الدول العربية, التقارير, تونس

خبيران تونسيان: الاستقرار الداخلي أهم للاقتصاد من المواقف الخارجية (تقرير)

- صحفية اقتصادية: الموقف الأمريكي والمواقف الخارجية ليست صكوكًا على بياض - محلل اقتصادي: التركيز على الاستقرار الدّاخلي أكثر أهمية من الضغوط الخارجية

30.07.2021 - محدث : 30.07.2021
خبيران تونسيان: الاستقرار الداخلي أهم للاقتصاد من المواقف الخارجية (تقرير)

Tunisia

تونس/ علاء حمّودي/ الأناضول

أكد خبيران تونسيان على أن الاستقرار الداخلي والحفاظ على الديمقراطية والحريات أهم بكثير لاقتصاد البلاد من الضغوط أو المواقف الخارجية حول المستجدات السياسية التي تشهدها البلاد.

وتعيش تونس منذ الأحد، تواترا سريعا للأحداث، فعقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، أعلن رئيس البلاد قيس سعيّد إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السّلطة التّنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يومًا، ورفع الحصانة عن النّواب، وترؤوسه النّيابة العامة.

تدابير استثنائية تلتها تدابير أخرى، في الأيام الأربعة الماضية، ما وضع البلاد في هدوء حذر وترقب، مع مواقف تراوحت بين الرفض والتّأييد من الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والعمالية والتّونسيين أنفسهم، فضلًا عن دعوات للذهاب إلى حوار وطني لتجاوز الأزمة السّياسية التي جاءت مفاجئة، ما طرح قراءات مختلفة في مدى نفعيتها أو تأثيرها على البلاد.

في موازاة ذلك، تتالت المواقف الدّولية بين داعمة للإجراءات الاستثنائية للرئيس التونسي، وأخرى اعتبرت ما حصل "انقلابًا" على الديمقراطية ومسّا بالدستور.

ومن بين آخر المعلنين عن مواقفهم كانت الولايات المتحدة، التي عبّرت عن دعمها لتونس في مفاوضاتها مع المؤسسات المالية الدّولية، في تصريحٍ لنائب مساعد وزير الخزينة الأمريكي المكلف بإفريقيا والشرق الأوسط إيريك ماير، خلال لقائه، الأربعاء، مع مروان العباسي، محافظ البنك المركزي التونسي، بالعاصمة تونس.

وبحسب بيان للمركزي التونسي، تطرّق اللقاء إلى "مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تعتزم السلطات التونسية وضعها والانطلاق في تنفيذها خلال الأشهر المقبلة، وأهم مستجدات المشاورات مع صندوق النقد الدولي".

وتُجري تونس حاليًا مفاوضات مع "النّقد الدولي" للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار.

وفي هذا الصدد، أكد ماير استعداد بلاده لـ"دعم المساعي التونسية، لاسيما لدى المؤسسات الدولية المالية، مع ضرورة التعجيل باستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتفادي تفاقم الأزمة الاقتصادية في تونس والتي زادتها انعكاسات الجائحة الصحية حدّة وتعقيدا".

** المواقف الخارجية ليست صكوكًا على بياض

ترى الكاتبة الصحفية والمحلّلة في الشأن الاقتصادي جنّات بن عبد الله أن "الموقف الأمريكي في مواصلة التّعاون مع تونس هو موقف إيجابي ويمكن أن يعطي على الأقل ضمانات على مستوى الأسواق المالية العالمية والمستثمرين، على ألا تخرج تونس عن مسارها السّلمي".

وتضيف للأناضول: "الجانبان السياسي والاقتصادي مترابطان، والأزمة السّياسية سيكون لها تأثير على الاقتصاد، خاصة في ظل شحِّ السيولة وحاجة تونس إلى التمويل الخارجي ومواصلة المفاوضات مع صندوق النّقد الدّولي".

وتشير إلى أن "المفاوضات مع النّقد الدّولي تعطلت بسبب عدم الاستقرار السّياسي والحكومي، والجانب التّونسي مدعوٌ اليوم إلى توظيف موقف فتح الأيدي من الجهة الأمريكية التي ستسهل التواصل دوليًا وفي الأسواق المالية الدّولية بالنسبة إلى تونس".

وعن إمكانية وقوع ضغوط أمريكية للعودة إلى المسار الدّيمقراطي، تؤكد المحللة التونسية أنه "يجب عدم الأخذ بالمواقف على أنها صكوكٌ على بياض، فالمواقف تتجدد وتتغير وتتِمُ مراجعتها على ضوء تطور المستجدات في البلاد".

وتضيف: "طالما أن المستجدات في تونس غير مستقرة، وبحكم انتظار تحويرات جديدة أخرى ستصدر عن الرّئاسة التّونسية، يجب التّعامل مع هذه المواقف وردود الفعل الخارجية بكثيرٍ من الحذر".

وتشدد بن عبد الله على أنه "على الجانب التّونسي اليوم توخي الحذر واتباع الحكمة في اتخاذ أي قرار من أي نوع (سياسي أو اقتصادي)، خاصة أن تونس ليست جزيرة منعزلة، بل تنتمي إلى محيط قاري وإقليمي وعربي ودولي، وأيُ تحركٍ يجب أن يأخذ بالاعتبار مصالح تونس مع كل هذه الأطراف".

** الاستقرار الدّاخلي أهم من الضغوط الخارجية

من جانبه، يقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة التّونسية رضا الشكندالي إن "المواقف الخارجية للولايات المتحدة أو غيرها من الدّول تساعد في الخروج من الأزمة السّياسية، لكنها لا تعطلُ ما ستذهب إليه الأمور داخليًا في الأيام القليلة المقبلة".

ويضيف الشكندالي للأناضول أن "الفرق كان واضحًا بين الخطابين الأول والثاني للرئيس التّونسي قيس سعيّد، إذ أعطى في الثاني (الأربعاء)، رسائل طمأنةٍ وشدد على تأمين المسار الدّيمقراطي وحماية مكتسباتها من حرياتٍ وغيرها".

ويضيف: "الحريات والدّيمقراطية سيكونان، كما في أي بلدٍ آخر، من أعمدة التّنمية الاقتصادية، وبالتّالي أعتقد أن الوضع الحالي والإجراءات الاستثنائية الحاصلة مؤخرًا لن تطول، ولا يتطلب الأمر ضغطًا خارجيًا أو مواقف متصلبة من أي جهة خارجية لتغيير الشأن الدّاخلي".

ويشير إلى أن "المهلة المعلنة بشهرٍ (فراغ كرسي رئيس الحكومة، وتجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن النّواب، وترؤس سعيد النّيابة العامة بنفسه)، غالبًا ستتقلص لأقل من المدّة المعلنة لإعطاء رسائل طمأنة للتونسيين في الداخل (الأحزاب والجمعيات والمستثمرين)، قبل الأطراف الخارجية، إلى حين انقشاع الغيوم العابرة وتوضح الرؤية لتونس في المستقبل القريب".

ويقول الشكندالي إن "ما يهم الآن هو الموقف الدّاخلي وضرورة توافق التّونسيين مع بعضهم، على اختلاف توجهاتهم السّياسية والإيديولوجية، قبل التّفكير في المواقف الخارجية. ومن مصلحة هؤلاء اليوم الحفاظ على استقرار البلاد التي مرت بعقد من الزمن في بناء المسار الدّيمقراطي والمؤسسات الدّستورية".

ويستطرد قائلاً: "علينا كتونسيين مواصلة بناء الدولة الدّيمقراطية، بعيدًا من الضجيج السياسي الذي وحده يشوش على بناء اقتصاد قوي، ولا يترك المجال لتوفير أرضية لإنفاذ الاصلاحات الاقتصادية التي تتطلب استقرارًا سياسيًا واستمرارًا في السير باتجاه دولة ديمقراطية، للتمكن حينها من التّفاوض مع صندوق النّقد الدّولي في إطارٍ مطمئنٍ".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın