الدول العربية, التقارير, تونس

هل شواطئ تونس غير آمنة للسباحة؟ (تقرير)

حادثة غرق طفلة عمرها 3 سنوات على شاطئ "عين غرينز" بقليبية شمال شرق البلاد أثارت موجة خوف لدى التونسيين في هذا الموسم

Adel Bin Ibrahim Bin Elhady Elthabti  | 13.07.2025 - محدث : 13.07.2025
هل شواطئ تونس غير آمنة للسباحة؟ (تقرير)

Tunisia

تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول

**حادثة غرق طفلة عمرها 3 سنوات على شاطئ "عين غرينز" بقليبية شمال شرق البلاد أثارت موجة خوف لدى التونسيين في هذا الموسم.
**مكرم تنبان من سكان شاطئ عين غرينز للأناضول:
-الإقبال كان كثيفا سابقا لأنه مكان تحبذه العائلات للاصطياف
-غرق بنت الثلاث سنوات مريم أثّر كثيرا، لكن البحر آمن وخاصة في عين غرينز رغم الإشاعات الكثيرة التي بُثّت حول المخاطر في منطقتنا
** ختام الناصر غواص محترف للأناضول:
- الحوادث تقع كل سنة والمتسبب الأول هو الإنسان بنقص الوعي ونقص القدرات في السباحة في بحر قوي وهائج والتوعية هي الأساس..
** عامر بحبة، باحث في علم المناخ للأناضول:
-التيارات الساحبة تمثل خطرا فعلا ولكنها ليست جديدة بل موجودة في سواحلنا كل عام وتنشط أكثر في الصيف
- في حزيران ويوليو 2023 لقى 52 شخصا مصرعهم غرقا في شواطئ تونس، مقابل 48 خلال نفس المدة من العام 2024

لطالما كانت شواطئ تونس المطلة على سواحل البحر الأبيض المتوسط بشواطئها الرملية، جاذبة للمصطافين في فصل الصيف، إلا أن حادثة غرق طفلة عمرها 3 سنوات على شاطئ "عين غرينز" بقليبية شمال شرق البلاد أثارت موجة خوف لدى التونسيين في هذا الموسم.

وفي 28 يونيو/حزيران، كانت تسبح الطفلة مريم مع عائلتها، على متن عوّامة مطاطية إلى أن تيارات بحرية قوية سحبتها إلى عمق البحر، ما جعل مهمة الإنقاذ معقدة منذ اللحظات الأولى لوقوع الحادث، ووفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.

وبعد يومين أعلن الحرس البحري التونسي أنه عثر على الطفلة التي فقدت بسواحل "عين قرينز" التابعة لقليبية من ولاية نابل مفارقة الحياة في نقطة تبعد 47 كلم من مكان الغرق.

ودعا الحرس البحري في بيان، المواطنين إلى التحلي بأقصى درجات الحذر واليقظة عند اصطحاب الأطفال إلى الشواطئ، والتقيد بإجراءات السلامة والرقابة المستمرة.

- تفاعل واسع واستياء عميق

وإثر ذلك بث نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد تعكس قلة عدد مرتادي أشهَر الشواطئ مثل "غار الملح" ورفراف ببنزرت شمالا وشواطئ مدينة سوسة شرقا.

وأثارت الحادثة تفاعلاً واسعًا على المنصات، حيث أكد نشطاء مسؤولية مسؤولي المنطقة في عدم تجهيز المناطق الساحلية بوسائل الإنقاذ.

- شاطئ "عين غرينز" يخلو من مصطافيه

أمام شاطئ بدا مهجورا في فصل الصيف، وقبالة منازل أُعِدت خصيصا للمصطافين، وجدنا التونسي مكرم تنبان أمام بيته بادر الأناضول بالقول: "أنا من مواليد قليبية أقطن عين غرينز وأرض جدي هنا، الإقبال كان كثيفا سابقا لأنه مكان تحبذه العائلات التي تسبح دون خوف".

وأضاف تنبان متحسرا: "البحر الآن خال من المصطافين، هناك إشاعات حول براكين، وهناك من يقول البحر سيتقدم إلى اليابسة، وهناك من يقول هناك أمراض وهذا غير صحيح".

وحول غرق الطفلة مريم، تابع تنبان: "غرق بنت الثلاث سنوات أثّر كثيرا، لكن البحر آمن وخاصة في عين غرينز رغم الإشاعات الكثيرة التي بُثّت حتى عبر وسائل إعلام عربية حول المخاطر في منطقتنا".

وزاد: "هذا البحر ليست فيه تيارات كبيرة، لكن عند ريح البْحَارِي (تسمية محلية للرياح التي تهب من البر إلى داخل البحر) تكون السباحة بالعجلات المطاطية فيها مخاطر، فالبحر يمكن أن يفتك منك ابنك".

وأردف: "البحر الآن عادي ولم يتغير، هو مثلما كان منذ سنوات وتونس معروفة بشواطئها الجميلة، وسياحتنا بنسبة 80 بالمئة شاطئية".

"نحن هنا في عين غرينز يقصدنا إخواننا الجزائريون سنويا لأن المكان آمن وفيه تُحتَرمُ تقاليد العائلات، أريد أن أطمئن الناس أنه لا يوجد ما يبعث على الخوف"، يختم تنبان.

وفي ونفس ولاية نابل، وبجانب عدد قليل من المصطافين في شاطئ "دار علوش" بمنطقة حمام الأغزاز، تحدث ختام الناصر لاعب وطني سابق في رياضة الصيد بالغوص وغواص محترف، عن واقعة غرق بنت الـ3 سنوات في عين غرينز.

وشرح الناصر للأناضول: "كنت أتابع الموضوع مثل الجميع عبر الأخبار من شبكة فيسبوك خلال اليوم الأول كان هناك أمل أن يجدوها حية".

وأضاف الناصر: "البحث تمّ في الأول على سطح البحر بالزوارق والحوامات لكن معروف أن الشخص اذا شرب ماء البحر ينزل الى القاع ويعلق بالأحجار والأعشاب والتيارات لا تحركه".

كما يرى الناصر أن "الجسم الطافي يتحرك ويمكن أن يقطع مسافة 40 كلم في اليوم".

وتوقع الغواص أن جسد البنت سيطفو في اليوم الثالث بعد تغيرات تحصل للجسم بحكم الانتفاخ بغاز الميثان ومصيره يصبح بيد التيارات تحمله في كل اتجاه.

وفعلا، يواصل الناصر: وجدناها في شاطئ "بني خيار" حوالي 45 كلم جنوب نقطة غرقها في عين غرينز بقليبية وهي مسافة طويلة تدل على قوة التيار البحري.

وحول السؤال الذي يتردد على كل الألسن في تونس هل أصبحت الشواطئ غير آمنة، قال الناصر: "الحوادث تقع كل سنة والمتسبب الأول هو الإنسان بنقص الوعي ونقص القدرات في السباحة في بحر قوي وهائج والتوعية هي الأساس".

أما المتسبب الثاني في حوادث الغرق "فهي الطبيعة، فالبحر عالم المتناقضات يمكن أن تراه هادئا ولكن فيه تيارات لا تُرى.

ورغم التقنيات الحديثة من أقمار صناعية وغيرها، لا يمكن اكتشاف التيارات البحرية إلا بالنزول للبحر وأكثر أناس يعرفون ذلك هم الغواصون والبحارة الذين يعيشون في البحر يوميا، وفق الناصر.

-لا جديد في التيارات البحرية

عامر بحبة، باحث في علم المناخ، بدوره أكد أن "التيارات الساحبة تمثل خطرا فعلا ولكنها ليست جديدة بل موجودة في سواحلنا كل عام وتنشط أكثر في الصيف".

وتابع بحبة أن ظاهرة الغرق في البحر عادية تقع كل عام ويقع ضحيتها الذين لا يطبقون نصائح الحماية المدنية (الدفاع المدني)".

وأكد بحبة أن "السباحة في الأماكن التي فيها صخور مثل كاسرات الأمواج المقامة عند بعض الموانئ أو المواقع التي يهددها الانجراف، خطيرة وعند الرياح والأمواج يكون هناك غرقى".

وبخصوص التيارات الساحبة يقول الباحث: يمكن ملاحظتها بالعين المجردة عندما تكون في مكان مرتفع عن البحر قرب الشاطئ ونرى أمرا غريبا فيه منطقة هادئة بين مكانين تنشط فيها يسارا ويمينا أمواج ظاهرة، فالمكان الهادئ تكون فيها تيارات ساحبة قوية تدفع بالأجسام داخل البحر.

وأضاف بحبة: هذا التيار يكون عادة بسرعة 2 متر في الثانية ومهما كان الجهد البشري المبذول تصعب مقاومته لذا يفضل السباحة بالتوازي مع الشاطئ حتى الخروج من تلك المنطقة الخطرة".

-ارتفاع حرارة المتوسط

وتابع بحبة: "والتيارات الساحبة تنشط خاصة عند الرياح سواء في الشطوط الرملية أو الصخرية وعندما يكون البحر ساخنا".

ووفق بحبة: "هناك دراسات تقول إن الحرارة تغير التيارات البحرية وتتغير مساراتها ويمكن تتقوى وتغير اتجاهها لذلك تظهر فجأة لأن فيزياء الماء تغيرت".

قال بحبة: "حرارة مياه المتوسط السطحية زادت لأن الطقس ساخن وهناك موجات حر في فرنسا وإسبانيا والمغرب وحتى الجزائر وتونس ما أعطى موجة حر بحرية أي احترار مياه المتوسط البحرية وهي مخاطر متعلقة بالطقس والمناخ".

-لا توجد مخاطر زلازل وتسونامي ولا خطر في السباحة بالشواطئ

وحول الحديث عن التسونامي والزلازل في المتوسط، قال بحبة: "التسونامي والزلازل هي مخاطر جيولوجية ليست متعلقة بالمناخ".

وختم بحبة: "الخلط في تونس وقع من قبل صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي يديرها غير مختصون، وليس هناك أي خطر في السباحة في الشواطئ".

ووفق بحبة ناقلا عن إحصائية للحماية المدنية شهد شهرا حزيران ويوليو (تموز) 2023 مصرع 52 شخصا غرقا في شواطئ تونس، مقابل 48 خلال نفس المدة من العام 2024، فيما لقى 69 مصرعهم غرقا في أغسطس/أب 2024.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.