
İstanbul
إسطنبول/ خليل إبراهيم ألاغوز/ الأناضول
تأتي تركيا على رأس الدول التي تقف إلى جانب الصومال في جميع المحافل الدولية، في مواجهة الصورة التي رسمها الإعلام الدولي والدراسات الأكاديمية عنها باعتبارها "دولة فاشلة" يجتاحها الفساد والقبلية.
وأثبتت المساعدات التركية المستمرة إلى الصومال منذ 6 سنوات فعاليتها، خاصة مع عدم اقتصار هذه المساعدات على تلبية الحاجات الأساسية العاجلة للصوماليين، بقدر تركيزها على أن تكون مساعدات تنموية طويلة الأمد، ما جعلها تظهر عدم فعالية المساعدات الغربية ومساعدات الأمم المتحدة لهذا البلد الإفريقي.
وتعد الحملة التي أطلقتها الخطوط الجوية التركية، قبل أيام لجمع التبرعات للصومال، خير مثال على الدور الذي تلعبه تركيا في ذلك البلد.
وتمكنت الحملة التي خصص لها هاشتاغ #TurkishAirlinesHelpSomalia على تويتر، وروج لها الممثل الأمريكي الشهير بن ستيلر، من الوصول خلال أيام، إلى هدفها المتمثل في جمع مليوني دولار. وتم إرسال المساعدات إلى الصومال عبر طائرات الخطوط الجوية التركية، وهي شركة الطيران الدولية الوحيدة التي تنظم رحلات إلى الصومال.
هذه الحملة كانت الأخيرة في سلسلة المساعدات التركية إلى الصومال المستمرة منذ عام 2011، والتي تأتي ضمن سياسة تنتهجها أنقرة تجاه هذا البلد ويرى الكثير من الأكاديميين، والصحافيين، والسياسيين، أن هناك عاملان رئيسيان يقفان وراء نجاحها.
ويتمثل العامل الأول في الزيارتين الهامتين التي قام بهما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الصومال، عامي 2011 عندما كان رئيسًا للوزراء، و2015 عندما أصبح رئيسًا للبلاد.
وجاءت الزيارة الأولى في خضم الأزمة الإنسانية التي ضربت شرقي إفريقيا بداية من 2010، وتسببت في وفاة 260 ألف شخص، وضمن حملة لجمع التبرعات في جميع أنحاء تركيا، شاركت بها العديد من الهيئات الإغاثية.
واعتبرت تلك الزيارة نقطة تحول، فيما يخص تغيير مسار الوضع في الصومال في ذلك الحين، حيث أنها بعثت رسائل جادة للمجتمع الدولي وللصوماليين، تنفي الأفكار التي تروج عن الصومال باعتبارها "دولة فاشلة".
كما أوضحت سطحية وزيف ما يروج في وسائل الإعلام الدولية من كون الصومال دولة غير آمنة، وأكدت للصوماليين وقوف تركيا إلى جانبهم، لإنشاء مؤسسات للدولة تمكنها من الوقوف على قدميها.
وجاءت زيارة الرئيس أردوغان عام 2015 لتعيد التأكيد على رسائل الزيارة السابقة، خاصة وأنها جاءت بعيد تفجير انتحاري شهدته العاصمة مقديشو، ولم يؤثر على مخطط الزيارة.
أما العامل الثاني وراء نجاح السياسة التركية تجاه الصومال، فيتمثل في الجهود التي تقوم بها المؤسسات الحكومية والأهلية التركية، من أجل إعادة بناء الصومال.
وبعد زيارة أردوغان للصومال عام 2011، افتتحت العديد من الهيئات والمؤسسات التركية ممثليات لها في مقديشو بينها وكالة التعاون والتنسيق (تيكا)، والهلال الأحمر، وبلدية إسطنبول، ووزارة الصحة، ووكالة الطوارئ والكوارث (آفاد)، ووقف الديانة، وهيئة الإغاثة الإنسانية (İHH).
كما افتتحت تركيا سفارتها في الصومال بعد أن استمرت مغلقة لمدة 21 عامًا.
دبلوماسية إنسانية قائمة على ثلاثة أبعاد
وتقوم سياسة المساعدات التركية للصومال على ما يمكن أن نطلق عليه الدبلوماسة الإنسانية عبر 3 أبعاد:
الأول هو تقديم المساعدات العاجلة التي تتمثل في الغذاء والدواء والمأوى، للتقليل ما أمكن من الأزمة الإنسانية، وقامت المؤسسات التركية بهذا الدور في الصومال خلال أزمة 2011.
البعد الثاني في الدبلوماسية الإنسانية التركية يتمثل في المساعدات التنموية، وتقوم المؤسسات التركية في هذا الإطار، بالعمل على توفير الخدمات الصحية، والتعليمية، وإعادة بناء البنية التحتية والفوقية، وتقديم الخدمات البلدية في الصومال، ونقل الخبرات للصوماليين في تلك المجالات.
كما تقدم تركيا التدريب لقوات الأمن الصومالية بناءً على بروتوكول موقع بين البلدين، وتفتتح المستشفيات وتدرب الكوادر الطبية.
أما البعد الثالث فيتمثل في إسماع صوت الصومال في المؤسسات الإقليمية والدولية وخاصة الأمم المتحدة، والتعريف في المحافل الدولية بالمشاكل التي تعاني منها مقديشو.
وأظهرت المساعدات التركية إلى الصومال، عدم فعالية المساعدات الغربية ومساعدات الأمم المتحدة التي ترسل بشكل غير مباشر عبر كينيا، وهو ما يؤدي إلى ذهاب جزء منها إلى الإجراءات البيروقراطية، ثم يقع الجزء المتبقي في أيدي مجموعات المصالح في الصومال، وبالتالي يصل جزء ضئيل منها فقط إلى المحتاجين.
وفي المقابل تقوم سياسة المساعدات التركية على تقديم المساعدة مباشرة على الأرض، وبالتالي تتعرف على الواقع على المشاكل التي يعاني منها المواطنون، وتقدم المساعدات لهم مباشرة.
كما يتمثل الهدف النهائي للمساعدات التركية في مساعدة الصوماليين على النهوض بأنفسهم ليصبحوا قادرين في المستقبل على تولي أمورهم بشكل مستقل.
ويتحدث مسؤولو الأمم المتحدة، في جميع المحافل والمنتديات عن الدور التركي الهام في الصومال، وقبل أيام نشر مفوض الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات كريستوس ستيليانيدس، رسالة تهنئة أعرب فيها عن دعمه للمجهود الفريد والمتميز الذي يقوم به الهلال الأحمر التركي في الصومال.
وبالنظر إلى أهمية الدور الذي تقوم به تركيا في الصومال، نجد أن عودة الصومال ليصبح دولة تعتمد بشكل كامل على نفسها، مثلما هو مرتبط بالدينماكيات الصومالية الداخلية، فهو مرتبط أيضًا بالإسهام التركي في إرساء السلام والاستقرار بالصومال.
وبالتالي فإن استمرار الاستقرار الاقتصادي والسياسي في تركيا، يعني استمرار تركيا في تقديم الدعم للدول التي تعاني من أزمات إنسانية وعلى رأسها الصومال.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.