أفريقيا

معسكر "أبو شوك" بدارفور ...حكاية هروب من "الموت" وصناعة "حياة"

أحد مخيمات النازحين في ولاية شمال "دارفور".

Mohamed Elkhatem  | 13.04.2016 - محدث : 14.04.2016
معسكر "أبو شوك" بدارفور ...حكاية هروب من "الموت" وصناعة "حياة"

Hartum

دارفور / محمد الخاتم / الأناضول

لا تحلم الطفلة فاطمة، بأن تمتلك دمية، أو عقدا ملونا تزين به عنقها، أو حتى فستانا جديدا، فقد باتت أقصى أمنياتها الحصول على حاجة أسرتها من المياه دون أن تضطر للاستيقاظ فجر كل يوم مع والدتها للاصطفاف في طابور طويل من النسوة اللائي شردتهن الحرب، لجلب حصة أسرهن من البئر الوحيد بأحد معسكرات دارفور البائسة.

حلم الطفلة السودانية الرقيقة ذات التسع سنوات، يشاركها فيه أكثر من 100 ألف طفلة وامرأة ورجل يتكدسون، في معسكر "أبو شوك"، أحد مخيمات النازحين في ولاية شمال "دارفور".

وتعود حكاية هؤلاء المشردين إلى العام 2003 عندما اندلعت الحرب في إقليم "دارفور"، غربي السودان، فبدأ الآلاف في النزوح تباعا إلى الضاحية الشمالية من مدينة "الفاشر" أكبر مدن الإقليم، هربا من الموت الذي تسلط على قراهم.

وكان أغلب الذين شردتهم الحرب معدمين اقتصاديا، ولم يكن بإمكانهم سوى نصب خيام من البلاستيك، لا تقيهم الحر ولا البرد.

ولم يكن أمام هولاء البؤساء سوى ربط بطونهم، وانتظار المنظمات الإنسانية، لكنها عندما وصلتهم كانت شحيحة للغاية، فاضطرهم ذلك إلى البحث عن فرص عمل.

بدأ بعض النازحين بالعمل في المزارع الممتدة على أطراف "الفاشر"، والتحق آخرون في مجال البناء لكن لم يكن قسم كبير منهم سوى التسول في طرقات المدينة، لأن سوق العمل لا يستوعب مثل هذا الكم من جيوش البطالة.

كان هذا قبل أكثر من 10 أعوام، لكن اليوم، بات معسكر النازحين امتدادا لمدينة الفاشر، التي أصبحت مقسمة إلى نصفين، غير متساويين في الخدمات والأمن.

وعلى مدار الأعوام الماضية، بدأ النازحون في مساعدة بعضهم، في بناء منازل من الطين والقش، بعد سنوات قاسية قضوها يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.

ومع تمدد المنازل الطينية قررت السلطات تخصيص 100 متر مربع، لكل أسرة لبناء منزلها حتى تتسع مساحة الأرض لجميع النازحين.

ومنحت تلك البيوت الطينية المتواضعة أصحابها إحساسا بالأمل والاستقرار، فصاروا أكثر عزما على العمل وزيادة دخلهم المالي، لتتسع بذلك أحلامهم، ويبدأوا بإرسال أبنائهم إلى المدارس بدلا من العمل في مهن هامشية أو التسول في طرقات المدينة.

ومع توسع الدخل المادي للقسم الأكبر من النازحين، تمكن بعضهم من فتح متاجر صغيرة تباع فيها الخضروات والمواد التموينية، وتوسعت هذه المتاجر حتى باتت سوقا ينافس سوق المدينة الرئيس، الذي لم يعد سكان المخيم مضطرين للذهاب إليه.

ورغم التحسن النسبي في نوعية المساكن، والأوضاع الاقتصادية للنازحين في معسكر "أبو شوك"، إلا أنهم يحلمون أن تصلهم الخدمات التي يتمتع بها سكان المدينة، من شبكة مياه، وكهرباء، ومدارس تنقذ أبنائهم من الأمية.

ويقول العمدة أحمد يعقوب، أحد عمداء القبائل التي تتمتع بنفوذ في مخيم "أبو شوك"، "نحن الآن أفضل حالا من ذلك الضنك الذي تجرعناه في سنوات نزوحنا الأولى".

ويضيف "يعقوب" لـ"الأناضول"، "قست علينا الحرب لكننا متفائلون لأننا نؤمن بالله". ويتابع بينما يشير إلى مسجد شُيد حديثا، "سنبني مزيدا من المدارس، ورياض الأطفال لكننا نحتاج إلى المساعدة سواء من الجهات الحكومية أو غيرها".

ذلك الأمل المستلهم من حطام الحرب يتشبع به أيضا الشيخ سليمان عبد الله، الذي نجح في تشييد مركز لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال، الذين لم تتاح لهم فرصة الذهاب إلى المدرسة.

مركز "عبد الله"، الذي شيد بجهد شعبي، لا تزيد مساحته عن 50 مترا مربعا، ويتزاحم الصبية في صفوفه الأولى، بينما تجلس الفتيات في الصفوف الخلفية، وجميعهم يحملون نسخ من أجزاء القرآن، أو ألواح خشبية كتبت عليها آيات قرآنية قصيرة.

ومع غروب شمس النهار، تغرق أزقة معسكر "أبو شوك" الضيقة، بالظلام الدامس، ولكن أحلام سكانه لا زالت تشرق بأمل العيش بعيدا عن ظروف الحياة القاسية والحرب.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.