لطفلها بأنه سيئ، إذ لا يستطيع الخروج للعب مع أصدقائه خارج الخيمة التي نزحوا إليها، ولا يمكنه التعرض لأشعة الشمس والهواء.
** إمكانات طبية معدومة
في السياق ذاته، قال طبيب الأطفال أحمد الفرا للأناضول: "نحن أمام معضلة كبيرة بسبب عدم مغادرة الحالات للعلاج خارج القطاع، في ظل عدم توفر الإمكانات الطبية اللازمة في غزة".
وأضاف: "الطفل أحمد مصاب بسرطان استولى على عينه وأدى إلى فقدان الرؤية فيها، وهناك أعراض شديدة يعانيها مثل الصداع والآلام المتكررة".
وتابع: "الورم ينتشر في أنحاء جسده وهو بحاجة إلى تحويل سريع للعلاج، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد تأخير تلك الحالات".
وأشار إلى أنه "يجب تحويل الطفل أحمد للعلاج خارج غزة، حيث لا تتوفر الإمكانات الطبية اللازمة داخل القطاع في ظل الحصار والحرب".
وأفاد بـ"وصول مئات الحالات المرضية الأخرى التي تنتظر التحويل للخارج، وبعد إغلاق معبر رفح، أصبحت هذه الحالات في انتظار مصير صعب، في ظل الحصار القائم".
** 12 ألفا و500 مريض يواجهون الموت
وفي 7 مايو/ أيار الماضي، استولت إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري مع مصر، ما أغلقه أمام خروج جرحى لتلقي العلاج ودخول مساعدات إنسانية شحيحة أساسا، بينها أدوية.
وقال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، للأناضول: "هناك 12 ألفا و500 مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة إلى علاج".
وأضاف: "آلاف المرضى يواجهون الموت إذ يحتاجون إلى السفر لتلقي العلاج خارج القطاع، ولكن إغلاق معبر رفح يحول دون ذلك".
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 149 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الإبادة المتواصلة بحق الفلسطينيين.
