
Gazze
غزة/ الأناضول
حذرت الأمم المتحدة من استخدام إسرائيل للمساعدات في غزة كـ"طعم" من أجل إجبار الفلسطينيين على النزوح من مناطقهم خاصة من شمال القطاع إلى جنوبه، مؤكدة عدم وجود "فشل" في توزيعها.
جاء ذلك في تصريحات نقلتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" عن مسؤولين أممين في بيان نشرته مساء الجمعة، تعقيبا على الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة.
وفي 5 مايو/ أيار الجاري، صوت المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت" لصالح السماح بإدخال مساعدات محدودة إلى مواقع في رفح جنوبي القطاع، تحت حماية الجيش الإسرائيلي، في إطار عملية عسكرية تتضمن تهجير المواطنين من شمال ووسط غزة إلى الجنوب.
وقال بيان نشرته هيئة البث العبرية آنذاك إن هذه الخطة تأتي "لمنع حركة حماس من السيطرة عليها".
وحسب ما نقله موقع "واللا" الإخباري العبري الاثنين الماضي، فإن المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) صادق خلال اجتماعه الأخير (مساء الأحد) على خطة إسرائيلية-أمريكية مشتركة لاستئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، عبر صندوق دولي وشركات خاصة.
ووفقا لما نقل عن مسؤول إسرائيلي لم يُكشف اسمه، فإن الخطة تنص على تقديم المساعدات وفقا لتقديرات الوضع الميداني، وتوزيعها داخل "المجمّعات الإنسانية" التي تقيمها إسرائيل جنوب قطاع غزة، وهي آلية أثارت رفضا واسعا من الجانب الفلسطيني ومؤسسات دولية باعتبارها مخالفة للمبادئ الإنسانية.
**اليونيسف
ونقل البيان عن المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) جيمس إلدر، قوله: "بعد تحليل دقيق، يبدو أن تصميم الخطة التي قدمتها إسرائيل للمجتمع الإنساني سيزيد معاناة الأطفال والأسر في قطاع غزة".
وأكد إلدر أن الخطة تخالف المبادئ الإنسانية الأساسية، بما في ذلك "استخدام تقنية التعرف على الوجه كشرط مسبق للحصول على المساعدات".
وأعرب عن قلقه من استخدام تلك التقنية، مؤكدا أن فحص المستفيدين ومراقبتهم "لأغراض استخباراتية وعسكرية يخالف جميع المبادئ الإنسانية".
إلى جانب ذلك، فإن الخطة تحرم أيضا " الفئات الأضعف التي لا تستطيع الوصول إلى المناطق العسكرية المقترحة، من المساعدات، فيما تُعرّض أفراد عائلاتهم لخطر الاستهداف أو الوقوع في مرمى النيران المتبادلة أثناء تنقلهم من وإلى هذه المناطق"، وفق قوله.
واستكمل قائلا: "استخدام المساعدات الإنسانية كطُعم لإجبار السكان على النزوح، وخاصة من الشمال إلى الجنوب، سيخلق خيارا مستحيلا بين النزوح والموت".
وأوضح أن الخطة المقدمة أيضا تشمل إدخال 60 شاحنة فقط للقطاع بشكل يومي وهو ما يمثل عٌشر العدد الذي كان يصل خلال وقف إطلاق النار.
ووصف ما يحدث بغزة "انهيارا أخلاقيا عميقا"، حيث يتم حظر "كل ما يلزم لبقاء الطفل على قيد الحياة، بينما الشيء الوحيد الذي يدخل للقطاع الآن هو القنابل".
وحول مزاعم إسرائيل بسيطرة حركة حماس على المساعدات، قال إلدر: "حتى لو قبلنا الادعاء كما هو، ماذا عن الحاضنات؟ لدينا عدد كبير من الأطفال الخدج يولدون بسبب الضغط على النساء الحوامل في غزة، وهناك العشرات من الحاضنات (تنتظر للدخول) على الجانب الآخر من الحدود".
وتابع: "المساعدات التي تمنع من الدخول تتضمن اللقاحات وأسطوانات الأكسجين والكتب المدرسية، بمجرد أن تبدأ في التعمق في الأمور التي يتم حظرها تحت بيان شامل لتحويل مسار المساعدات، فعندها نبدأ في رؤية الحقيقة".
**الأونروا
بدورها، قالت جولييت توما مديرة الاعلام والتواصل في الأونروا، إن الوكالة أدارت المساعدات التي أدخلتها إلى قطاع غزة بنفسها.
وتابعت وفق بيان: "لم تشهد المساعدات أي تحويل لها عن الغرض المحدد".
وأكدت أن الوكالة الأممية تمكنت من إدارة وإيصال المساعدات إلى سكان غزة "بنجاح"، مضيفة: "هناك نظام إنساني قائم، إذا كانت هناك إرادة سياسية لجعله يعمل مجددا".
ولفتت إلى أن "أكثر من 10 آلاف موظف يعملون على إيصال ما تبقى من الإمدادات وإدارة ملاجئ العائلات النازحة، بما في ذلك المدرسة (أبو هميسة) التي تعرضت للقصف في وقت سابق من هذا الأسبوع والتي قتل فيها 30 شخصا"، وبحسب البيان.
وأشارت توما إلى أن الأونروا بدأت تحقيقات في تقارير تزعم "تحويل المساعدات"، لافتة إلى "صعوبة دحضها بسبب منع وسائل الإعلام الدولية من تغطية الأحداث بشكل مستقل".
وقالت توما إن الأونروا لديها أكثر من 3 آلاف شاحنة محملة بالمساعدات عالقة خارج غزة، مضيفة: "بدلا من ذهاب الطعام إلى الأطفال أو ذهاب الأدوية إلى المصابين بأمراض مزمنة، من المرجح أن يضيع ذلك".
وطالبت بضرورة فتح المعابر ورفح الحصار عن قطاع غزة في أسرع وقت ممكن.
**الصحة العالمية
بدورها، قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس، بحسب البيان: "النظام الصحي في غزة لم يشهد أي تحويل للمساعدات".
وتابعت: "إمدادات المنظمة تصل إلى المرافق الصحية التي كانت تهدف إلى خدمتها".
وعن أزمة المساعدات بغزة، قالت هاريس إن الأمر لا يتعلق "بفشل إيصالها إنما بمنع إدخالها".
واستكملت: "الإمدادات الطبية والأدوية تنفد بسرعة شديدة مع تزايد الحاجة إليها بسبب الظروف المعيشية المزرية واستمرار القصف".
وأشارت إلى أن أكثر من 10 آلاف و500 مريض في غزة بحاجة لإجلاء طبي عاجل، من بينهم 4 آلاف طفل ومع ذلك لم يتم إجلاء غير 122 مريضا منذ استئناف الإبادة في 18 مارس/ آذار الماضي.
والجمعة، أعلن السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي، خلال مؤتمر في مقر السفارة الأمريكية بالقدس، انطلاق جهود أمريكية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مؤكدا أن الرئيس دونالد ترامب أعطى أوامره لفريقه ببذل كل جهد ممكن لتقديم الإغاثة للمدنيين.
وقال هاكابي: "هذا جهد كبير، وسيتطلب شراكة من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والخيرية حول العالم، هناك العديد من الشركاء الذين وافقوا بالفعل على المشاركة".
وأضاف: "أود أن أقول إن الإسرائيليين سيشاركون في توفير الأمن العسكري اللازم لأنها منطقة حرب، لكنهم لن يشاركوا في توزيع الطعام، أو حتى في جلب الطعام إلى غزة، سيبقى دورهم على المحيط".
ومطلع مارس الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين "حماس" وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، لكن إسرائيل تنصلت منه، واستأنفت الإبادة في 19 من ذات الشهر.
كما منعت في 2 مارس الماضي دخول كافة المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية إلى قطاع غزة، والتي يعتمد فلسطينيو غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة بشكل كامل عليها بعدما حولتهم الإبادة الجماعية المتواصلة لفقراء وفق ما أكدته بيانات البنك الدولي.
وتأتي هذه الأزمة الإنسانية في ظل نزوح أكثر من 90 بالمئة من فلسطينيي القطاع من منازلهم، بعضهم مر بهذه التجربة لأكثر من مرة، حيث يعيشون في ملاجئ مكتظة أو في العراء دون مأوى، ما زاد من تفشي الأمراض والأوبئة.
وتواصل إسرائيل حرب إبادة واسعة ضد فلسطيني قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت تلك الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة أكثر من 172 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.