سرقة تاريخ غزة.. إسرائيل تدمر "قصر الباشا" وتنهب 20 ألف قطعة أثرية (تقرير)
حمودة الدهدار، خبير التراث الثقافي: الخراب الإسرائيلي طال أكثر من 70 بالمئة من مساحة القصر الذي تعرض لسرقة المقتنيات الأثرية
Gazze
غزة/ محمد ماجد/ الأناضول
** حمودة الدهدار، خبير التراث الثقافي:- الخراب الإسرائيلي طال أكثر من 70 بالمئة من مساحة القصر الذي تعرض لسرقة المقتنيات الأثرية
- يعد القصر أحد أبرز المعالم التاريخية في غزة ويعود للعصر المملوكي ويقدر عمره بنحو ثمانية قرون
** إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة:
- الجيش الإسرائيلي دمر كليا أو جزئياً أكثر من 316 موقعاً ومبنى أثرياً في غزة ونهب آلاف القطع الأثرية
- اختفاء القطع الأثرية بعد انسحاب الجيش يؤكد تعرضها للسرقة والتهريب في جريمة ثقافية خطيرة
لم تكتف إسرائيل خلال عامين من حرب الإبادة على غزة بقتل المدنيين وتدمير المنازل، بل شنت أيضا حملة ممنهجة ضد التراث الفلسطيني، نهبت خلالها نحو 20 ألف قطعة أثرية نادرة من "قصر الباشا" قبل أن تدمره.
وبينما تتراكم الأنقاض فوق ذاكرة المكان، يعمل فنيون وعمال وسط الركام في محاولة لإنقاذ ما تبقى من القصر، مستخدمين أدوات بسيطة للبحث عن قطع أثرية متناثرة فيه، وإجراء معالجات لها بهدف الحفاظ على ما تبقى من هوية غزة التاريخية.
🔴 سرقة تاريخ غزة.. إسرائيل تدمر "قصر الباشا" وتنهب 20 ألف قطعة أثرية (تقرير)
— Anadolu العربية (@aa_arabic) November 17, 2025
🗣️ حمودة الدهدار، خبير التراث الثقافي:
— الخراب الإسرائيلي طال أكثر من 70 بالمئة من مساحة القصر الذي تعرض لسرقة المقتنيات الأثرية.
— يعد القصر أحد أبرز المعالم التاريخية في غزة ويعود للعصر المملوكي… pic.twitter.com/EDMZfclHcf
** خراب عام
حمودة الدهدار، خبير التراث الثقافي في مركز حفظ التراث في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة (غير حكومي)، قال إن القصر يعد أحد أبرز المعالم التاريخية في غزة، موضحا أنه يعود للعصر المملوكي (1250-1517) ويقدر عمره بنحو ثمانية قرون.
وأوضح للأناضول أن الخراب الإسرائيلي طال أكثر من 70 بالمئة من مساحة القصر.
وقال إن القصر كان يضم قطعا أثرية مهمة تعود للعصور البيزنطية والرومانية والعثمانية، مشيراً إلى أنه تعرض لتدمير واسع أثناء عمليات سابقة للجيش الإسرائيلي بالقطاع قبل انسحابه عام 1994.
وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية أعادت ترميم القصر عقب الانسحاب الإسرائيلي، وحولته إلى متحف يضم مقتنيات تاريخية ثمينة.
وسبق أن احتلت إسرائيل قطاع غزة عام 1967 ثم انسحبت منه عام 1994 بموجب "اتفاق أوسلو" المبرم مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
وفي عام 2005 فككت إسرائيل مستوطناتها في القطاع بموجب "خطة فك الارتباط" الأحادية.
ومجددا، تعرض القصر خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة لـ"تدمير و سرقة المقتنيات الأثرية من داخله"، وفق الدهدار.
وأكد الخبير الفلسطيني أن فرق التراث تعمل حالياً بالتنسيق مع مؤسسات محلية ومركز حفظ التراث في "بيت لحم" لتنفيذ مشروع "إنقاذ عاجل" للقصر يشمل معالجات أولية واستخراج القطع الأثرية المتبقية، والحفاظ على الأجزاء القابلة للترميم في المستقبل.

** تدمير ونهب شامل
مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة، قال للأناضول إن "الجيش الإسرائيلي دمر مواقع أثرية في غزة بشكل واسع وممنهج ضمن سياسة تستهدف طمس الهوية الفلسطينية".
وأضاف: "تشير المعطيات الرسمية إلى أن قوات الاحتلال دمرت، كليا أو جزئيا، أكثر من 316 موقعا ومبنى أثريا تعود معظمها إلى العصور المملوكية والعثمانية، وبعضها يمتد إلى القرون الأولى للهجرة وإلى الحقبة البيزنطية".
وتابع: "ما تعرضت له الآثار في غزة لم يكن تدميراً فقط، بل نهبا منظّما، في سلوك يجرمه القانون الدولي ويعد اعتداء على التراث الإنساني".
ولفت إلى أن "آلاف القطع الأثرية اختفت خلال الاجتياح الإسرائيلي، خصوصاً بعد اقتحام وتدمير متحف قصر الباشا الذي كان يضم أكثر من 20 ألف قطعة أثرية نادرة تمتد من زمن ما قبل الميلاد وصولاً إلى العصر العثماني".

** سرقة ثقافية
وقال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن "جميع القطع ذات أهمية تاريخية عالية، وكل واحدة منها تجسد مرحلة من المراحل الحضارية على أرض فلسطين".
وأضاف: "اختفاؤها بعد سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي على الموقع يؤكد تعرضها للسرقة والتهريب، وهو ما يعد جريمة ثقافية خطيرة تمسّ الهوية الوطنية وتراث الإنسانية جمعاء".
وتابع: "قصر الباشا كان المتحف الأثري الأهم في قطاع غزة، وواحداً من أبرز المعالم التاريخية في فلسطين".
وأوضح الثوابتة أن "المعلومات الرسمية تشير إلى أن القصر كان يضم أكثر من 20 ألف قطعة أثرية نادرة ومتنوعة، وبعد اقتحام الاحتلال الإسرائيلي للمبنى في البلدة القديمة وتدميره بالكامل، اختفت جميع القطع الأثرية، ولم يعثر على أي منها بعد انسحاب القوات، ما يؤكد تعرّضها للنهب".

**فلسفة العمارة الإسلامية
وبحسب دليل أثري أصدرته وزارة السياحة والآثار في قطاع غزة عام 2022، يعد "قصر الباشا" الواقع في حي الدرج شرق البلدة القديمة، أحد أبرز النماذج المعمارية الباقية التي تجسّد تطور العمارة الإسلامية في فلسطين.
ويشير الدليل إلى أن القصر يجسد فلسفة وفخامة العمارة المملوكية، دون وجود لوحة تأسيسية عليه تحدد تاريخ بنائه، لكن دلائل أثرية بالقصر تشير أنه يعود إلى العصر المملوكي، بدليل شعار الأسد المزدوج المنحوت على بوابته الرئيسية.
ويعد الشعار رمزا لدولة المماليك واستخدم للدلالة على انتصار المسلمين على الغزوين المغولي والصليبي.
ويتكون القصر من مبنيين منفصلين تتوسطهما حديقة واسعة، ويقع مدخله الرئيس في الواجهة الجنوبية للمبنى الشمالي، وهي من أبرز واجهاته جمالاً وزخرفة.
وتزين واجهة القصر زخارف هندسية منقوشة بالحجر تُعرف بـ"الأطباق النجمية"، إضافة إلى العقود المدببة ونصف الدائرية وحدوة الفرس، في دلالة واضحة على رقي وازدهار العمارة الإسلامية.
وحظي قصر الباشا باهتمام واسع من الجهات المختصة بالترميم، حيث نفذت وزارة السياحة والآثار ثلاث مراحل متتالية لإعادة تأهيله وتحويله إلى متحف حكومي، شملت أعوام 2005 و2010 و2014، بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
** تسميات مختلفة
ومر قصر الباشا بتسميات متعددة تعكس المراحل التاريخية التي عرفتها غزة.
ففي العصر المملوكي عُرف القصر باسم "دار السعادة"، ثم حمل لاحقاً اسم "قصر آل رضوان" نسبة للعائلة التي حكمت غزة خلال العهد العثماني (1556 - 1690).
وخلال حملة نابليون على غزة عام 1799، تعرض القصر للاحتلال الفرنسي واتخذت القوات المحتلة منه مقراً مؤقتاً، ما دفع السكان لإطلاق اسم "قلعة نابليون" على جزء منه.
وواصل القصر أداء دوره كمقر لوالي غزة خلال أواخر العهد العثماني، ثم تحول عام 1918 إلى مركز للشرطة خلال الاحتلال البريطاني، وعُرف آنذاك باسم "الديبويا".
وخلال الإدارة المصرية لقطاع غزة (1959- 1967)، استُخدم المبنى لإدارة مدرسة "الأميرة فريال"، أخت الملك فاروق، قبل أن يتغير اسمها بعد ثورة 23 يوليو/ تموز 1952 إلى مدرسة "الزهراء" الثانوية للبنات.
