الدول العربية, لبنان, إسرائيل

فتح "مسار مدني" للتفاوض.. لبنان يقطع الطريق أمام تصعيد إسرائيل (خبراء)

-مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية للبنان، أعلنت بيروت، خطوة غير مسبوقة نحو ما وصفه مراقبون بـ"التفاوض المدني" مع تل أبيب، عبر تكليف سفير سابق برئاسة وفد البلاد في اجتماعات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار

Wassim Samih Seifeddine  | 04.12.2025 - محدث : 04.12.2025
فتح "مسار مدني" للتفاوض.. لبنان يقطع الطريق أمام تصعيد إسرائيل (خبراء) غارات إسرائيلية على لبنان - أرشيفي

Lebanon

بيروت/ وسيم سيف الدين/ الأناضول

-مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية للبنان، أعلنت بيروت، خطوة غير مسبوقة نحو ما وصفه مراقبون بـ"التفاوض المدني" مع تل أبيب، عبر تكليف سفير سابق برئاسة وفد البلاد في اجتماعات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار
-الخطوة عدها محللون سياسيون لبنانيون، مهمة لقطع الطريق أمام التصعيد العسكري الإسرائيلي، وخفض احتمالات اندلاع حرب كانت وشيكة، وقد تفتح الباب أمام "مسار دبلوماسي بديل عن المسار العسكري"

مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية للبنان، أعلنت بيروت، خطوة غير مسبوقة نحو ما وصفه مراقبون بـ"التفاوض المدني" مع تل أبيب، عبر تكليف سفير سابق برئاسة وفد البلاد في اجتماعات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

الخطوة عدّها محللون سياسيون لبنانيون، مهمة لقطع الطريق أمام التصعيد العسكري الإسرائيلي، وخفض احتمالات اندلاع حرب كانت وشيكة، وقد تفتح الباب أمام "مسار دبلوماسي بديل عن المسار العسكري"، كما أنها من شأنها أن قد تحظى بدعم الرأي العام الدولي وتعزز موقف لبنان في ظل التوتر القائم.

وفي وقت سبق الأربعاء، أفادت الرئاسة اللبنانية، في بيان، بأن الرئيس جوزاف عون، كلّف السفير السابق والمحامي سيمون كرم، برئاسة الوفد اللبناني إلى اجتماعات "اللجنة التقنية العسكرية للبنان".

وأنشئت "اللجنة التقنية العسكرية للبنان" (الميكانيزم) بموجب "إعلان وقف الأعمال العدائية بين البلدين في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وتقوم اللجنة بمراقبة وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وتضم كلا من لبنان وفرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة وقوة الأمم المتحدة بجنوب لبنان (يونيفيل).

ووفق الرئاسة اللبنانية، فإن القرار جاء "تجاوبا مع المساعي المشكورة من قبل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تتولى رئاسة اللجنة التقنية العسكرية للبنان".

في المقابل، أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "إلى القائم بأعمال مدير مجلس الأمن القومي بإرسال ممثل عنه لحضور اجتماع مع جهات حكومية واقتصادية في لبنان".

واعتبر بيان لمكتب نتنياهو أن "هذه محاولة أولية لإرساء أسس علاقة وتعاون اقتصادي بين إسرائيل ولبنان".

وجاء بيان نتنياهو بعد سويعات من إعلان هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن "تل أبيب تستعد لتصعيد عسكري" لمواجهة احتمال تدهور الأوضاع الأمنية في لبنان على خلفية ما وصفته بـ" تعاظم قدرات حزب الله"، وفق ادعائها.

ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل، ارتكبت الأخيرة آلاف الخروقات، ما أسفر عن مقتل وإصابة مئات اللبنانيين، إلى جانب دمار مادي.

من جهته، أشار رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، في تصريحات لقناة "الجزيرة" إلى استعداد بلاده لخوض مفاوضات فوق عسكرية مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن خطوة ضم دبلوماسي لبناني سابق إلى اللجنة تحظى بـ"مظلة وطنية" وتتمتع بـ"حصانة سياسية".

ومحاولا وضع الخطوة في سياقها، قال سلام، إن نتنياهو ذهب بعيدًا في توصيفه لهذه الخطوة، موضحًا أن لبنان ليس بصدد الدخول في مفاوضات سلام مع إسرائيل، وأن أي تطبيع سيكون مرتبطًا بعملية السلام.

وأضاف أن لبنان تلقى رسائل إسرائيلية حول احتمال تصعيد، لكنه لا يرتبط بمهل زمنية محددة، لافتا إلى أن تقييم الموفدين الذين زاروا بيروت يشير إلى أن الوضع خطير وقابل للتصعيد.

*خطوة أساسية لتفادي التصعيد

عن الخطوة اللبنانية الجديدة، رأى المحلل السياسي والكاتب الصحفي منير الربيع، أن المشاركة المدنية في مفاوضات "الميكانزم" تمثل تقدما مهما على طريق نزع فتيل التصعيد ومنع تنفيذ تهديدات إسرائيلية سابقة بتوسيع نطاق العمليات في حال امتنع لبنان عن رفع مستوى تمثيله في هذه المحادثات.

وفي حديثه للأناضول، أوضح الربيع، أن هذه الخطوة تأتي في إطار مساعٍ لبنانية ودولية لتفادي ضربة إسرائيلية واسعة واحتمال اندلاع حرب جديدة.

وأشار إلى أن الضغوط الأمريكية والإسرائيلية تستهدف تغيير المعادلات السياسية والعسكرية والميدانية في لبنان، خصوصاً في الجنوب.

وعلى وقع ضغوط أمريكية إسرائيلية، قررت الحكومة اللبنانية في أغسطس/آب الماضي، تجريد "حزب الله" من سلاحه، ووضع الجيش خطة من 5 مراحل لسحب السلاح.

لكن الحزب سارع إلى رفض الخطة، ووصف القرار بأنه "خطيئة"، وشدد على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية.

الربيع، أضاف أن المفاوضات المرتقبة ستكون طويلة ومعقّدة، وتشمل بحث ملف ترسيم الحدود، وآليات إدارة المنطقة الجنوبية، والجهة التي ستتولى مسؤولية الأمن فيها، لاسيما مع اقتراب انتهاء ولاية قوات "اليونيفيل" (بنهاية 2026).

وتوقف الربيع، عند زيارة سفراء الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن إلى لبنان (مرتقبة الخميس)، معتبراً أن الزيارة تأتي في سياق التحضير لمرحلة ما بعد "اليونيفيل" وبحث شكل الترتيبات الأمنية المقبلة في الجنوب.

وأشار إلى أن لإسرائيل جملة شروط لوقف هجماتها، أولها بدء المفاوضات الحالية، وثانيها وضع جدول زمني لسحب السلاح من الأراضي اللبنانية، إضافة إلى عدم اعتراض "حزب الله" على قرارات الدولة اللبنانية أو الإعلان عن استمرار تطوير قدراته العسكرية.

وختم الربيع، بالإشارة إلى أن المسار التفاوضي ما يزال في بدايته، وأن المرحلة المقبلة قد تشهد ضم شخصيات مدنية إضافية إلى الوفد اللبناني بحسب الملفات التي ستطرح على طاولة المفاوضات.

*استجابة للضغط الأمريكي

أما المحلل السياسي قاسم قصير، فذهب إلى أن قرار الرئاسة اللبنانية بتعيين شخصية مدنية في لجنة "الميكانزيم" يأتي استجابة للطلب الأمريكي، وفي إطار محاولة لبنانية لقطع الطريق أمام أي تدهور أو تصعيد عسكري إسرائيلي في المرحلة الراهنة.

وأضاف قصير، للأناضول، أن "الإسرائيليين يحاولون تصوير الخطوة وكأنها تمهيد لمفاوضات سياسية أو اقتصادية، إلا أن ذلك غير وارد حالياً".

وشدد على أن الأولوية في الوقت الحالي تتعلق بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وإطلاق الأسرى، وإعادة الإعمار، قبل الانتقال إلى أي ملفات أخرى.

ورأى أن "الخطوة التي اتخذتها الرئاسة اللبنانية تهدف بالدرجة الأولى إلى الحد من احتمالات التصعيد".

وبحسب قصير، "لا يمكن الجزم ما إذا كانت ستلقى تجاوباً من الجانب الإسرائيلي، أم أن المنطقة تتجه نحو مزيد من التصعيد".

وحول ما إذا كان التعيين يشير إلى دخول لبنان في مفاوضات سلام أو تطبيع، استبعد قصير، ذلك بشكل قاطع، قائلاً: "نحن اليوم تحت الاحتلال، فكيف يمكن الدخول في مفاوضات سلام بينما الأرض ما زالت محتلة والاعتداءات مستمرة".

وأوضح أن الرئيس اللبناني "أراد عملياً أن يقطع الطريق على الضغوط الأمريكية والإسرائيلية عبر تعيين سفير دبلوماسي معروف لدى واشنطن".

وأضاف قصير، "أما ما سيحدث لاحقاً فمرتبط بموقف إسرائيل والولايات المتحدة، لأن القرار الفعلي عندهما".

* خطوة إيجابية تبعد شبح الحرب

بدوره، اعتبر المحلل السياسي طوني بولس، أن إعلان الرئاسة اللبنانية بدء مفاوضات مدنية مع إسرائيل يشكّل "خطوة إيجابية للغاية تصب في مصلحة لبنان".

وقال بولس، للأناضول، إن "الوقت قد حان للشروع في مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل من أجل حلّ النزاع القائم منذ عقود، وسحب الذرائع التي تُستخدم لجعل لبنان ساحة مواجهة".

وأضاف أن الإعلان عن المفاوضات في هذا التوقيت يسهم في خفض احتمالات اندلاع حرب كانت وشيكة، وقد يفتح الباب أمام "مسار دبلوماسي بديل عن المسار العسكري الذي طغى على المشهد اللبناني خلال الفترة الماضية".

وأشار بولس، إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن تحظى بدعم الرأي العام الدولي وتعزز موقف لبنان في ظل التوتر القائم، فضلاً عن إبعاد شبح الحرب وتأسيس مرحلة جديدة من الاستقرار.

وشدد على ضرورة تطوير المسار التفاوضي ليشمل مستويات وزارية بين الجانبين، وصولاً إلى إمكانية التواصل بين رئيس الحكومة اللبنانية ونظيره الإسرائيلي، بهدف وضع أسس ثابتة للتفاوض.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اعتبر الرئيس عون، أنه "لا بد من التفاوض" مع إسرائيل لحلّ المشاكل "العالقة" بين الطرفين.

وكان يُفترص أن ينهي اتفاق وقف إطلاق النار الموقع قبل نحو عام عدوانا شنته إسرائيل على لبنان في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتحول إلى حرب شاملة في سبتمبر/ أيلول 2024، خلفُت أكثر من 4 آلاف قتيل وما يزيد على 17 ألف جريح.

وتتحدى إسرائيل الاتفاق بمواصلة احتلالها 5 تلال لبنانية في الجنوب استولت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın