السياسة, الدول العربية, أخبار تحليلية

إعفاء المشيشي 5 وزراء.. تنازل "لم يكف" لحل الأزمة في تونس (تحليل)

بعد 3 أسابيع من إصرار ساكني قرطاج والقصبة على موقفهما من التعديل الوزاري، كانت تونس على موعد مع قرار جديد لرئيس الحكومة هشام المشيشي، أعفى بموجبه نحو نصف الوزراء الجدد الذين يعترض عليهم الرئيس قيس سعيد، ممن شملهم التعديل المتسبب في الأزمة الراهنة.

17.02.2021 - محدث : 17.02.2021
إعفاء المشيشي 5 وزراء.. تنازل "لم يكف" لحل الأزمة في تونس (تحليل)

Tunisia

تونس / يسرى وناس / الأناضول

* الدبلوماسي السابق جلال الأخضر:
ـ خطوة رئيس الحكومة "مبادرة لتخفيف التوتر ونوع من التنازل للاستجابة لتحفظات قرطاج"
ـ البلاد تتجه نحو التصعيد أكثر وقد تؤول الأشهر القادمة إلى أجواء أكثر توترا
* أستاذ القانون الدولي بالجامعة التونسية عبد المجيد العبدلي:
ـ دخلنا في نقاشات قانونية كان من المفترض ألا تحصل لأن مصلحة البلاد تقتضي أن تسير دواليب الدولة دون تعطيل

بعد 3 أسابيع من إصرار ساكني قرطاج والقصبة على موقفهما من التعديل الوزاري، كانت تونس على موعد مع قرار جديد لرئيس الحكومة هشام المشيشي، أعفى بموجبه نحو نصف الوزراء الجدد الذين يعترض عليهم الرئيس قيس سعيد، ممن شملهم التعديل المتسبب في الأزمة الراهنة.

قرار المشيشي الإثنين الماضي، عده كثير من المراقبين، وكذلك المتفائلون في الشارع التونسي، "تنازلا" من رئيس الحكومة سيفضي إلى حل سريع للأزمة.

لكن ما إن مضت سويعات على القرار، حتى أتت الرياح بما لا تشتهي سفن المتفائلين، ليخرج سعيد على الجميع برسالة مكتوبة سماها "كتابا"، وجهها إلى رئيس الحكومة، تتضمن العديد من الآراء القديمة الجديدة التي تشير في مجملها إلى أن خطوة المشيشي ليست كافية، وأن التعديل الحكومي "تجاهل بعض أحكام الدستور".

رسالة سعيد، كانت إيذانا باستمرار حالة الجدل التي تشهدها البلاد، حول أزمة التعديل الحكومي، وجعلت مراقبين يدعون إلى حل جذري للأزمة عبر البحث عن جذورها، وعدم الاكتفاء بالمسكنات.

وفي 16 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن المشيشي تعديلا حكوميا شمل 11 حقيبة وزارية من أصل 25، وبعد 10 أيام صدّق عليه البرلمان، ورغم ذلك لم يوجه سعيد، دعوة إلى الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبرا أن التعديل شهد "خروقات".

والاثنين الماضي، أعلن المشيشي، إعفاء 5 وزراء جدد من مهامهم، وتكليف آخرين من المتواجدين في حقائب أخرى بتصريف الأعمال في حقائب الوزراء المقالين لحين استكمال التشكيلة الحكومية.

الخطوة الأخيرة لرئيس الحكومة (إعفاء 5 وزراء)، اعتبرها جلال الأخضر الدبلوماسي التونسي السابق، في حديث للأناضول، "مبادرة لتخفيف التوتر ونوعا من التنازل للاستجابة لتحفظات قرطاج".

** خطاب حاد لسعيد

وفي الوقت نفسه، رأى الأخضر، أن "الرسالة التي وجهها سعيد إلى المشيشي، تضمنت تهما موجهة للأخير وأنه بذلك يتجاوز قوانين البلاد، ويتجه نحو التصعيد وإعلان حالة الحرب على الحكومة ومؤسسات الدولة".

ووصف خطاب سعيد بـ"المؤجج والحاد الذي يراد منه فرض نفسه على الجميع وكأن رجال القانون كلهم على خطأ وهو وحده من يملك جميع الصلاحيات والقدرة على تأويل الدستور".

ووفق الأخضر، فإن "الصراع القائم بين قرطاج والقصبة ليس جديدا ولا يتعلق بالتعديل الوزاري الأخير، بل هو إشكال جديد قديم علما أن سعيد اختار المشيشي (لرئاسة الحكومة) الذي كان مستشاره القانوني في القصر ومن ثمة وزيرا للداخلية".

واعتبر أن الأجواء متوترة منذ أغسطس/ آب الماضي، وحتى الآن.

وحمل الدبلوماسي السابق، الرئيس سعيد مسؤولية ما يحدث "كونه لم يستمع منذ البداية لآراء الأحزاب وكلف شخصية لم تقترحها الأحزاب (المشيشي) وكأنه يريد أخذ كل الصلاحيات بيده، ليبرز فيما بعد مواقف متناقضة ضد المشيشي".

والمشيشي، هو وزير الداخلية في حكومة إلياس الفخفاخ السابقة، واختاره الرئيس سعيد في يوليو/ تموز الماضي، لتشكيل حكومة جديدة، غير مبال بالمقترحات التي قدمتها الأحزاب السياسية آنذاك، فيما يتعلق بمنصب رئاسة الحكومة.

ووفق إعلام محلي، بدأت بوادر خلاف بين سعيد والمشيشي، بعد تولي الأخير رئاسة الحكومة، وتفاقم الخلاف أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، مع تلميح المشيشي بإجراء رئيس البلاد تعيينات لمستشارين منتمين للنظام السابق، وهو ما قوبل برفض شديد من قبل سعيد.

** الحل سياسي وليس قانونيا

وعن الحل الذي قد يخرج البلاد من هذه الأزمة، اعتبر الأخضر أنه لن يكون إلا سياسيا، لأن "السبل انسدت أمام الحلول القانونية، لا سيما في ظل غياب المحكمة الدستورية المخولة بحل مثل هذه النزاعات."

وأشار إلى أنه "لا بد من مراعاة مصلحة البلاد وأمنها ومصلحة التجربة الديمقراطية الفريدة، خاصة أننا نعيش في محيط متوتر وهناك أياد خفية تريد أن تدخل البلاد في أزمة (لم يذكرها)".

ولفت إلى أنه "يجب على رئيس الجمهورية الضامن لأمن البلاد أن يكون مطالبا أيضا بتخفيف حدة خطاباته وإيجاد أرضية مع البرلمان والحكومة للخروج من الأزمة".

وتوقع الأخضر أن البلاد "قد تتجه نحو التصعيد أكثر وقد تؤول الأشهر القادمة إلى أجواء متوترة أكثر".

والاثنين، دعا رئيس البرلمان راشد الغنوشي، جميع الأطراف إلى التعامل بمرونة وعدم تعطيل مصالح الدولة والمجتمع.

واعتبر في بيان، أن خطوة المشيشي "حل مؤقت.. والحل (الجذري) هو في تشكيل المحكمة الدستورية (تعطل تشكيلها أكثر من 5 سنوات بسبب غياب التوافق) وإلى أن يتم ذلك يجب على كل الأطراف التعامل بمرونة حتى لا تتعطل الدولة ومصالح المجتمع".

وعلى عكس الأخضر، اعتبر أستاذ القانون الدولي بالجامعة التونسية عبد المجيد العبدلي، أن البلاد في غنى عن هذه الأزمة "خاصة مع ما نمر به من وضع اقتصادي واجتماعي سيئ ورديء".

وأوضح العبدلي، للأناضول: "دخلنا اليوم في نقاشات قانونية كان من المفترض ألا تحصل لأن مصلحة البلاد تقتضي أن تسير دواليب الدولة دون تعطيل".

** خلافات شخصية

وعن مآلات هذه الأزمة الدستورية قال العبدلي، إن الكرة حاليا في ملعب رئيس الحكومة، "لأن النص القانوني واضح ويجب تطبيقه فلا يمكن لأي وزير أن يباشر مهامه دون تكليف من رئيس الجمهورية ومن ثم أداء اليمين الدستورية".

وأضاف: "نمر اليوم بمضيعة للوقت.. والسلطة التشريعية بدلا من أن تهتم بالقوانين الهامة والاتفاقيات التي من شأنها أن تصلح وضع البلاد.. أصبحنا نعيش خلافات شخصية متواصلة بين نواب البرلمان".

وتابع في هذا السياق "لو كنت مكان المشيشي للأمانة أستقيل، لأن الخلاف شخصي من خلال توظيف نصوص الدستور، وهو ما يضر بالمصلحة العامة".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın