السياسة, الدول العربية, رئاسيات تونس 2019

المرشح الرئاسي التونسي نبيل القروي.. من سلطة الإعلام إلى حلم السلطة (بروفايل)

شخصية مثيرة للجدل تقف على خط التماس بين عالم المال والأعمال والسياسة قدم ترشحه رسميا للاقتراع المبكر الخريف المقبل

19.08.2019 - محدث : 19.08.2019
المرشح الرئاسي التونسي نبيل القروي.. من سلطة الإعلام إلى حلم السلطة (بروفايل)

Tunisia

تونس/ يسرى وناس/ الأناضول

اختار الاستثمار في عالم الإعلام، وجازف بتأسيس قناة تلفزيونية موجهة إلى جمهور المغرب العربي، ثم دخل مجال العمل الخيري، وفي الأثناء خاض حروبا إعلامية وسياسية وقضائية، حتى بات من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل ببلاده.

هو نبيل القروي؛ مرشح الانتخابات الرئاسية التونسية المقررة الخريف المقبل، والرجل الذي يقول عنه المتابعون للشأن المحلي إنه مشحون بالتناقضات، قابع في أجزاء محورية من الكثير من السيناريوهات، ويقف على خط التماس بين المال والأعمال والسياسة، ومن خلفه تطل شبهات فساد طالته، في مزيج متنافر يلتقي عند حلم الوصول إلى قصر قرطاج.

توليفة لافتة لرجل أعمال اختار أن يطل من على منابر قناته، وناشطا خيريا يجمع التبرعات والمساعدات لتوزيعها على الفقراء، وهو نفسه الرجل الذي تحيط به شبهات "غسيل أموال"، والسياسي الذي اكتسح فجأة استطلاعات الرأي بخصوص نوايا التصويت، وبعثر المعادلة التقليدية للتوازنات السياسية المتحكمة بالمشهد المحلي.


فمن هو هذا الرجل الذي يختزل هذا الكم من التناقضات والتجاذبات، والذي منح الأوساط السياسية في تونس قناعة بأن تصدره لاستطلاعات الرأي يتأتى من اعتباريته الذاتية والقواعد الشعبية الفقيرة التي لعب لكسبها على ورقة العمل الخيري.

** من الإعلام إلى العمل الخيري

عرفه التونسيون رجل أعمال ناشط في مجال الإعلام، قبل أن يبرز اسمه مع مطلع الألفية الثانية بإطلاقه مجموعة "قروي أند قروي" للإعلام والإشهار (إعلانات)، تلاها إطلاق قناة "نسمة" في 2007، والتي وجهت برامجها حينها إلى جماهير المغرب العربي الكبير (تونس والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا).

ومثّلت 2016 سنة فاصلة في حياته، حيث فقد خلالها نجله "خليل"، في حدث أليم حوّل أنظار القروي نحو العمل الخيري، ليغير من صبغة قناته إلى "قناة خيرية" عبر بث برامج يقول إنّها تهدف إلى مساعدة الفقراء.

وعبر الحملات الإعلامية لقناته، برز اسم القروي بالمناطق الداخلية، وبات معروفا في صفوف الطبقات الهشة التي تلقى العديد من أفرادها مساعدات من جمعيته، ويبدو أن هذا كان الوتر الحساس الذي يقول مراقبون إنه استثمره لتشكيل قاعدة شعبية واسعة، بل قد يكون هاجس العمل السياسي انتابه عقب خوضه هذا المسار، أو أن العمل الخيري كان "حملة انتخابية مبكرة".

ومهما يكن من أمر، فالمؤكد أن هذا الرجل الذي أكمل لتوه عامه الـ56، أدرك أن الطريق إلى قرطاج لن تؤمنها غير القواعد الشعبية المتأتية من الطبقات المتوسطة والفقيرة، وهذا ما تجلى بوضوح لاحقا من خلال إعلانه أن مشروعه الانتخابي سيرتكز على "محاربة الفقر والاستثمار في الإنسان لتحقيق حياة كريمة للتونسيين".

قدّم نفسه على أنه "نصير الفقراء"، و"صوت تونس المنسية"، فكسب تأييدا جعله يتصدر استطلاعات الرأي في نوايا التصويت للسباق الرئاسي.

ووفق استطلاع نشرته، في يونيو/ حزيران الماضي، مؤسسة "سيغما كونساي" التونسية الخاصة حول نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية، حل القروي بالمركز الأول، بـ23.8 بالمائة، يليه الأستاذ الجامعي قيس سعيد، بـ 23.2 بالمائة.

** العمل السياسي

هو عضو مؤسس لحزب "نداء تونس" (2012) مع الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، وقاد عامان إثر ذلك الحملة الانتخابية للحزب.

لكن فترة انتمائه للحزب لم تدم سوى 3 سنوات، فقد استقال منه، وقال في نص استقالته حينها إنّ "الطريق المتبعة من قبل هذا الحزب لم تعد تلتقي مع قناعاتي والقيم التي أؤمن بها وذلك لافتقاره إلى الأركان الأساسية التي من المفروض أن تميز أي حزب ديمقراطي."

في الأثناء، كرس القروي وقته للعمل الخيري، قبل أن يعلن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، لكن تعديلات أقرها البرلمان، على القانون الانتخابي منعت أصحاب القنوات التلفزيونية أو الجمعيات من خوض غمار السباق.

القروي رأى في ذلك، أن جهات سياسية تستهدف ترشحه للرئاسية وتحاول أن تقصيه.

وفي يونيو الماضي، صادق البرلمان التونسي على جملة من التعديلات مست القانون الانتخابي، وأقرت شرط الحصول على نسبة 3 بالمائة كحد أدنى (عتبة) لعبور الانتخابات التشريعية، ومنع ترشّح كل من ثبت استفادته من استعمال جمعية أو قناة تلفزيونية للإشهار السياسي (الدعاية السياسية) أو كل من مجّد الدكتاتورية أو توجّه بخطاب يدعو للكراهية والعنف.

والعتبة الانتخابية، هي الحد الأدنى من الأصوات الذي يشترط القانون الحصول عليها من قبل الحزب أو القائمة الانتخابية، ليكون له حق الحصول على أحد المقاعد المتنافس عليها في الانتخابات التشريعية.

وتحديا لما اعتبره "إقصاء"، استقال القروي من إدارة قناته، وأعلن في 25 يونيو/ حزيران المَاضي، ترأسه لحزب جديد حمل اسم "قلب تونس" وهو الاسم الجديد لـ"حزب السلم الاجتماعي التونسي" الذي تم تأسيسه في 20 من الشّهر ذاتِه.


** اتهامات و"تبييض أموال"

واجه القروي اتهامات بوجود علاقات وطيدة بينه وبين نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، إلا أنه أكد في تصريحات سابقة له معاناته من النظام الذي سيطر على عدد من شركاته.

كما واجه القروي القضاء بعد أن أمرت النيابة العامة، في يوليو/ تموز الماضي، تجميد أمواله وشقيقه (يمتلكان مجموعة قروي أند قروي)، ومنعهما من السفر، في إجراء احترازي بعد توجيه اتهامات لهما بـ"غسيل أموال".

المرشح الرئاسي، كان أكد أنه مثل أمام قاضي التحقيق، وقدم مؤيدات في هذا الملف للرد على من وصفهم بـ''الصبابة'' (الواشين) الذين قاموا بتشويه سمعته، وفق تعبيره، مشيرا إلى ثقته الكبيرة بالقضاء.


** صراع "القروي-الهايْكا"

أواخر أبريل/ نيسان الماضي، حجزت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في تونس (الهايكا)، معدات وتجهيزات بث "قناة نسمة"، معتبرة أنها قناة "مخالفة للقانون".

"والهايكا" هي الهيكل المسؤول على تنظيم المشهد الإعلامي السمعي والبصري في تونس، وق دعت حينها هيئة الانتخابات والسّلطات المعنية إلى تحديد موقفها من ترشح القروي للرئاسية.

كما اعتبرت "الهايكا"، في العديد من المرات، أن كراس الشروط المنظم للقنوات التلفزيونية الخاصة بتونس، يمنع توظيفها (القنوات) للدعاية لصاحبها".

كما تعالت التحذيرات من قبل نشطاء وسياسيين، مما اعتبر "تجاوزات" من قبل القروي على قناته المخالفة للقانون وخطورة وضعيتها، وتوظيفها لأغراض سياسية وتشويه الآخر".

وبمجرد إعلان القروي عزمه الترشح في مايو/ أيار الماضي، دعا عضو "الهايكا" هشام السنوسي، في تصْريحات إعلامية، مؤسسات الدولة بما فيها القضاء، إلى تحريك القضايا المرفوعة ضد القروي والمتعلقة بتبييض الأموال، معتبرا أن التلكؤ في مقاضاته واتخاذ الاجراءات القانونية في شأنه، "دفعه إلى التمادي وإعلان ترشحه."

والجمعة الماضية، قدم القروي، رسميا، ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية، بمقر هيئة الانتخابات بالعاصمة.


الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın