Antalya
أنطاليا/ سليمان إلتشين /الأناضول
الأكاديمي التركي حسن قصاب أوغلو:- كسانتوس تأخذ زوارها في رحلة مختلفة عبر التاريخ من خلال قصصها
- تتمتع المدينة بإمكانات كبيرة في مجال السياحة الثقافية بفضل موقعها الجغرافي المميز
- كسانتوس تضم النسيج الثقافي الكامل لحضارة ليكيا من بداياتها وحتى مراحلها الأخيرة
بقصص أهلها الذين رفضوا العبودية وبآثارها التي تتحدى الزمن، تأخذ مدينة "كسانتوس" الأثرية في قضاء كاش بولاية أنطاليا الساحلية غربي تركيا، زوارها في رحلة عبر التاريخ.
وتقع كسانتوس المدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، على تلتين تطلان على السهل الممتدّ بمحاذاة نهر إيشين أو ما كان يعرف قديما بنهر كسانتوس.
بدأت أعمال التنقيب فيها عام 1950 على يد باحثين فرنسيين، وتستمر اليوم تحت إشراف الأكاديمي في قسم الآثار في جامعة أتاتورك التركية، حسن قصاب أوغلو.
تُعرف المدينة بأنها كانت إحدى المدن التي تمتلك ثلاثة أصوات في اتحاد ليكيا المعروف باسم "بلاد النور"، وكان يضم 23 مدينة في منتصف القرن الأول الميلادي منها باتارا، وميرا، وبينارا، وأوليمبوس، وتلوس.
وأسس الليكيون واحدًا من أقدم النظم الاتحادية الديمقراطية في التاريخ، وهو الاتحاد الليكي الذي ضم عدة مدن لكل منها عدد من الأصوات في مجلس مشترك، اشتهروا بعمارتهم الفريدة، خاصة المقابر الصخرية المنحوتة في الجبال والتوابيت الحجرية ذات الأغطية المقوسة.
وأصبحت كسانتوس عاصمة ليكيا لفترة، ما جعلها مركزا إداريا للاتحاد في تلك الحقبة.
وعرفت الحضارة الليكية منذ الألفية الثانية قبل الميلاد وبلغت ذروة ازدهارها في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد.
ورفض الليكيون عند حصارهم في مدينة كسانتوس العبودية وتمسكوا بالاستقلال أثناء غزو الفرس والإسكندر الأكبر حيث خرج الرجال للقتال حتى الموت دون استسلام.
** رحلة عبر التاريخ
وتشتهر كسانتوس بآثارها الليكية، مثل أحجار الأضرحة العمودية، والمسرح القديم، والشوارع الرئيسية، والكنائس، كما تأخذ زوارها في رحلة عبر التاريخ من خلال قصص الحروب والأحداث المؤلمة التي شهدتها المدينة.
وبحسب المؤرخ هيرودوت، الملقب بـ"أبي التاريخ"، فإن سكان كسانتوس رفضوا الخضوع للعبودية، واختاروا الموت على فقدان استقلالهم وحريتهم عندما أيقنوا خلال الحصارات أنهم على وشك الهزيمة.
وفي حديث مع الأناضول قال قصاب أوغلو، إن كسانتوس تأخذ زوارها في رحلة مختلفة عبر التاريخ من خلال قصصها.
وأضاف أن حاكم الليكيين في كسانتوس، ساربيدون، كان قد ضحى بحياته في حرب طروادة من أجل وحدة الأناضول.
ولفت إلى مقولة ساربيدون: "أتيت من مكان بعيد، من كسانتوس ذات التيارات العميقة في ليكيا البعيدة، تركت زوجتي وطفلي هناك، وخلّفت ورائي مالا وممتلكات كثيرة قد يطمع فيها الفقراء، ومع ذلك أدفع الليكيين إلى القتال، وأنا بنفسي في مقدمتهم".
وأوضح قصاب أوغلو أن المدينة تعرف أيضا بأنها "مدينة الرافضين للعبودية"، حيث قاوم سكانها الحصار حتى النهاية في فترتين، وعندما أدركوا الهزيمة، اختاروا الموت الجماعي على الاستسلام، بما في ذلك النساء والأطفال.
** سياحة ثقافية
ولفت قصاب أوغلو، إلى أن كسانتوس تتمتع بإمكانات كبيرة في مجال السياحة الثقافية بفضل موقعها الجغرافي المميز.
وأفاد: "بحسب بيانات العام الماضي، زار المدينة نحو 50 ألف سائح، ومع تشغيل مركز الاستقبال واستكمال أعمال الترميم، سيزداد هذا العدد إلى ثلاثة أضعاف على الأقل".
وأشار قصاب أوغلو، إلى استمرار وجود الشعب الليكي في كسانتوس لقرون عديدة، قائلاً: "خلال عهدي الإمبراطورية الرومانية والبيزنطية، تم احترام المباني الأثرية التي تعود إلى عهد دويلات الليكيين والحفاظ عليها".
وأكد أن كسانتوس تضم النسيج الثقافي الكامل لليكيا من بداياتها وحتى مراحلها الأخيرة، وهي تمنح الزائر شعورا حيا بهذا التاريخ عند التجول فيها، حيث لا يمكن رؤية هذا في كثير من المدن الليكية الأخرى، فهي المدينة التي يمكن فيها إدراك حضارة ليكيا بالكامل.
