الدول العربية, قطاع غزة

الطفلة مي.. "وردة" أذوى التجويع الإسرائيلي جسدها بغزة (تقرير)

- الطفلة الفلسطينية مي أبو عرار (7 أعوام) أصبحت غير قادرة على المشي وتساقط شعرها بسبب سوء التغذية

Mohamed Majed  | 29.09.2025 - محدث : 29.09.2025
الطفلة مي.. "وردة" أذوى التجويع الإسرائيلي جسدها بغزة (تقرير)

Quds

غزة/ محمد ماجد/ الأناضول

- أصبحت الطفلة الفلسطينية مي أبو عرار (7 أعوام) غير قادرة على المشي وتساقط شعرها بسبب سوء التغذية
- والدة مي: قبل الإبادة الإسرائيلية كان وزن مي 22 كيلوغراما أما الآن فوزنها 12 كيلوغراما
- طبيب مشرف على مي: الفريق الطبي اضطر لإعطائها علاجا بديلا لعدم توفر الدواء الأساسي اللازم بسبب الحصار الإسرائيلي

في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل، أصبحت لقمة العيش وقارورة الماء حلما صعب التحقق، فالأطفال الفلسطينيون يبيتون على الطوى ويئنون تحت وطأة الجوع الشديد، ما حول أجسادهم البريئة إلى هياكل عظمية لم تكفِ صورها المنتشرة في الإعلام لدفع إسرائيل إلى رفع الحصار وإدخال المساعدات.

بجسدها النحيل، ووجهها الشاحب الذي غابت عنه ملامح الطفولة، ترقد الفلسطينية مي أبو عرار (7 أعوام) على سرير بمستشفى ناصر في خان يونس جنوبي قطاع غزة، بعدما أنهكها التجويع الإسرائيلي المتواصل تزامنا مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنها تل أبيب بالقطاع منذ نحو عامين.

فالحصار الإسرائيلي لم يترك للطفلة سوى عظام بارزة وصرخات متقطعة على فراش المستشفى، حولت ابتسامتها البريئة وشعرها الكثيف إلى ذكرى بعيدة، وجعلت طفولتها أسيرة المرض والحرمان.

وفي 22 أغسطس/ آب 2025، أعلنت المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي "حالة المجاعة في مدينة غزة"، وتوقعت امتدادها إلى محافظتي دير البلح (وسط) وخان يونس.

والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي "آي بي سي" مبادرة دولية لتحليل أوضاع الأمن الغذائي والتغذية، تضم 21 منظمة بارزة، بينها منظمة الأغذية والزراعة "فاو"، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمات الأمم المتحدة للأطفال "يونيسف"، والصحة العالمية، وأوكسفام، وأنقذوا الأطفال.

وتسبب الحصار الإسرائيلي المطبق على الفلسطينيين في قطاع غزة بتفشي مجاعة غير مسبوقة، أودت بحياة 422 شخصا، بينهم 147 طفلا، رغم مناشدات بالجملة بضرورة إنهاء الحصار وفتح المعابر وإدخال المساعدات بشكل فوري.

** كانت "وردة"

كانت مي قبل بدء الإبادة الإسرائيلية طفلة مفعمة بالحياة، بوجه مشرق وشعر كثيف وابتسامة بريئة كما تتحدث والدتها نادية أبو عرار التي وصفتها بـ"الوردة"، وكما عرضت صورتها عبر هاتفها المحمول للأناضول.

لكن مع الحصار الإسرائيلي ومنع إدخال الغذاء والدواء لغزة، أصيبت مي بسوء تغذية حاد، فتساقط شعرها وانخفض وزنها من 22 كيلوغراما إلى 12 كيلوغراما فقط، قبل أن تفقد القدرة على المشي بعدما عجز جسدها النحيل عن حملها.

ولم تقتصر معاناة مي على الجوع، بل امتدت إلى النزوح المتكرر، فبعد علاجها في مستشفى الرنتيسي للأطفال بمدينة غزة، اضطرت عائلتها للنزوح لمستشفى ناصر نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية التي ضيقت الخناق على المدينة.

ويواصل الجيش الإسرائيلي تصعيده على مدينة غزة، منذ 11 أغسطس الماضي، في عملية أطلق عليها اسم "عربات جدعون 2"، تخللها نسف منازل باستخدام روبوتات مفخخة، وقصف مدفعي، وإطلاق نار عشوائي، وتهجير قسري، وتوغل بري.

فيما أقرت الحكومة الإسرائيلية في 8 أغسطس الماضي، خطة طرحها رئيسها بنيامين نتنياهو، لاحتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة، التي يسكنها نحو مليون فلسطينيـ أغلبهم نازحون.

وتقول والدة الطفلة، إن ابنتها لم تكن تعاني أي أمراض قبل الإبادة الإسرائيلية، لكن إغلاق تل أبيب المعابر ومنع دخول الغذاء والدواء فاقما وضعها الصحي.

وأضافت: "كان وزنها 20 كيلوغراما قبل الإبادة، وكانت مثل الوردة، أما الآن فقد وصل إلى 12 كيلو غرام فقط بسبب سوء التغذية".

وأوضحت الأم أن وضع طفلتها يزداد سوءا يوما بعد يوم، مع استمرار نقص الغذاء والدواء، لافتة إلى أن العائلة تعيش على طعام الجمعيات الخيرية والمياه، وأحيانا عبوات حليب إن توفرت.

وأضافت : "حين لا تتوفر مساعدات لا نجد ما نأكله ونبيت جائعين".

وأعربت عن خشيتها من موت طفلتها، متمنية نقلها للعلاج خارج غزة في ظل انهيار المنظومة الصحية، وإغلاق الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي سيطر عليه منذ مايو/ أيار 2024، ومنع خروج المرضى والجرحى للعلاج.

**انهيار المنظومة الصحية

بدوره، أكد عاهد خلف، اختصاصي طب الأطفال في مستشفى ناصر، أن مي "تعاني من سوء تغذية جراء الحصار الإسرائيلي".

وأضاف الطبيب المشرف على مي للأناضول، أنها تعاني من "تورم القدمين، ونقص البروتين في الدم، وفقدان القدرة على الحركة بسبب ضمور العضلات وغياب الطبقات الدهنية تحت الجلد، إضافة إلى تقرحات وتساقط الشعر".

وذكر أن الفريق الطبي اضطر لإعطائها علاجا بديلا لعدم توفر الدواء الأساسي اللازم بسبب الحصار الإسرائيلي ونقص الإمدادات، مؤكدا أن سوء التغذية يزيد تدهور حالتها.

وأشار إلى أن غزة تخلو من الخضروات والفواكه، وهي احتياجات أساسية للأطفال لبناء أجسادهم.

الطبيب اعتبر حالة مي تجسد "واقع الانهيار الذي تعيشه المنظومة الصحية في قطاع غزة نتيجة الإبادة والحصار الإسرائيلي".

ومنذ بدء الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تعمدت إسرائيل استهداف القطاع الصحي بشكل مباشر، حيث قصفت أو دمرت أو أخرجت عن الخدمة 38 مستشفى و96 مركزا للرعاية الصحية، و197 سيارة إسعاف، وفق أحدث بيانات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

هذا الاستهداف الذي تزامن مع حصار شددت من إجراءاته في 2 مارس/ آذار الماضي، بمنع دخول المساعدات الطبية والإغاثية والغذائية إلى القطاع، إلا بكميات شحيحة جدا، ضاعف من حالة التدهور في القطاع الصحي ومن معاناة المرضى.

وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة، خلّفت 65 ألفا و549 قتيلًا و167 ألفا و518 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، وواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.