معتقل سوري سابق: سنوات التعذيب بسجون الأسد لا تزال تسكن جسدي
روى الشاب السوري عمار دوغموش تفاصيل تعرّضه للتعذيب الممنهج في سجون نظام بشار الأسد المخلوع، مؤكدا أن آثار تلك الفترة ما تزال تطارده رغم مرور عام على خروجه من السجن بيوم إسقاط النظام.
Damascus
دمشق/ الأناضول
المعتقل السوري السابق في سجون الأسد، عمار دوغموش:- التعذيب الذي تعرّضت له دفعني للاعتراف زوراً بأني كنت "مسلحًا"
- كنا ننام فوق بعضنا البعض بطريقة نسميها "التستيف"، وعند الاستيقاظ كنا نجد بيننا من مات اختناقًا
- أقسى أساليب التعذيب كان قطع التهوية عن المهجع الواقع تحت الأرض
روى الشاب السوري عمار دوغموش تفاصيل تعرّضه للتعذيب الممنهج في سجون نظام بشار الأسد المخلوع، مؤكدا أن آثار تلك الفترة ما تزال تطارده رغم مرور عام على خروجه من السجن بيوم إسقاط النظام.
وقال دوغموش، في حديثه للأناضول، إنه لا يستطيع التخلّص من ذكريات التعذيب التي عايشها طوال سنوات اعتقاله في سجون مختلفة أبرزها سجن صيدنايا ذو السيط السيء والمروع.
وأشار إلى أنه كان شاهدًا على حصار النظام المخلوع للغوطة الشرقية بالعاصمة دمشق قبل اعتقاله في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018 في كمين أمني.
وأوضح أنه بعد اعتقاله جرى نقله إلى وحدة المهام الخاصة التابعة لمخابرات القوات الجوية في مطار المزة العسكري بدمشق، حيث وُضع لمدة أسبوع في زنزانة انفرادية، وقال: "في ذلك اليوم لم يبدأ فصل جديد في حياتي، بل فُتح باب كارثة بكل ما تعنيه الكلمة".
وبعد فترة احتجاز في "الفرع الأمني 248"، جرى نقله إلى سجن صيدنايا، وروى أنه نُقل مع 145 معتقلًا داخل شاحنة تبريد مخصّصة للحوم، حيث قُيّدوا بالسلاسل، وتعرّضوا للضرب فور وصولهم.
وقال دوغموش إن التعذيب بدأ منذ سجن المزة بسبب رفضه الاعتراف بالتهم الموجهة إليه، حيث هدّده المحقق بقوله: "اعترفت أم لم تعترف، لن يتغير شيء. سأكتب التهمة التي أريد بحقك".
وأضاف أن التعذيب الذي تعرّض له دفعه في النهاية إلى الاعتراف بأنه كان "مسلحًا" رغم نفيه ذلك.
وأوضح دوغموش أن المهجع الذي وُضع فيه كانت مساحته مترين ونصفًا بخمسة أمتار، ورغم أنه يتّسع لـ60 شخصًا في الظروف الطبيعية، إلا أنهم كانوا 120 معتقلًا داخله.
وأضاف: "كنا ننام فوق بعضنا البعض بطريقة نسميها التستيف، أي كالبنادق المصطفّة، وعند الاستيقاظ كنا نجد بيننا من مات اختناقًا"
وأشار إلى أن قطع التهوية كان أحد أقسى أساليب التعذيب، حيث كان المهجع تحت الأرض ولا مصدر للهواء سوى مروحة صغيرة، مضيفًا: "عندما كانت تُطفأ عمداً من قبل حراس السجن لبضع دقائق فقط، ينفد الهواء سريعًا ويبدأ الجميع بنوبات اختناق".
كما تحدث عن انتشار الحمى والأمراض الحادة في ظل انعدام الدواء والرعاية الطبية، لافتًا إلى وفاة بعض المعتقلين خلال ساعات بسبب ارتفاع الحرارة وغياب العلاج.
وبحسب روايته، فإن المعتقلين كانوا يُجبرون لدى وصولهم إلى صيدنايا على نزع ملابسهم بالكامل والركوع أرضًا، قبل تعرّضهم للضرب والإهانة من قبل الحراس.
ووصف ما يُعرف بين المعتقلين بـ"الموسيقى"، وهو أسلوب تعذيب يقوم على ضرب أقدام السجناء بشكل جماعي ومتكرر على امتداد ممر طويل، مؤكدًا أن ذلك كان يحدث بشكل يومي تقريبًا.
كما تحدّث عن استهداف كبار السن داخل السجن من قبل أحد الحراس المعروفين بلقب "أبو يعقوب"، قائلاً إنه كان ينهال عليهم بالضرب مرددًا: "لو ربّيتم أبناءكم جيدًا لما وصل البلد إلى هذا الحال".

** يوم الحرية
وقضى دوغموش قرابة 5 سنوات في صيدنايا قبل أن يستعيد حريته يوم إسقاط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وهو اليوم الذي يقول إنه لن ينساه ما دام حيًا.
وروى أنه في تلك الليلة سمع المعتقلون أصوات اشتباكات وإطلاق نار تلاها صمت تام، قبل أن يسمعوا أصوات نساء وأطفال للمرة الأولى منذ سنوات، ثم أصوات طرق على الأبواب ونداءات تطلب من المعتقلين الرد.
وأضاف: "لم نجرؤ على الإجابة، ظننا أنه فخ. لكن أحد المعتقلين ألقى نظرة من فتحة الباب، وقال إن من يقفون خارجًا هم ثوار جاءوا لتحرير السجن".
وتابع أنه عندها تعالت أصوات التكبير داخل المهجع، ورفع أحد المعتقلين الأذان، قبل أن يؤدوا الصلاة جماعة لأول مرة، وقال: "شعرت يومها أننا كسرنا آخر قيودنا".
** "العالم كان غريبًا حين خرجت"
وأوضح أنه عند خروجه من السجن شعر بأن العالم تغيّر، وأن الطريق المؤدي إلى خارجه كان مليئًا بالناس الذين يبحثون عن ذويهم، مضيفًا أنه لم يستطع تناول الطعام لمدة يومين من شدة الصدمة.
واختتم دوغموش بأنه ظل يحلم بلقاء ابنته طوال سنوات الاعتقال، مضيفًا: "حين رأيتها تركض نحوي، انهارت قواي وسقطت على ركبتي. بكينا طويلًا، وبدا لي ذلك اليوم وكأنه لحظة ولادة من جديد."
جدير بالذكر أنه في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، تمكّن الثوار السوريون من دخول العاصمة دمشق، معلنين الإطاحة بنظام بشار الأسد (2000 ـ 2024)، الذي ورث الحكم عن والده حافظ الأسد (1970 ـ 2000).
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
