الدول العربية, بروفايلات, فلسطين, قطاع غزة

أنس الشريف.. صوت غزة الفاضح لإسرائيل (بروفايل)

اغتالت إسرائيل الصحفي الفلسطيني أنس الشريف ومعه 4 صحفيين في قصف استهدف خيمتهم بجوار مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة

Mustafa M. M. Haboush  | 11.08.2025 - محدث : 11.08.2025
أنس الشريف.. صوت غزة الفاضح لإسرائيل (بروفايل)

Istanbul

غزة/ الأناضول

على مدى نحو عامين من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ظل اسم الصحفي الفلسطيني أنس جمال الشريف حاضرًا في نشرات الأخبار العالمية، ليس فقط بصفته مراسلًا ميدانيًا لقناة الجزيرة، بل كأحد الأصوات النادرة التي كسرت الحصار الإعلامي المضروب على القطاع، ووثقت للعالم مشاهد التجويع والمجازر الإسرائيلية.

لكن هذا الصوت الذي كان دائما ما ينطلق من بين الرماد، لم يرق للجيش الإسرائيلي، الذي لطالما شن حملات تحريض ضد الشريف واتهامه بالانتماء لفصائل مسلحة، وهو ما نفاه الصحفي الفلسطيني أكثر من مرة.

وفي 10 أغسطس/آب 2025، أنهت غارة جوية إسرائيلية على خيمة للصحفيين ملاصقة لمجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة حياة 5 صحفيين في قناة الجزيرة بينهم المراسلان أنس الشريف ومحمد قريقع، ليلتحقوا بقافلة تضم 237 صحفياً اغتالتهم إسرائيل من بداية الحرب.

وأنس الشريف ولد في 3 ديسمبر/كانون الأول 1996 في مخيم جباليا شمال القطاع، ونشأ وسط بيئة لا تنفصل عن الصراع، حيث عاش طفولته بين أزقة المخيم المكتظة وسقف من الأزمات والحروب المتكررة.

وتلقى تعليمه في مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومدارس وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ثم التحق عام 2014 بجامعة الأقصى لدراسة الإذاعة والتلفزيون، وتخرج منها عام 2018.

بدأ مسيرته الإعلامية متطوعًا في شبكة الشمال الإعلامية، قبل أن ينتقل إلى العمل مراسلًا للجزيرة في غزة، متبنيًا نهجًا ميدانيًا يضع نفسه في قلب الحدث.

وفي العام 2024، كان شمال غزة يعيش واحدة من أقسى فصول الحصار والتجويع، مع انقطاع كامل للكهرباء والاتصالات، وشلل شبه تام في وصول المساعدات.

وتمركز أنس في مخيم جباليا ومدينة غزة، محاطًا بالدمار والمجاعة، ونقل للعالم عبر تقاريره مشاهد غير مسبوقة، لأطفال يصرخون جوعًا في الليل، وأمهات يبحثن في الأنقاض عن لقمة، وخيام مدرسية تحولت إلى مأوى لآلاف النازحين وسط البرد والحشرات والأمراض.

ولكسر الحصار الإعلامي، كان يتسلق أسطح المنازل والمستشفيات بحثًا عن إشارة إنترنت لبث تقاريره. وصف في أحد تقاريره الوضع بقوله: "أكثر ما يؤلم هنا ليس القصف وحده، بل أن ترى طفلاً ينام وهو يبكي جوعًا لأنه لم يجد وجبة واحدة طوال اليوم".

ووثّق الشريف الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مدارس الأونروا والمستشفيات، بما في ذلك استخدام القصف المتكرر والمتعمد على مناطق مكتظة بالمدنيين.

وتقديراً لشجاعته في توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية وإصراره على تقديم شهادات حية عن معاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة وسط القصف والمجاعة، كرمته منظمة العفو الدولية في أستراليا العام الماضي بمنحه جائزة "المدافع عن حقوق الإنسان".

كما حصل الشريف على "درع الشجاعة" تقديراً لدوره المميز في تغطية الإبادة الإسرائيلية بالقطاع.

وسلّم رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش الجائزة، التي تقدمها جامعة ماردين التركية، إلى مدير مكتب الجزيرة في تركيا عبد العظيم محمد، وذلك لتعذر سفر الشريف لاستلامها شخصيًا بسبب ظروف الحرب والحصار المفروض على غزة.

ومع تأثير تقاريره على الرأي العام، أدرجه الجيش الإسرائيلي ضمن أهدافه الإعلامية، واتهمه بشكل متكرر طوال حرب الإبادة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بالانتماء إلى حركة "حماس"، في محاولة لتبرير استهدافه.

وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2023، قصفت الطائرات الإسرائيلية منزل عائلة الصحفي الفلسطيني في مخيم جباليا، ما أدى إلى استشهاد والده.

وقوبلت المزاعم الإسرائيلية بانتقادات حادة من الجزيرة ومنظمات الصحافة الدولية والفلسطينية التي أكدت أنها ادعاءات غير مثبتة وتهدف لإسكات الصحفيين.

ورداً على هذه الحملة، قال الصحفي الشريف، في تغريدة سابقة له على منصة "إكس": "شنّ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي حملة تهديد وتحريض ضدي بسبب عملي كصحفي مع قناة الجزيرة".

وأضاف: "أؤكد: أنا، أنس الشريف، أني صحفي بلا انتماءات سياسية ومهمتي الوحيدة هي نقل الحقيقة من أرض الواقع كما هي، دون تحيز".

كما نددت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الرأي والتعبير، إيرين خان، في تصريحات صحفية لها في يوليو/ تموز الماضي، بالاتهامات والتهديدات التي تعرض لها الشريف، مؤكدة في ذلك الوقت، أن "هذه التهديدات تعرض حياته للخطر".

خان وصفت اتهامات إسرائيل للصحفيين بأنهم "إرهابيون" بأنها باطلة، ودعت المجتمع الدولي لمنع استهدافهم، معتبرة أن قتل واعتقال الصحفيين استراتيجية لقمع الحقيقة.

وكانت شبكة الجزيرة الإعلامية نشرت نهاية يوليو الماضي، بيانا نددت فيه بتحريض الجيش الإسرائيلي ضد صحفييها في قطاع غزة، خصوصا المراسل أنس الشريف.

وأعربت الشبكة عن استنكارها وتنديدها بالحملات التحريضية ضد كوادرها منذ بدء تغطية الحرب على غزة.

وبحسب مراقبين، فإن صوت عال وشجاع مثل صوت أنس، لا يمكن أن تقبل إسرائيل بوجوده وهي في طريقها إلى خطوة جديدة تجاه غزة، حيث يأتي مقتله وزملائه، ليعكس نية تل أبيب قتل الصحفيين الموجودين في مدينة غزة قبيل الشروع باحتلال المدينة، ضمن خطة تدريجية أقرتها الحكومة الإسرائيلية، الجمعة، لاحتلال قطاع غزة بالكامل.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın