الرئيس الإيفواري الحسن واتارا.. تحدّيات الولاية الثانية
استكمال مسار المصالحة الوطنية المليء بالعقبات وحصول الشعتب الإيفواري على فوائد النمو الاقتصادي، من أبرز التحديات المطروحة على الرئيس الإيفواري

Fildişi Sahili Cumhuriyeti
أبيدجان/ إيسياكا نغيسان/ الأناضول
استكمال مسار المصالحة الوطنية بين الإيفواريين وتمكينهم من الاستفادة من النمو الاقتصادي للبلاد.. تلك هي أبرز التحدّيات التي تواجه الرئيس الإيفواري، الحسن واتارا، إثر انتخابه، مؤخرا، لولاية ثانية، يتّفق عدد من الخبراء ممن إلتقتهم الأناضول، على أنها تواجه عقبات، في ضوء الصعوبات التي تواجهها مساعي المصالحة من جهة، وعدم حصول الإيفواريين على فوائد التنمية الاقتصادية لبلادهم، من جهة أخرى.
مسار المصالحة الذي أقرّه واتارا منذ فوزه بالولاية الرئاسية الأولى في 2010، واجه، عند تطبيقه، طريقا متشعّبة ووعرة، فلقد تشكّلت لجان لذلك، ثم سرعان ما وقع استبدالها دون أن تنشر أيّ من تقاريرها للعموم، من ذلك لجنة "الحوار والحقيقة والمصالحة"، والتي أنشئت في 2013، قبل أن تستبدل، في 24 مارس/ آذار الماضي، بـ "اللجنة الوطنية للمصالحة وتعويض ضحايا الأزمة الإيفوارية".
ومن المهام التي أوكلت للجنة الأخيرة، استكمال العمل الذي بدأته لجنة "الحوار والحقيقة والمصالحة"، والبحث وتحديد ضحايا أزمة ما بعد انتخابات 2010، والتي رفض خلالها الرئيس السابق لوران غباغبو الاعتراف بهزيمته امام واتارا، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم.
الدكتور بيير كوامي أدجوماني، الخبير المستقلّ للمجتمع المدني في ساحل العاج، وهو أيضا عضو بـ "إئتلاف المجتمع المدني للسلام والتنمية الديمقراطية"، عقب عن الموضوع، بالقول، في حديث للأناضول، إنّ "عددا لا يحصى من الهيئات لم تنجح بعد، للأسف، في المصالحة بين الإيفواريين"، مضيفا: "انتهينا للتوّ من انتخابات سلمية خالية من العنف، نحيي من أجلها الشعب الإيفواري، لكن، ومن أجل تنمية متناغمة، فإنه ينبغي أن ترتكز سياسة واتارا خلال ولايته الثانية على محورين أساسيين وهما العدالة والمصالحة الوطنية".
الدكتور أدجوماني، والذي يتقلّد أيضا مهام رئاسة الرابطة الإيفوارية لحقوق الانسان، أشار، في ذات الصدد، إلى أنه يتعيّن على واتارا تسليط الضوء والتركيز على جملة القضايا المطروحة حاليا وفي المستقبل، واستكمال النظر فيها قبل موفى ولايته الثانية".
وفي الوقت الذي تتشكّل فيه اللجان بغرض إرساء المصالحة بين الإيفوارنيين، لازال نحو 10 من المسؤولين المفترضين عن أزمة ما بعد انتخابات 2010، يمثلون أمام العدالة. إجراءات قضائية تمضي بالتوازي ضدّ من يشتبه في تورّطهم في مقتل أكثر من 3 آلاف إيفواري، حصيلة قتلى أعمال العنف التي أعقبت هذه الانتخابات، قال عنها الباحث بالمركز الإيفواري للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، موريس فاهي، إنها تمثّل الجانب الآخر لعملية المصالحة.
"فلئن تمكّن واتارا من حسم قضية أنصار غباغبو، يتابع المحلل السياسي، إلا أنه يتوجّب عليه، في السياق ذاته، الإهتمام بجمل التجاوزات المرتكبة، خلال أزمة ما بعد الانتخابات، من قبل بعض أنصاره". ضرورة أضاف الخبير بأنها تحتّمها حيثيات أخرى في علاقة بنسبة المشاركة في الانتخابات. فصحيح أنه تمت إعادة انتخاب واتارا إثر حصوله على 83.66 % من الأصوات، غير أن نسبة المشاركة التي لم تتعدّى الـ 54 %، "تفنّد ذلك الدعم أو الانخراط الشعبي الذي يحظى به الرئيس، أو، على الأقل، تضعه موضع شكّ".
أما بالنسبة لـ "سيرافين ياو براوو"، أستاذ الاقتصاد بجامعة "بواكيه"، شمالي ساحل العاج، فإنّ غياب الدعم الشعبي النسبي يعود إلى "عدم تمتّع الإيفواريين بفوائد النمو الاقتصادي الذي تشهده البلاد".
"المؤكّد أنه يحق لواتارا الفخر بتحقيق نسبة نمو تتجاوز الـ 9 %، يوضح براوو، غير أنه لا ينبغي، في الآن ذاته، إغفال حقيقة أن الشعب الإيفواري لم يجن بعد ثمار هذا النمو، على الأقل على مستوى قدراتهم الشرائية، والعكس تماما هو ما يحدث في الواقع، مع ارتفاع معدّل الفقر"، لافتا إلى أنّ "التحدّي المحوري المطروح على واتارا يكمن في هذا الجانب بالذات، بمعنى أنه لا بد من أن يهتدي إلى السبل الكفيلة بحصول الإيفواريين على كامل الاستفادة من هذا النمو الاقتصادي، سيما وأن إيفواريا من أصل اىثنين يعيشون في حالة فقر، وأن 28 % فقط من الإيفواريين يحصلون على التيار الكهربائي، بحسب المعايير الدولية".
ووفقا لبعض المراقبين، فإن الشروع في تنفيذ بعض المشاريع، على غرار مدّ خطّ حديدي غربي البلاد في اتّجاه ميناء سان بيدرو بالجنوب الغربي للبلاد، لاستغلال خام البوكسيت الموجود بجبل "نيمبا" وغيرها من الودائع، من شأنه أن يزيد من موارد البلاد.
نموّ مطّرد لا يتماشى، بأي حال، مع حيثيات الواقع في البلاد، فالشركات الصغرى والمتوسطة المختنقة، لا تزال، حتى الآن، في انتظار تسديد سريع للديون المحلية، والتي تمثل 34.7 % من الناتج الإجمالي المحلّي، بحسب صندوق النقد الدولي، وذلك بسبب المراجعات المتتالية. كما أنه، وإثر فرض سعر موحد للكاكاو وقع تحديده في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بدولارين للكيلوغرام الواحد، لا زال المزارعون في ساحل العاج في انتظار أن تشمل مثل هذه الإصلاحات قطاعات أخرى مثل القطن، من أجل مردودية أكبر من تلك التي يمنحها بيع الكيلوغرام الواحد من هذا المنتوج بدولار واحد، بحسب المصادر نفسها.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.