الدول العربية, التقارير, فلسطين, قطاع غزة

جراء الإبادة الإسرائيلية.. أكاديمي فلسطيني يعمل خبازا بغزة (تقرير)

بدر أبو أصليح، أكاديمي فلسطيني مختص بالاقتصاد والعلوم الإدارية: حصلت على شهادة الدكتوراه في إطار سعيي لمساعدة المجتمع، وتخريج طلبة يمتلكون خبرة

Nour Mahd Ali Abuaisha  | 17.11.2025 - محدث : 17.11.2025
جراء الإبادة الإسرائيلية.. أكاديمي فلسطيني يعمل خبازا بغزة (تقرير)

Gazze

غزة/ الأناضول

بدر أبو أصليح، أكاديمي فلسطيني مختص بالاقتصاد والعلوم الإدارية:
- حصلت على شهادة الدكتوراه في إطار سعيي لمساعدة المجتمع، وتخريج طلبة يمتلكون خبرة
- عُرضت عليّ فرص كثيرة للعمل خارج البلاد، لكن حلمي كان أن أعود وأحقق طموحي في وطني
- الظروف لم تكن سهلة، ولستر أنفسنا افتتحت فرنا في الطابق الأول من المنزل
- تعز علينا أنفسنا أن نقف خلف فرن للخبز بدلًا من أن نصنع العقول

في أحد أزقة مخيم البريج وسط قطاع غزة، يقف الفلسطيني بدر أبو أصليح، الحاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد والعلوم الإدارية، أمام فرن صغير يخبز فيه أرغفة الخبز تباعًا، بعدما دمرت إسرائيل الجامعات والمؤسسات التعليمية في القطاع، وحالت دون تحقيق حلمه في التدريس وصناعة العقول.

يقلب أبو أصليح (44 عامًا) العجين بيدين كان يحلم أن يكتب بهما على السبورة الجامعية مناقشًا أطروحات طلابه، لا أن يحسب تكاليف الدقيق وثمن الخبز.

أبو أصليح أنهى دراسته العليا في معهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة قبيل اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفضّل العودة إلى وطنه رغم العروض التي تلقاها في الخارج، لتحقيق حلمه بتخريج أجيال فلسطينية متعلمة تساهم في نهضة وطنها.

غير أن الإبادة والحرب الإسرائيلية على غزة، قلبت مسار حياته بالكامل، فانتقل من لقب "الدكتور" الذي يناقش البحوث الأكاديمية، إلى لقب "معلم" الذي يطلق محليًا على أصحاب الحرف البسيطة، يكتفي من خلالها بتأمين قوت يومه.

واستمرت الإبادة عامين كاملين قبل أن يتوقف القتال بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

**حلم أوقفته الحرب

يقول أبو أصليح للأناضول: "حصلت على شهادة الدكتوراه في إطار سعيي لمساعدة المجتمع، وتخريج طلبة يمتلكون خبرة في مجال تخصصهم".

ويضيف: "عُرضت عليّ فرص كثيرة للعمل خارج البلاد، لكن حلمي كان أن أعود وأحقق طموحي بين أهلي وفي وطني".

ويتابع: "تقدمت للعمل في عدة جامعات بقطاع غزة قبل اندلاع الحرب، لكن الحرب قطعت الطريق على كل شيء، فدمرت المؤسسات التعليمية وأغلقت أمامنا الأبواب".

وأشار إلى أن الإبادة كانت "شرسة ومدمرة، إذ لم تبقِ على بنية تحتية أو مؤسسة أكاديمية، فانهارت معها أحلام كثيرة كانت تُبنى على سنوات من الكفاح والدراسة".

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، دمرت إسرائيل خلال عامين نحو 165 مدرسة وجامعة بشكل كلي، و392 مؤسسة تعليمية بشكل جزئي، ما جعل التعليم في القطاع يواجه أسوأ أزماته في التاريخ الحديث.

** ظروف صعبة

ودفعت الظروف المعيشية القاسية وانعدام فرص العمل بدر أبو أصليح إلى افتتاح فرن صغير في منزله لكسب رزقه وإعالة أسرته.

ويقول: "الظروف لم تكن سهلة. ولستر أنفسنا افتتحت هذا الفرن في الطابق الأول من المنزل".

ويضيف: "الحرب دفعت الكثير من الفلسطينيين إلى العمل في مهن لا تشبههم، فقط لتأمين لقمة العيش، بعدما دُمرت مصادر الرزق والبنية الاقتصادية في القطاع".

وأوضح أنه اضطر لإرسال زوجته وطفليه إلى خارج غزة خوفًا من القصف، وبقي في القطاع لتأمين مصاريف معيشتهم، وهو ما دفعه إلى العمل في مهنة الخَبز.

ورغم انتهاء الحرب، لا يزال يواصل عمله في هذه الحرفة البسيطة لتأمين احتياجات عائلته، إذ لم تتحسن الأوضاع المعيشية حتى بعد وقف إطلاق النار.

**طموح لا ينكسر

ورغم الواقع الصعب، لا يزال أبو أصليح متمسكًا بطموحه في التعليم والبحث العلمي.

وفي هذا الصدد قال أبو أصليح: "ما زلت على أهدافي وطموحي، وأتمنى أن أعود إلى التعليم حتى وإن كان داخل خيمة فوق ركام جامعة مدمرة".

ويضيف بأسى: "تعز علينا أنفسنا أن نقف خلف فرن للخبز بدلًا من أن نصنع العقول، وأن يُنادينا الناس بلقب (معلّم) بدلًا من (دكتور).. إنها لحظة قاسية تدمع لها العين".

ويأمل أبو أصليح في أن تعود الحياة إلى طبيعتها في غزة قريبًا، وأن يتمكن من استئناف حلمه الأكاديمي.

ويؤكد أن الفلسطينيين "صامدون رغم الدمار، وسيواصلون بناء مستقبلهم مهما كانت التحديات".

** فقر شامل

وبحسب بيانات البنك الدولي، حوّلت الإبادة الإسرائيلية جميع سكان قطاع غزة إلى فقراء، بعدما دُمر الاقتصاد بالكامل وتوقفت المساعدات الإنسانية لفترات طويلة بسبب الحصار الإسرائيلي.

كما أدت الحرب التي استمرت لعامين إلى مقتل أكثر من 69 ألف فلسطيني وإصابة ما يزيد على 170 ألفًا، فضلًا عن تدمير نحو 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في القطاع، واندلاع مجاعة واسعة نتيجة انعدام مقومات الحياة الأساسية.

وفي ظل هذا الواقع الكارثي، يمثل بدر أبو أصليح نموذجًا إنسانيًا يجسد تحويل آلة الحرب الإسرائيلية لحملة الشهادات العليا والعلماء والمثقفين إلى عمال وحرفيين يكافحون من أجل البقاء، في مشهد يلخص حجم المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني.

وخلفت الإبادة الإسرائيلية التي ارتكبتها إسرائيل بدعم أمريكي، واستمرت لعامين، أكثر من 69 ألف قتيل وما يزيد عن 170 ألف جريح، ودمارا هائلا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في القطاع، إضافة إلى كارثة إنسانية جراء انتشار المجاعة وانعدام مقومات الحياة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.